لعل من اجمل ماسطر الكاتب والشاعر العراقي المعروف جميل شيخو جملته الشهيرة بأنه ” كثيرا مايتستر الجهل بالعلم والحماقة بالحكمة .. ويتستر كل شيء بضده” .. الجهل ايها السادة مرض خطير يودي باصحابه الى الهاوية .. لا بل قد يجر بلدان بالكامل الى تلك الهاوية اذا ما سيطر الجاهلون فيه على مفاصل مهمة في الدولة.
ولعل الخبر الذي قرأته في احدى وكالات الانباء والذي استوقفني كثيراً له ارتباط وثيق بما اسلف من معلومات حول الجهل وتمكن الجهال من التحكم بمفاصل عمل المؤسسات الحكومية اي كانت خدمية ام ادارية.
وعنوان الخبر المطروح للنقاش اليوم يتمثل بكون اعداد امانة بغداد مشروع خدمي لمياه المجاري – اجلكم الله – من شأنه أن يخدم اربعة ملايين مواطن في حال انجازه فضلا عن انه سيحل مشكلة الفيضانات في حال حدوثها.. ولغاية الان لايوجد اي غرابة في خبر كهذا بل على العكس قد ينظر اليه بأنه مشروع مهم يصب في صالح المواطن الا ان اختيار الامانة لاسم المشروع والذي اطلقت عليه “مشروع الخنساء لمياه المجاري” يدل على جهل كبير واسفاف في اختيار مسميات في غير محلها.
الخنساء ايها السادة هي تماضر بنت عمرو السلمية حفيدة امرؤ القيس ومن سادات وأشراف العرب وملوك قبيلة بني سليم، فكيف ارتضى لنفسه من سمى مشروعاً لمياه الصرف الصحي والمجاري ان يرتبط اسم مثل هكذا صحابية جليلة بمشروع من هذا النوع؟
ما استوقفني طويلاً في هذا الخبر هو الى اين يتجه بلد مثل العراق كان سباقاً في العلم والمعرفة في كل نواح الحياة والذي لايتمكن اليوم من اختيار مسميات لن يكون لها التأثير الكبير على سير عمل مشاريع كهذه.. الا اني لا اجد افضل من قول شاعرنا الكبير ابو الطيب المتنبي والذي قال في الجهال: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله … و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم.