بإستثناء او ما عدا ما كُتبَ عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من مئات المقالات والبحوث والكتب وبعدة لغات , فلم يحظَ اي رئيس او زعيم عربي سابق بالكتابة عنه , مثلما جرى ومابرحَ ممّا يُكتب عن الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم , والمفارقة ذات العلامة الفارقة أن لايزال المجتمع العراقي منقسم على نفسه في نظرته وتقييمه لتلك الثورة \ الإنقلاب وخصوصا الى الراحل عبد الكريم قاسم بالرغم من مرور 65 عاماً على زوال ذلك ” النظام ” , ولذلك الإنقسام اكثر من سببٍ قد لا يتُاح المجال هنا للتعرّض اليها , سيّما وبشكلٍ خاص تجنّبنا قدر الإمكان من عدم اعادة كتابة او نشرما كٌتبَ وما كتبناه سابقاً بهذا الشأن .
بإختزالٍ مُركّزْ فلولا أنّ الوصيّ على العرش الأمير عبد الأله اعطى اوامره لقوات الحرس الملكي < المجهّزة بأحدث الأسلحة الغربية > بعدم المقاومة وعدم اطلاق النار بتاتاً على القوة الصغيرة المهاجمة للقصر ( وربما يعود ذلك على خشيته من تعرّض النساء والأطفال داخل القصر الملكي , وكذلك لإفتقاده للشجاعة والجرأة بشكلٍ قاطع ) وكذلك انضمام العقيد ” طه البامرني ” قائد الحرس الملكي بالوكالة الى ضباط الثورة الجديدة بعد وقتٍ قصيرٍ للغاية من انطلاقها , فما كان لأنقلاب \ ثورة تموز ان تنجح , وكان يمكن سحقها لو قاومت قوات الحرس الملكي وفتحت النار لدقائق .! ونقول لدقائق لأنّ جنود ” السريّة ” التي هاجمت القصر الملكي , كان كلّ واحدٍ منهم يحمل خمسة رصاصات فقط , كان قد جرى تهريبها سرّاً .! وهنا تبرز مغامرة العقيد الركن عبد السلام عارف الذي قاد الحركة بهذه الكمية من الإطلاقات ! , وسنشير الى مؤدّى ذلك ادناه , علماً وكما معروف فإنّ مهاجمة هذه ” السرّية ” كان من دون ايّ اسنادٍ من الطيران ومن المدفعية .!
من المفارقات الستراتيجية الأخرى أنّ الأستخبارات العسكرية ومديرية الأمن العامة وكذلك استخبارات الحرس الملكي كانت قد رفعت تقارير دقيقة جداً عن هذه ” الحركة ” المتوقعة وبأسماء ضباطها وقادتها , لكنّ القصر الملكي والوصي عبد الأله كانوا قد وضعوا مركز الثقل في ثقتهم العمياء برئيس اركان الجيش الفريق رفيق عارف الذي كان متواطئاً الى درجةٍ عالية مع ” الثوّار ” وكان ينفي ويكذّب تقارير الأجهزة الأمنية بالكامل , والأنكى أنّ الملك حسن الراحل قد اتصل هاتفياً بالقصر الملكي بالعراق وابلغه بتفاصيل ” الحركة ” القادمة , فأرسلوا له الفريق رفيق عارف ليفنّد معلومات الملك الأردني .! , ايضاً رئيس المخابرات الأيرانية قد ارسل صحفياً سورياً ” يرتبط بعلاقةٍ خاصةٍ معه ” الى الوصي عبد الأله الذي كان في رحلةٍ بحرية في مضيق البوسفور بتركيا قبل فترة وجيزة جداً من ” الحركة ” يطلب منه إخراج الملك فيصل الثاني من العراق لأنّ الأمور محسومة ومنتهية في الإطاحة بنظام الحكم الملكي , لكنّ الأمير عبد الأله لم يأخذ بذلك على محمل الجد .!
وبذي صلةٍ مما مضى وانقضى ومقدماته التي آلت الى ما وصلت اليه الأمور .! فكان ما يلفت انتباه كبار القادة وضباط الأركان في وزارة الدفاع العراقية ” قبل شهورٍ واسابيعٍ من 14 تموز ” أنّ العقيد عبد السلام عارف الذي كان بمنصب آمر فوج ” كان يأتي ويلتقي لمرّاتٍ عدة برئيس اركان الجيش الفريق رفيق عارف ولعدة ساعاتٍ في المرة الواحدة .! وهذا محال او شبه محال في التقاليد العسكرية العراقية ان يجتمع ضابط بهذه الرتبة مع اعلى قائدٍ عسكريٍ في الدولة .! وهنا تلتف علائم الأستفهام حول نفسها تجاه هذا المشهد لذي لم يسبقه ايّ مشهدٍ من قبل .!
في يوم 14 تموز ايضاً , ذهبت مفرزة عسكرية الى منزل رئيس اركان الجيش ” مرتدياً بزّته العسكرية واخبرهم أنه بأنتظارهم ! , لكنّ المفرزة اعتقلته واحالته الى المحكمة العسكرية العليا ” بغرض وبهدف التمويه على دوره في إنجاح حركة الأنقلاب – الثورة ” وتمّ الأفراج عنه , وأبى الفريق رفيق عارف الذي توفّي عام 1966 من كتابة مذكراته .!
الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم وبقدر ما معروفٌ عنه بنزاهته ووطنيته , إنّما لو كان يدري بأنّه سيغدو اوّل مَن سيفتتح ثقافة العنف وبوابة الدم في العراق , فما ورّطَ نفسه في تلك ” الحركة ” , وملا تسببّ في إعدام نفسه من قِبل الثوار المفترضين .!