7 مارس، 2024 11:50 م
Search
Close this search box.

اهمية ودور الوضع الثوري في المرحلة الراهنة

Facebook
Twitter
LinkedIn

أعداد وتقديم
د. نجم الدليمي

ان الوضع الثوري- هو الموقف السياسي الموضوعي الذي يسبق الثورة ، وهو دليل على أختمار الظروف الموضوعية لاستيلاء الطبقة الطليعية على السلطة .
يتميز الوضع الثوري بالخصائص الاساسية التالية :
أولا :- ظهور أزمة عامة وشاملة ، تشمل جميع مرافق الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية وحتى أزمة في ميدان الاخلاق للطبقة الحاكمة في إدارة شؤون البلاد ، وضعفها في الاحتفاظ بالسلطة القائمة وهي عاجزة وفاشلة أن تتخذ أجراءات جذرية لمعالجة الازمة التي تعاني منها الطبقة الحاكمة ، ومن نتائج هذه الازمة السخط والتذمر للطبقات والفئات الفقيرة والمضطهدة .
يؤكد لينين أنه لا تكفي ، عادة ، للوضع الثوري
عدم رغبة الاكثرية من الشعب بالعيش على نمط الطريقة القديمة ، بل يتطلب كذلك عجز او عدم امكانية الطبقة الحاكمة بالعيش على نفس الاسلوب المتبع .
ثانيآ :- أشتداد وتفاقم التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية بين الطبقة الظالمة والجماهير المظلومة أكثر من المعتاد ، ويمكن لأشتداد وتفاقم هذه من ان ترتبط بالظلم الاجتماعي وبؤس وفقر الجماهير الكادحة وبتفاقم المشاكل الاقتصادية وحرمان الشغيلة وسائر فئات السكان ، وبالتالي يمكن ان يظهر من الحركة الديمقراطية الجماهيرية مقاومة الاستبداد والطغمة المالية والطفيلية بهدف التحرر السياسي والتحرر الاقتصادي والتخلص من التبعية للغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الامريكية .
ثالثآ :- ازدياد كبير وفعال في النشاط السياسي للطبقات المضطهدة وتحت قيادة حزبها الثوري الذي يسعى الى قيادة الجماهير الكادحة بهدف تقويض سلطة الحكم الحاكمة .
رابعآ :- تفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري بشكل مرعب ، وتنامي معدلات البطالة والفقر وأنحطاط المستوى المعاشي للغالبية العظمى من الشعب ، وتعمق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع لصالح فئة طفيلية محدودة أستحوذت على السلطة والمال وبشكل غير شرعي ، وتدني مستوى الخدمات وأنهيار شبه كامل للقطاعات الانتاجية والخدمية ، وظهور المافيات الاجرامية والمافيات السياسية والتي تنسق هذه المافيات مع بعضها البعض بهدف الاستحواذ على السلطة والمال وحتى في قمع الشعب اذا تطلب الامر من وجهة نظر المافيات السياسية والاجرامية ، وتفاقم هذه الصراع بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بهدف الاستحواذ على مال الشعب من جهة وبين الشعب من جهة اخرى ، كما يتميز الوضع الثوري ايضآ بفقدان الثقة بين الشعب والسلطة ، اي ان الغالبية العظمى للشعب فقد ثقته واحترامه وتاييده للسلطة الحاكمة.
أن هذه العوامل وغيرها تخلق المقدمات المادية والجماهيرية للوضع الثوري الذي يهدف منه تقويض السلطة الحاكمة وانتقالها الى الشعب ، اي قيام سلطة الشعب . أن الاساس العميق لظهور الوضع الثوري ايضاً يكمن في اشتداد التناقض والصراع بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج داخل إسلوب الانتاج السائد سواء كان إسلوب انتاج عبودي ، إنتاج اقطاعي ، إسلوب إنتاج راسمالي .
أن وقت ظهور الوضع الثوري واشكال ووتائر تطوره تتوقف على شبكة معقدة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والطبقية ، وعلى حالة ألة الدولة وعلى قوة الطبقة الثورية وقوة وقناعة وجرأة واقدام القيادة الثورية في استثمار الوضع الثوري من اجل نجاح الثورة الشعبية .
أن الرأسمالية المتوحشة والعدوانية والاجرامية والطفيلية هي التي تنتج وتولد التناقضات والنزاعات والتي تقوم بنسف مرتكزاته وتهيء المقدمات الضرورية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للوضع الثوري .
أن الوضع الثوري يمر بعد ظهوره بعدة مراحل ، ومن السمات الملحوضة للأنفعال الجماهيري البادئ وحتى الازمة العامة التي تتحول الى ثورة . وكلما كانت مرحلة الوضع الثوري أعلى ، كلما إزداد دور العامل الذاتي اي قوة الحزب الثوري ، قوة وأستعداد الجماهير للتضحية وهذا اساساً مرتبط بالقيادة السياسية للحزب الثوري ، هل هي فعلاً وقولاً ثورية وتستغل ، تنتهز الفرصة السانحة لتقويض السلطة الحاكمة ، أم إنها “ثورية” بالكلام و “بالتنظير” وبهذا الخصوص يقول لينين عن الثورة اليوم وليس غداً .
