18 ديسمبر، 2024 8:35 م

انهضي يا بيروت الجريحة من تحت رذاذ الرماد

انهضي يا بيروت الجريحة من تحت رذاذ الرماد

صعقت الكثيرمن القلوب مزلزلة خلال سماعها خبر دوي الأنفجار الهائل الذي هز مدينة بيروت يوم الثلاثاء الدامي … واعلنت عروسة الشرق بالمدينة المنكوبة لشدة الهولة التي تحولت خلالها الى كابوس غطى دولة لبنان بأكـمله، وان ماحصل ماهو الا كارثة بكل المقاييس، الحصيلة الرســمية توضح بأن خسائر الأنفجار قدرت بأكثر من 100 شهيداً واكثر من 4000 جريح ويمكن التكهن بأن الأعداد قابلة للزيادة، وتسبب الأنفجار ايضاً بتدمير مساحة تقدر بــ 15 كلم والتي قد وصلت صداها الى الدولة الجارة قبرص.
تباين الروايات الرسمية والمحلية حول ماهية واسباب هذا الحادث الفاجع ، منها الرواية الرسمية والتي ادعت فيها بان الحادث المأساوي هو حصيلة انفجار الآف الأطنان من احد المواد الكيمياوية المخزنة منذ فترة طويلة في احد المستودعات الكبيرة في مرفأ بيروت، وروايات عدة متضاربة فيما بينها اعتماداً على مصادرها المتباينة سياسياً وطائفياً.
نود التنويه هنا بأن هذه المجزرة جاءت في مرحلة صعبة يعيشها الشعب اللبناني الشقيق، حيث تظهر الوقائع بأن حكومة حسان دياب ، بقيت مترنحة طول فترة الخمس ألأشهر منذ استلامها رئاسة الوزراء، حيث فشلت في تحقيق برنامج الأصلاحات الموعود به، ولم تخطو خطوة أصلاح واحدة للأمام ، بالعكس اتسمت بالتراجع وتعيش اليوم أسوأ ايامها من خلال عجزها الدائم في صد حالة التدهور الكبيرة التي يمر بها لبنان ، كما هو واضح للجميع فأن التظاهرات والأعتصمامات مازالت مستمرة، كذلك الأرتفاع الفاحش في الأسعار وبالأخص المواد الأستهلاكية ، يقابله سوء الأدارة والخدمات، والذي القى بظلاله على مؤسسات الدولة التي انهارت الكثير منها وصرف خلالها الآلاف من الموظفين ، والأنكى من ذلك هو الأنهيار الأقتصادي الذي تسبب في ارتفاع جنوني لقيمة الدولار مقابل الليرة اللينانية والذي وصل الدولار الواحد الى 10.000 ليرة لبنانية في السوق السوداء، بعد ان كان 1.500 قبل الأزمة. حيث تحاول الدولة اللبنانية التعويل على مفاوضاتها المستمرة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض مالية من اجل تخليصها من هذه الأزمة الأقتصادية، ولكن بدون جدوى والأسباب عديدة ، منها هناك أزمة علاقة حقيقية مابين المكونات السياسية اللبنانية، ومن ثم سيطرت المافيات الحزبية الطائفية على جميع مفاصل الدولة وتسخيرها لصالح حزبها، تفشي الفساد في بدن ومفاصل الدولة ، والأهم من هذا هوالعامل الخارجي الذي لايعول او يدعم هذا النموذج من السلطة المغاير للمقاسات التي يرغبها ، لذلك كان جواب صندوق النقد الدولي واضح عندما رد عليهم بأن(بدون أصلاحات ليس هناك اي مال) .
الحقيقة هذا الأنفجار الهائل الذي ضرب قلب بيروت النابض له تداعياته الخطيرة والتي يمكن ان يستخدمها البعض من التيارات السياسية ورقة يلعب بها من اجل الهروب الى الأمام والأستمرا بالسلطة ومن ثم خلط الأوراق وخاصة ان لبنان مقبل على ابواب جلسة المحكمة الجنائية الدولية المزمع عقدها في الأيام القادمة وتحديداً في السابع من آب لعام 2020، للنطق في قرار حكمها النهائي حول ملف اغتيال الرئيس الحريري .
في هذه المرحلة الحساسة وجب على جميع القوى السياسية استخدام منطق العقل والحكمة في تهدئة الأموروعدم جر الكتل المتباينة عقائدياً وفكرياً الى التطاحن الداخلي والذي يجر البلاد الى ويلات اخرى، ومن ثم وجب على الشعب اللبناني بكافة تلاوينه الطائفية ، أن يعي خطورة المرحلة الحالية وخاصة ما أولت اليه هذه الضربة من تداعيات خطيرة والمطلوب منه التثبت والتآني وعدم التسارع في اطلاق الأتهامات ومن ثم الأنزلاق في فخ المشاعر والعواطف الجياشة، والتي بدوره سوف يجر البلد لاسمح الله الى الأقتتال الداخلي وهذه بحد ذاته هو الهدف المنشود لبعض القوى السياسية والتي تحاول التربص والهروب من المسؤلية ثم بسط سيطرتها على اللعبة السياسية .. وكما هو معلوم بأن الشعب اللبناني وعلى مر العقود كانت ارادته صلبة وقوية ضد جميع الأزمات التي عصفت به، لذلك سوف يبقى لبنان حراً شامخاً بجماله الثقافي والفني وسوف يبزغ من جديد وينبعث محلقا ً كالطائر العنقاء من تحت الرماد .