قد تكون السياسات الخاطئة للحكومة التركية اوصلت البلاد الى اضطراب امني وتفجيرات شهدتها مدن مختلفة وارتفاع مستوى المواجهة العسكرية مع الحالة الكردية . ويمكن لها تراكمت وشكّلت حالة اعتراضية داخل المؤسسة العسكرية لدى مجموعة من الضباط الذين رأوا أنه قد يكون الوقت مناسباَ او فيه ضرورة للتعبير عن الاعتراض والغضب بالقيام بالحركة الانقلابية .كما يمكن للسياسة الخارجية التي انتهجتها السلطة قد دفعت بعض الدول للضلوع في المساهمة في التحرك لدعم الانقلاب ومن هنا كانت التظاهرات والافراح عمت الشوارع في سوريا ومصر والانشراح في بلدان اخرى لأسباب كثيرة، من بينها معاداة أردوغان وسياساته، أو كراهية التيارات والقوى الدينية اليمينية المتطرفة وعدم الرضاء عن تنظيم الإخوان المسلمين، أو لأن سياسيات أردوغان تعادي سياسات هذا النظام العربي أو ذاك او لدول اقليمية . ويقف وراءها، اوأنها “عملية مزيفة”ولكن بعد ساعات من محاولة الانقلاب، وعودة أردوغان، انقلب الحال تماما، إذ بدأت دول وقيادات في المنطقة في الإعلان عن فرحتها بعودة “الشرعية” و”الديمقراطية” في تركيا .
المشهد العام المرعب في تركيا لاينفي من ان اردوغان مصاب بالهوس السياسي والرغبة في الانتقام والتوجهات السياسي وسوف يستغل الانقلاب لتنفيذ مخطط اعده مسبقا، وهو تصفية جميع من لا يثق بولائهم الكامل داخل حزبه وخارجه، واقامة دولته الخاصة، ووفق مقاسات طموحاته الواسعة ، فهو يريد جيشا اردوغانيا يتبعه شخصيا، وليس جيشا لتركيا.. وبرلمان موالي له، لا اكراد فيه، ولا معارضة (وقد سبق ان طالب برفع الحصانة البرلمانية عن 138 نائبا كمقدمة لمحاكمتهم بتهمة الارهاب).وهناك انقسام حقيقي ليس فقط في مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات السيادية (جيش وشرطة وخارجية ومخابرات)، بل وأيضا في صفوف الشعب الذي ينقسم عمليا بعمق، سواء مع أردوغان او ضده أو من خلال قضايا مصيرية أخرى، مثل الملف الكردي والتوجهات العلمانية للبلاد وتحول تركيا إلى دولة يمينية دينية متطرفة تستقطب شتى التنظيمات والجماعات، وتبدد ثروتها الوطنية على مغامرات محفوفة بالمخاطر.كما فعلت في سورية والعراق في دعم الحركات الارهابية.الحديث عن نظريات كثيرة ومتنوعة ولكن أهمها هي أن أردوغان اكتشف تكتل بعض الجنرالات والضباط الكبار، الذين كانوا يعرفون أنه سيتم عزلهم في نهاية الصيف، وقرر أن يُعطيهم فرصة للوقوع في الفخ. تمكن أردوغان، وفقًا لادعاء منتقديه ومن يعتمدون هذه النظرية من خلال هذه الخدعة . وقد بدأ إجراءاته بحصد 9 الاف شخص عسكري ومدني بمنجله السلطاني منهم 300 ضابط من هم في رتب كبيرة ومراتب بدرجات مختلفة و توقيف أكثر من 8 آلاف شرطي باتهامهم بالتورط بمحاولة الانقلاب وإزاحة 2،745 قاضيا ومدعي عام من مراكزهم و مناصبهم وعزل وتصفية الالاف من موظفي الدولة شملت موظفين كبار وصغارفي مختلف المؤسسات الحكومية وحتى معلمي المدارس الاهلية وتُشير إلى أن حكومة أنقرة كانت لديها قوائم جاهزة اعدة مُسبقًا. كما ادعى كثيرون، منذ ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ، وتشمل مختلف طبقا ت الشعب ، مما يزيد الشك من أن السلطات التركية هي التي دبّرت محاولة الانقلاب لتعزيز سلطتها أكثر فأكثر. ربما يدور الحديث عن خدعة مُخطط تم اعدادها وتم التخطيط لها ، برئاسة الرئيس أردوغان، وطُرح الكثير من التساؤلات التي بقيت من دون إجابات في هذه المرحلة ومن غير المتوقع أن تحظى بإجابات في المستقبل أيضا: ومنها هل كانت هناك محاولة حقيقية برئاسة الانقلابيين لتغيير القيادة الحالية؟ من الذي كان سيحل مكان أردوغان؟ لم تكن هناك أي خطة للسيطرة على الوسائل الإعلامية ولا لتجنيد الجماهير. من الذي دعى أعضاء البرلمان التركي إلى اجتماع ليلي طارىْ يوم الجمعة ؟ وأظهرت الصور التي بثتها السلطات لحظة تفجير البرلمان أن أعضاء البرلمان كانوا غارقين في نقاش ليلي طويل. بعد مهاجمة مبنى البرلمان بالقذائف ، كان يُفترض أن تلحق به أضرار جسيمة ، إلا أنه في اليوم التالي لم تكن قد تبقت ذرة غبار واحدة على منصة الخطابات . يقول مؤيدو نظرية المؤامرة أيضًا إن أردوغان كان يعرف أن ذلك التحرك كان يُفترض أن يبدأ باعتقاله من الفندق، الذي كان ينزل فيه في مرمرة – ربما حتى عرف التوقيت الدقيق لذلك أيضا. وقد تمكن من الهرب في الوقت المناسب وترك الانقلابيين يُفجرون الفندق فوق رؤوس نزلائه المرعوبين.
