18 نوفمبر، 2024 3:44 ص
Search
Close this search box.

انهم لا يخافون الله في عليائه….!!

انهم لا يخافون الله في عليائه….!!

اتسمت مرحلة ما بعد سقوط النظام بنوع من التطور السياسي في العراق بصفته التعددية ، وحرية الراي والتعبير، حتى بدت الايام الاولى من عملية الاسقاط  (الفرضي) للنظام ،في عقلية المواطن العراقي المندهش من العملية برمتها ،ان الاحلام الكبيرة التي راوده سنينا  غدت على مسافة قريبه منه ، وان سبل تحقيقها اصبحت امرا واقعا ، وهي تلوح في الافق معبأة بأمل التحقيق خصوصا بعد ان انهالت عليه من كل صوب (أطنانا) من التصريحات (التجارية)  الخارجة من افواه من جاءت بهم قواعد اللعبة الامريكية وعوامل التغيير السياسي في العراق.. وعلى ضوء ذلك بدأ العراقي يحلم ببساطته ويضع الافكار لمستقبله ومستقبل عائلته المنشودة .. وبحجم تلك الاحلام صفق العراقيون لعملية التغيير التي قادها الولايات المتحدة الامريكية ، والتي سقطت بموجبها نظام صدام ،بل واسقطت الذرائع كلها التي وقفت بوجه (دمرقطة) العراق على هذه غرار هذه الديمقراطية التي يشهدها العراقيون منذ عشر سنوات ، التي صوروها لنا بانها اسهل الطرق وأسرعها لإنقاذ أحوالنا المتردية ، وظروف معيشتنا القاسية  التي سببتها قسوة النظام وجبروته و دمويته الخارجة عن التصور ..والتي كانت ولا تزال قدرنا المكتوب وقدر هذا الوطن منذ اول تشكيله على ضوء  اسس ومصالح الدول الكبرى في بدايات القرن الماضي ، الذين  وضعوا في حساباتهم كل ما يعيق عملية بنائه  على اسس ثوابته الوطنية والانسانية.. وتوقيتات زمنية تضمن خلق الفتن وايقاظها بما يتناسب مع مبررات مصالحهم السياسية والاقتصادية في المنطقة…
اذن فحين بارك الشعب العراقي عملية الاطاحة بالنظام كان على أمل ان يتجاوز السياسيون ومن سمح لهم قواعد اللعبة ان يتبؤا اعلى المناصب حدود منافعهم الشخصية ، ويتحولوا الى اداة وطنية خلاقة تدفع الشرور المحدقة بالوطن الى نحور اصحابها . و لا يتجردوا من قيم الانتماء اليه على حساب معاناته الانسانية التي جعل من مواطنيه يعيشون تحت طائل فقر مرير، وارهاب مخيف يحصد بأبنائه دون ضمير ، ولكن بعد عشر سنوات تأكد باليقين ان المواطن في واد مختلف عن طبيعة الوادي الذي يتقاسم السياسيون فيه المسرات والملذات ، وما يصرحون به لم تكن سوى جملة من الخدع السياسية اعتمدوها اساسا للالتفاف على حق المواطن واتخذوها وسيلة لإخفاء ما يدور مضاجعهم من حقائق مرة  وفضائح يخجل المرء من الاشارة اليها ،  وبذلك اصبح المواطن ضحية ألأعبيهم الملتوية التي اهلكت المواطن وتهلكه منذ عشر سنوات ، وغزا الباطل من جرائه كل مؤسسة ومرفق من مرافق الدولة ، بحيث لم نسمع ان وزيرا اعفي من منصبه بسبب الفساد أو ان فلانا احيل الى القضاء لهدره المال العام  وتورطه بالصفقات الوهمية ، التي تجني ثمارها كل المسوؤلين منذ الايام الاولى (للتحرير) كما يزعمونه والى الآن ، ويخالفون الحق بكل معاييره وقيمه ، ولا يخافون الله في عليائه بدليل الالاف من الابرياء الذين يدفعهم الاحقاد والاعراض الشخصية الى اعماق غياهب السجون ، ولا يجدون لمظلوميتهم من ناصر,,!!والمصيبة الكبرى انهم يصورون الباطل أكثر ثمرة من الحق فائدة بين الناس ، وانه أسرع ثمرة التي تنمو وتعلو فوق جبين من يحترف اقتناء سحته الحرام….لذلك نجد المسؤولية عند السياسيين شبيهة بقناع المحجبات عند النساء التي من الصعوبة للمواطن كشف ما يخفيه القناع تحته…!!
