يوما بعد اخر، تتصاعد وتيرة الاحداث، دون وضوح للضوء في ميناء معروف تقف فيه سفينة العملية السياسية العراقية، ومن جانب اخر، تواجه هذه السفينة هبوب رياح قوية، إقليمية ودولية، ما بين الجوكر الإيراني والاخطبوط الأميركي، والسؤال الى اين تتجه سفينة العراق وما يتوجب على الربان ان يفعل للخروج من ظلمة حالكة الى فضاء منير ؟؟
لذلك على الربان العراقي ان يتعامل مع نتائج تجريم بعض فصائل الحشد الشعبي بهدوء المتحالف في اتفاقية اطار استراتيجي ، دون ان تؤثر على مسارات تشكيل الحكومة المنتظرة، وربما يمكن نصيحة حتى الأطراف المتضررة ، بذات النمط من الهدوء الإعلامي، لكون الاخطبوط الأمريكي يتمسك بفريسته حين تقاوم لكنه يفلتها حين يتعامل معه هكذا فعل رئيس كوريا الشمالية وهكذا فعلت ايران في اتفاقها النووي برعاية أوروبية ، وعليها اليوم ان لا توافق على اشعال نيران مقاومة الاحتلال الأميركي من ذلت الجهات التي ركبت قطار الاحتلال، وان كانت ذاكرة الناخب العراقي مثقوبة، لان أي حرب تحت أي عنوان ضد الوجود الأميركي يعني المضي بتقسيم العراق الى غير رجعة، الا اذا كان ذلك ضمن معطيات الاتفاق الضمني لقرار دمج أحزاب المعارضة العراقية المقيمة في ايران مع المؤتمر الوطني بزعامة الجلبي في مؤتمر لندن وقد حانت قطف رأس العراق لصالح اجندات تلك الأحزاب لا غيرها فتغرق السفينة ما دام لها اكثر من ربان كل منهم يدير دفتها باتجاه مصالح من يمثله من القوى الإقليمية والدولية.
وفي تحليل أسباب هذه النصيحة يمكن القول ، اذا اعتمد المنهج التاريخي في استخلاص الإجابة على السؤال أعلاه، فالمسؤولية واضحة بان كل من جاء على متن القطار الأميركي وهو يحتل وطنهم تحت عنوان عريض لتغيير النظام السابق، ومن قبل ذلك الاتفاق الاستراتيجي الذي وقعه المرحوم احمد جلبي مع الحكومة الإيرانية لفتح مكتبا للمؤتمر الوطني العراقي الممول من قانون تحرير العراق وموافقة خامنئي على مشاركة الأحزاب العراقية الموالية له في اعمال مؤتمر لندن الذي صمم نموذج (مفاسد المحاصصة )برعاية ومن ثم المشاركة في مجلس الحكم وفي كلا الامرين كانت تحت الاحتلال الأميركي ؟؟
ومن بعد ذلك وافق المتصدرون للسلطة من أحزاب المعارضة العراقية وفيهم من يعلن ولائه لطهران ويتعرف بنموذج ولاية الفقيه، على اتفاقيات الاطار الاستراتيجي، الأمنية والاقتصادية والسياسية بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة بموافقة مجلس النواب، وهي اتفاقيات ملزمة لدولتين، لكن اليوم وبعد مسعى الكونغرس الأمريكي تجريم بعض فصائل الحشد الشعبي تحت عناوين ” ممارسة الإرهاب ” تبدو وكأنها خروجا فجا عن هذا الاتفاق، لاسيما وان هذه الفصائل بشكل مباشر او غير مباشر قاتلت كتفا بكتف مع ما يوصف بـ (المستشارين العسكريين الأمريكيين) في ساحة عمليات تحرير الأراضي العراقية المغتصبة من تنظيم داعش الإرهابي ،وقدمت شهداء وجرحى فما حدا مما بدا؟؟
في متابعة للجلسات الحوارية المتلفزة، يتصاعد الخط البياني عند الكثير من المحللين العراقية بشرح تاريخ الولايات المتحدة الأسود وإنها دولة على حافة الانهيار بسبب مديونية ضخمة تصل الى عشرين ترليون دولار فضلا عن المواقف المضادة لسياسات الرئيس ترامب من قبل الاوربيين والصين وروسيا الاتحادية، وكان هذا الكثير الصاخب بكراهيته لواشنطن لم يقدم على متن دباباتها لاحتلال العراق واليوم امام استحقاق استراتيجي تفرضه على العالم تحت عناوين عريضة لجنون الرئيس ترامب ومنهجه الفنطازي في التعامل مع الاخرين.
وهذا نموذج واضح للوقوع في فخ الاواني الامريكية المستطرقة التي تجذب الضحية المفترض الى حيث تريد افتراسه، عندها سيكون على الحكومة تبرير نموذج استعراض يوم القدس برفع الاعلام الإيراني من ذات هذه الفصائل التي أعلن عن تجريمها، فالمعركة ليست بين الحشد الشعبي كمنظومة امنية عراقية والولايات المتحدة، بل بينها وبين إيران، والخروج من تحت المعطف الإيراني الى الفضاء الوطني، المنفذ الوحيد للعملية سياسية في العراق للقفز خارج تصاعد وتنازل معدل القوة في الاواني المستطرقة بين واشنطن وطهران، ولله في خلقه شؤون.