نظرية المؤامرة تعتبر ان محاولة الانقلاب مزيفة ومن تخطيط أردوغان نفسه والذي وصفها حين عودته في مطار اسطنبول بالهبة من الله، متهما الاسلامي فتح الله غولن المنفي الى الولايات المتحدة والتي وصفته بقائد الانقلاب ،والجماعة نفت أن تكون قد شاركت في الانقلاب، وقالت مجموعة موالية لها إن محاولة الانقلاب “غريبة ومثيرة للاهتمام” لكنها رفضت الاعتداء على الديمقراطية، معربة عن مخاوفها من تعرض حركتها لهجمات تصفية ، وقد وعد أردوغان مناصريه الذين احتشدوا لاستقباله في مطار اسطنبول، بتطهير الجيش من الخونة الذين سيدفعون الثمن غاليا لخيانتهم، ولكن يظهر انه سوف يطهر جميع اركان الحكومة الغير موالين له ، ورأى بعض المحللين ان ربما يدعو أردوغان الى انتخابات برلمانية مبكرة لتعزيز أكثرية حزب العدالة والتنمية في البرلمان والتي فشل في تحقيقها في الانتخابات الأخيرة، فيعدل الدستور وبذلك يكون حقق أردوغان حلمه بتحويل النظام التركي من برلماني الى رئاسي، ليتفرد بحكم تركيا وحده من دون شراكة.خلاصة القول ان تركيا تنحدر بقوة نحو الفوضى وعدم الاستقرار، والايام المقبلة قد تكون الاخطر في تاريخها الحديث .حتى في العلاقات الدولية وقد تمثلت فعلاً تمثلت في تدهور علاقة الرئيس اردوغان مع حلفائه وشركائه في حلف الناتو، او بالاحرى، ازدادت توترا، خاصة مع الادارة الامريكة اذا ما لم تستجب لطلبه بتسليم خصمه المقيم فيها الداعية فتح الله غولن، واعترضت على حملات التطهير التي يمارسها في الجيش، وسلك القضاء، والمؤسسات الامنية، وطالبته على لسان وزير خارجيتها جون كيري باحترام المؤسسات الديمقراطية ودولة القانون. وحذرت الأمم المتحدة، من أن احترام الحقوق الأساسية كحرية التعبير وإجراء محاكمات عادلة، أمر ضروري للحفاظ على الديمقراطية في تركيا.
وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية فى الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، إن على تركيا الإلتزام بالميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان بموجب عضويتها فى مجلس أوروبا، مشددة على أن تركيا لا يمكنها الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي حال عودة العمل بعقوبة الاعدام التي من المؤمل تقديم طلب من اردوغان للبرلمان للعمل به من جديد.و دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى عودة سريعة وسلمية للسلطة المدنية فى أنقرة، كما أكددت الأمم المتحدة مجددا معارضتها لعقوبة الإعدام، مشددة على أن الدول التي ألغتها “لايمكنها العودة إلى الوراء”.كل هذه الدعوات قد تدفع أنقرة إلى انتهاج سياسة خارجية أكثر واقعية وأقل حدة بعيدا عن التموضع كرأس حربة، ورفع يدها عن دعم الفوضى في المنطقة بعد ان كانت اللاعب الاساسي فيه . ولتأمن غضب القارة الأوروبية المكلومة بهجمات إرهابية متكررة.