وفي لحظة تفاقم واشتداد التناقضات ، وتفاقم الازمة بكل ابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية يصبح دور العامل الذاتي دوراً هاماً وكبيراً وحاسماً ، أما اذا كانت الطبقة العاملة وحلفائها وحزبها الثوري غير مؤهل للقيام بالثورة ولاسباب متعددة ، فأن الركود سوف يحل محل الوضع الثوري لفترة زمنية معينة وينتهي الوضع الثوري خلال تلك الفترة ، ثم تستمر التناقضات داخل المجتمع الطبقي ثم ينشأ الوضع الثوري مرة اخرى .
أن الكشف عن خصائص / سمات الوضع الثوري المختمر يتسم بأهمية بالغة من أجل وضع إستراتيجية وتكتيك ناجح وسليم وموضوعي للاحزاب المستندة الى نظريتها الثورية النظرية الماركسية – اللينينية ، فطالما لا توجد أية سمات للازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية ، لا يجوز توجيه الطبقات الثورية نحو القيام بالثورة الشعبية والاستيلاء على السلطة.
إن محاولات اسقاط سلطة الطبقة الحاكمة الاستغلالية والمسيطرة خلافاً للموقف السياسي والأقتصادي – الأجتماعي والموضوعي تنتهي بالفشل المؤكد ، ولا تقل خطأ عن ذلك سياسة الانتظار السلبي في ظروف تصاعد ونضوج الوضع الثوري .
أن فن القيادة السياسية يتلخص في ملاحظة بداية التطورات العميقة في الموقف الموضوعي في الوقت المناسب والتعجيل بتطوير وتصعيد الازمة السياسية عن طريق التعبئة الفعالة والنشيطة للجماهير بقيادة الطبقة العاملة وحزبها الثوري .
عند حلول لحظة الانعطاف النوعي- انتقال السلطة كاملة الى الطبقة العاملة وحلفائها ، ولا يمكن اجتياز هذا الحد الفاصل الحاسم إلا في جو النهوض الشعبي الشامل والقادر على قهر مقاومة الطبقة المسيطرة وشل محاولات العنف المسلح من جانبها ، ومهما كانت السمات الخاصة التي يتميز بها شكل الاقتراب والانتقال الى الثورة في هذا البلد او ذلك ، فأن الازمة العامة تسير دوماً لحظة الانعطاف ، أي استيلاء الطبقة العاملة الثورية وحلفائها على السلطة بالكامل ، ونعت لينين هذه الحقيقة بالقانون الاساسي للثورة .
إن من أهم اسباب قيام الثورة الشعبية تكمن بالدرجة الأولى في نضج الظروف الموضوعية ، ونضج وتهيئة العامل الذاتي ، ووجود حزب ثوري من نمط جديد وفي ظل قيادة ثورية مستندة الى نظرية ثورية وهي النظرية الماركسية-اللينينية .
إن المغزى الأممي لثورة أكتوبر في كونه قد برهن على حيوية وقوة الأستراتيجية اللينينية للثورة ، وأنها الحيوية اليوم في جوهرها كما في السابق ، وكما أكد لينين بأن الصراع الطبقي بالذات هو الذي يقرر مسألة أختيار الطريق .
إن تجربة ثورة اكتوبر الأشتراكية العظمى عام 1917 والتراث النظري اللينيني يخدمان اليوم وبأخلاص الأحزاب الشيوعية والحركة العمالية وقوى اليسار العالمية وكل قوى التقدم والتحرر في نظالها المشروع ضد محاولة هيمنة النظام الأمبريالي المتوحش بقيادة الأمبريالية الأميريكية المفرطة في عدوانيتها وأجرامها ووحشيتها .
ان الوضع الثوري في دول المركز وغالبية دول الاطراف ومنذ فترة غير قصيرة متوفر ولكن غياب القيادات الثورية الحاسمة في اللحظة المناسبة وعن حق عندما قال لينين العظيم ان الثورة اليوم وليس امس وليس غداً، هذا هو التقييم العلمي والموضوعي للقيام بالثورة الشعبية، وضع ثوري موجود قيادة ثورية مبدئية ومخلصة وحاسمة وصريحة قولاً وفعلاً موجودة حزب ثوري يعتمد على النظرية الثورية، النظرية الماركسية اللينينية موجودة،، فعندما تتوفر شروط التغيير الثوري من خلال نضج الوضع الموضوعي والذاتي وفي وجود قيادة ثورية مستندة على نظرية تصبح الثورة الشعبية ضرورة موضوعية غير قابلة للتاجيل. ان ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى نموذجاً حيا وملموسا على ذلك.
: ولكن سوف تظهر القيادة الثورية بحكم الصراع الطبقي والايدولوجي والسياسي والاقتصادي.. في المجتمعات الطبقية وسوف يتم التغيير لانه يعد ضرورة موضوعية ملحة، بسبب ان النظام القائم اصبح غير ملائم وفقد دوره اصبح عاملا معرقلا للتطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع ويصبح التغيير ضرورة موضوعية ملحة اليوم. يشير البروفيسور المجري توماس سانتوس الى ان الراسمالية كانت نتيجة مرحلة هامة من العملية التاريخية الموضوعية، وان نشؤها مثل انحطاطها وسقوطها لن يكون مصادفة تاريخية بل ضرورة موضوعية مشتقة من الاتجاهات العامة للتطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع البشري.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب