23 ديسمبر، 2024 8:15 ص

انَّها مسؤولية المدير أولاً وأخيراً

انَّها مسؤولية المدير أولاً وأخيراً

ادارة اي مشروع ينتظم في صفوفه جيش من العاملين ليست بالعملية السهلة بل في غاية الصعوبة،ولافرق هنا بين مشروع لصنع الاحذية او المنظفات المنزلية عن مشروع ثقافي او اعلامي،فإلى جانب رأس المال رغم اهميته القصوى،فالمسألة تقتضي وجود شخص يمسك بزمام الادارة تتوفر فيه جملة خصائص،فبالاضافة الى الخبرة والثقافة والمعرفة وسعة الاطلاع،ينبغي ان تكون شخصيته على قدر كبير من الثقة بالنفس والقدرة على التفاعل مع العاملين من الناحية الانسانية،وان لايعاني من شعور بالاحباط والنقص والغيرة من الاخرين،لأن كل ذلك سوف ينعكس على اداء العنصر البشري في المؤسسة،ويطبع مناخها العام بطبع مديرها.
وعلى ذلك لايمكن ان توكل ممهمة المدير الى اي شخص لمجرد انه يحمل شهادة علمية لها ارتباط باختصاص المؤسسة،المسالة تتجاوز ذلك بكثير،لان علم الادارة يعد من احد اهم العلوم الانسانية التي تطورت كثيرا منذ نهاية القرن التاسع عشر مع النمو الاقتصادي السريع للعالم مع مطلع القرن العشرين،ومن هنا ظهرت مناهج مختلفة حول مفهوم الادارة ابرزها : المنهج الكلاسيكي ، المنهج السلوكي ، المنهج الحديث.
اجمالا كل المناهج اهتمت بالطريقة المثلى لانجاز الأعمال في المؤسسات. بمعنى انها اعتمدت مجموعة قواعد ومبادئ علمية غايتها الاساسية تتمحور في كيفية استخدام الموارد بشكل انسب وافضل لاجل الوصول الى اهداف المؤسسة باقل وقتٍ وجهدٍ وكلفة.
بطبيعة الحال جميع المناهج الخاصة بعلم الإدارة قد اجتهد فيها منظروها كل حسب فلسفته،وهذا يعني ان الإدارة ليست قوالب جامدة،انما متجددة في مناهجها واساليبها وتطبيقاتها،خاصة وانها تعتمد على العنصر البشري ، بمعنى ان الادارة حسب مايتفق العاملون في هذا المجال انها “فن إنجاز الأعمال من خلال الآخرين” وهذا يستوجب من صاحب رأس المال ان يفكر طويلا قبل ان يوكل مهمة ادارة مشروعه الى اي شخص،وان يضع في حساباته عدد من النقاط ينبغي ان تتوفر بالشخص الذي سيستلم منصب المدير طالما انه جوهر عمله يتلخص في كيفية استثمار قدرات الاخرين ومهاراتهم لانجاح المشروع،وسيكون مصير هذه المؤسسة الفشل اذا ما كان المدير لاتتوفر فيه الشروط الاتية :
-عندما لايملك اي طموح شخصي لتطوير عمل مؤسسته،ويكتفي فقط بما هو قائم من امكانات .
-عندما لايضع خططا جديدة مع نهاية كل مرحلة من مراحل عمل المؤسسة .
-عندما يتحول العمل في المؤسسة الى روتين،بسبب غياب المتابعة والتشجيع على المبادرة من قبل المدير .
-عندما يكون المدير بعيدا عن العاملين في المؤسسة،ولايتقرب منهم لمعرفة الصعوبات التي يواجهونها في عملهم يوميا،ولايسعى لتذليلها .
-عندما لايحرص على عقد اجتماعات دورية ثابتة المواعيد مع رؤساء الاقسام خلال ايام الاسبوع لمتابعة العمل وسيره .