ومن جراء ذلك اصبحت الحكومة مشلولة تماما ، لأنها تشكلت وفق المحصصات الطائفية والحزبية ، فكل مسوؤل سياسي تدعي الاحقية له في كل شيء ، حتى تحولت جلسات البرلمان والحكومة معا الى فوضى ، وبسببه لم نجد حلسة من تلك الجلسات حملت معها حلا او معالجة ولو لواحدة من تلك المعضلات السياسية التي تنخر جسد العراق منذ عشر سنوات  ، وفوق هذا وذاك اصبح الجميع عاجزين عن ايجاد لغة بديلة  لما تمرسوا عليه من خدع وكذب ونفاق ، ويجدون في لغة الاستسلام للمنطق انتكاسة لفشلهم الذريع متجاهلين ان من اعظم مكاسب سقوط النظام التي يخص المواطن انه بدأ يتكلم ، ومن يجد القدرة في قلمه يكتب ليكتب دون خوف..
ومن هنا فان التجارب قد تركت لدى المواطن القدرة على التميز ، والرؤية لمعنى المسؤولية ، واصبح لا يمكن أن يخدعه المظاهر هذا الوزير أو ذاك النائب مهما كانت درجة اخفاء شخصيته الحقيقية ، لان المتابع يكاد يجزم ان السياسيين دون استثناء رؤيتهم للمسؤولية واحدة واهدافهم واحدة والنهاية اتي سينهون بها رحلتهم السياسية هي واحدة ، منهم سينتهي على طريقة طارق الهاشمي ، ومنهم على طريقة فلاح السوداني ومنهم من يتجرا لينهي رحلته على طريقة رافع العيساوي وزير المالية الذي دخل على الخط الخطير لكنه سبق المتربصين به بخطوة ذكية.. ليفسح المجال امام من يخشى من ان يتحول الى رقم من ارقام الصراع الدائر بين السياسيين، وبهذا لا نغالي اذا قلنا ان السياسيين في العراق وان كانوا لفترة ما عند حسن الظن  ، كان لهم وجوه مختلفة نجحوا بمكرهم في حمل حقائب وزارية  ، والعضوية في البرلمان فأفسدوا ولم يصلحوا ، لانهم ما كانوا يريدون اصلاحا ، بل استغلال الفرص وجمع الغنائم ، وخلق الفوضى السياسية لضمان تمرير ما يخططون له ، فوجدوا الديمقراطية بانها غير نافعة فاختاروا ما يشبع جشعهم ، وابتكروا من اجل ذلك الطرق والوسائل التي تمكنهم من الوصول الى الغايات والاهداف . ..
ما هو مؤلم بعد عشر سنوات من حكم الطوائف والمذاهب في العراق هو اننا الشعب لم نجد ما كنا نحلم به ،بل وجدنا انفسنا وقد اغرقتنا الوعودات بغية تخديرنا لنبقى مرغمين للقبول بهذا الواقع الاليم الذي ينعش اصحاب النفوذ واسرهم ، فيما يتمزق الاغلبية من ابناء هذا الوطن في ظل تصفية حسابات اقليمية ودولية التي تحولت من جراءها وطننا منتجعا لرجالات مخابراتها ، يسرحون ويمرحون فيه بلا رقيب وحريص ، واذا  بقيت الحالة على  حالها ، سوف لا نفقد وطنا  فحسب بل نبكيه خصوصا حين نجد اشباه من سببوا لنا الخراب والويلات قد اصبحوا شعبا يحملون هويتنا ، ويتكلمون لغتنا رغما من انوفنا ، وهم أعضاؤنا في البرلمان ، وهم الاكثرية ، ونحن الاقلية ،  نتيجة الصمت الذي غدت (قوتنا) ووسيلتنا التي نعبر بها ،  ربما يسألني سائل .. اذن ما هو الحل..؟؟ اقول الذي يفرض الحلول هو الشعب الذي يتمتع بالانتماء على غرار الشعب المصري والتونسي ويرفض ان يرقص على انغام من يدعون النبوة ببضعة شعيرات على وجوههم ، ونصبوا انفسهم حكاما على المغلوبين  ، واحتكروا عقولهم  ويتخيلون نساءهم  سبايا ، في عصر تخطط الشعوب الى بناء مستقبلها على اساس العدالة الاجتماعية .
لذا فلا غرابة في القول الشعب هو المسؤول عن حاكمه وليس العكس ، ومتى ما أحس أي فرد منا بذلك ، بلا شك لا نجد من يقود مركبتنا صوب المجهول ، في وقت ورئيس الحكومة يتوقع ان يشهد البلاد حربا طائفية جراء تشابك الخيوط وسط الاحتجاجات العارمة التي يشهدها العراق ،والمثل الشهير يقول ،كيفما تكونوا يؤول عليكم ……

أحدث المقالات