18 ديسمبر، 2024 11:04 م

“نحن جلبنا النصر …لم يخرج أحد من أبنائكم للدفاع عن محافظاتكم …تحالفتم مع الاعداء وكنتم حواضنا لها بينما تركنا كل شيء خلفنا لحمايتكم من داعش ولولانا لدخلت داعش الى بغداد “…هكذا ابتدأ الشاب حديثه مع زميل له في دائرته فما كان من الاخر الا ان قال له :” نحن نقدر لكم خروجكم للدفاع عن محافظاتنا لكن اغلبنا غلب على أمره …وجدنا انفسنا بغتة تحت رحمة داعش وخرجنا من ديارنا لانلوي على شيء وفقدنا كل شيء ..ارواح واملاك وكرامة ، ولم يكن لدينا ماندافع به عن محافظاتنا بعد ان جردتنا الحكومة من الاسلحة والعتاد وكان همنا الأول وقتها هو حماية عوائلنا ونسائنا من الموت والاهانة ..لن نقع ثانية في الفخ يااخي ولن نصدق سياسيا اوشيخ عشيرة أو رجل دين يلقي بنا الى التهلكة بتحالفه مع قوى الشيطان …”…
تدور مثل هذه النقاشات واخرى اكثر منها تشابكا وتعقيداهذه الايام في كل مكان بين المواطنين العاديين الذين لن يهمهم في النهاية سوى الخلاص من داعش وتحقيق الامان والاستقرار للبلد ، لكن المرحلة الاخطر التي تنتظرنا هي مرحلة مابعد الانتصار على داعش ، والتي تتزامن مع التحضيرات المحمومة للانتخابات ما يستدعي محاولة التشبث بورقة الانتصار تلك كوسيلة لجذب أكبر عدد من الاصوات الانتخابية ..في المرحلة المقبلة سنشهد محاولات لسرقة النصر او نسبه لجهات خارجية وستبدأ المزايدات على من جلب النصر من الفصائل القتالية او الكتل السياسية وقد يحاول كل هؤلاء اهداء النصر لقوات التحالف على اعتبار انها مدت يد العون للعراقيين في حربهم ضد داعش !!
للمواطنين العاديين الذين يناقشون الأحقية في النصر وللكتل السياسية التي يهمها الفوزفي الانتخابات اكثر مما يهمها سلامة الموصل واهلها وتاريخها نقول ان النصر ليس بضاعة للبيع وان من جلب النصر الحقيقي هم الذين استرخصوا دمهم من أجل استرداد قطعة مستلبة من بلدهم وضحوا بارواحهم لاعادة البسمة الى طفل موصلي والكرامة لامرأة موصلية …وللفصائل والقوات المسلحة التي شاركت في تحرير الموصل نقول ان ماقدموه من بطولات سيظل يذكره التاريخ على أن يحفظ كل منهم قيمة الدور الذي قام به الآخرون ولايقلل من شأنه أويجيرالنصر له فقط وان يفكرالجميع واقصد بذلك المواطنين والكتل السياسية والفصائل المسلحة والقوات الامنية في مرحلة البناء التي يجب ان تعقب دحر داعش ،ليس بناء المدن المحررة فقط بل بناء النفوس بدءا باهالي تلك المدن الذين هم بأشد الحاجة الى اعادة تأهيلهم لنسيان شبح داعش والتخلص من آثار افكاره عليهم – وتسليم السيدة الموصلية ابنها المنتمي لداعش الى القوات الامنية في ايسر الموصل خير دليل على ذلك – ثم رجال السياسة لحاجتهم الى التخلص من التناحر والتخاصم والعمل معا باحساس وطني ونوايا سليمة …
ومع مايملأ دواخلنا من فرحة بالنصرعلى داعش ، لايمكن ان نخفي خشيتنا من صراعات جديدة قد تشهدها مرحلة مابعد التحرير ..ولن نحلم حتما ببناء شامل للمدن والنفوس بانتهاء داعش ..لكننا نحاول التذكير فقط ..ان نفعت الذكرى !!