-عندما لايعير اهمية للاجتماعات الدورية (اليومية والاسبوعية والشهرية) مع رؤساء الاقسام ،باعتبارها واحدة من الادوات الناجحة لمعرفة اوضاع المؤسسة وتطوير اليات وبرامج عملها .
-عندما يفتقر الى المخيلة والمبادرة في تقديم اية افكار وبرامج لتطوير عمل المؤسسة وبرامجها،ويكتفي فقط بالسماع .
-عندما لايتابع العاملين الذين يمتازون بالنشاط والمثابرة ولايثني على جهدهم ولايكافأهم .
-عندما ينحصر كل تفكيره في ان يحسب كل انجاز تحققه المؤسسة لصالحه الشخصي،ويستثمره لتحقيق مكاسب تعود بالنفع له وحده .
-عندما يصر على الغاء دور المستشارين ورؤوساء الاقسام ويحتكر بشخصه مسؤولية ادارة المؤسسة .
-عندما لايمتلك اية مؤهلات ثقافية لادارة المؤسسة من حيث التخطيط والتفكير والتنفيذ ،وهنا لن يجدي نفعا اذا كان يمتلك خبرة تقنية ولايملك وعيا وثقافة تساعده في ان يكون الدماغ الذي يرسم مستقبل المؤسسة .
-عندما يكون المدير منشغلا ومهووسا برغباته وهواياته الشخصية اكثر من ان يفكر في تطوير المؤسسة التي يديرها .
-عندما يقرِّب الى جانبه موظفين فاشلين في عملهم،ولايمتلكون مؤهلات سوى انهم يرفهون عنه .
-عندما يصغي المدير الى وشاية موظفين محدودي الذكاء والمؤهلات بحق زملائهم .
-عندما لايكافىء العاملين الذين يبذلون جهدا مميزا انذاك سيحطم روح المنافسة والمبادرة بينهم ،ويمنح الفرصة للفشلة في ان يكونوا هم النموذج الذي يحتذى به .
هذه الملاحظات اذا ما اجتمعت في شخص من يدير اية مؤسسة فلن يكون مصيرها الا الفشل والانهيار والافلاس،بمعنى ان نجاح اي مشروع يعتمد على شخصية المدير اولا وآخرا ، والعكس صحيح .
وإذا ما دققنا في اسباب فشل معظم المؤسسات سنجد ان الامر يعود برمته الى شخصية المدير،ولايتحمل العاملين اية مسؤولية من جانبهم ، لانهم ليسوا اصحاب قرار في ادارة المشروع ، وبكل الاحوال هم ينفذون سياسة المدير،خاصة اذا لم يكن هناك مجلس استشاري للمؤسسسة،اويكون المجلس موجودا ولكنه معطل من قبل السيد المدير .
ولكي لاتنجرف سفينة المؤسسة الى الغرق في بحر الفشل يجب العمل على ان لايترك المدير مطلق اليد في ادارة المشروع ،وان تحدد صلاحياته، بصلاحيات هيئة او مجلس استشاري يتشكل اعضائه من خبراء وان تعطى الصلاحيات لرؤساء الاقسام من اجل ادارة اقسامهم .
لعل الإدارة اليابانية تعتبر من ابرز واهم المناهج الحديثة في الادارة،إذ تميزت بما يسمى “حلقات الجودة” حيث يشارك جميع الموظفين في حل المشكلات وتقديم المقترحات التي تساعد المؤسسة.وأثبتت المدرسة اليابانية تفوقها على غيرها من المناهج ويعزى اليها نجاح الشركات اليابانية في تحقيق إنتاجية اعلى من الشركات والمؤسسات في اي بلد آخر ولهذا اعتمدتها اغلب الشركات الاميركية .
من المؤكد ان اصحاب رؤوس الاموال يطمحون جميعا الى ان تنجح مشاريعهم ولايخسروا اموالهم واحلامهم ولايتسببوا بكوارث للعاملين المخرطين معهم،وسيكون من المنطقي ان يتأنوا كثيرا في اختيار المدير الذي سيكون مسؤولا عن اموالهم ونجاح احلامهم ومصيرمستخدميكم وعوائلهم .