كثيرا ما سمعنا أو قرئنا عن القصة التي تقول أن شخصا رأى الشاعر (ابو نؤاس) يمشي في الطريق وهو يأكل ومظهره غير منضبط ، فأوقفه واستهجن حاله وقال له : ما لك تمشي وأنت على هذه الهيئة ؟فاستغرب الشاعر الكبير استهجان الرجل ، فقال الرجل مصرا : كيف تمشي على هذه الهيئة في الطريق وبين كل هؤلاء البشر ، وأنت من أنت ؟! فقال النواسي : إنني لا أرى سوى البقر !
رد الرجل : كل هؤلاء الناس والرجال ولا ترى سوى البقر ؟!!!
قال النواسي : هل أثبت لك أن هؤلاء بقر وليسوا بشرا ؟!
فقال الرجل : هات ما عندك يا ماجن .
عندها صعد ” أبو النواس ” إلى ربوة وراح يخطب في الناس : أيها الناس ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ( ص ) أنه قال : من وصل لسانه أرنبة أنفه ، دخل الجنة . فراح الجميع يحاول لعق أرنبة أنفه بلسانه ، في حركة تشبه حركة البقرة .. عندها التفت أبو النواس إلى الرجل قائلا له : ألم أقل لك أن هؤلاء بقر وليسوا بشر !!انتهت القصة وحقيقة وقد يشاركنا البعض أنني كنت اعتقد أنها قصة من نسج الخيال لا تتعدى كونها قصة في الموروث الأدبي ولكن عندما طالعتنا صحيفة بابل التي كان يترأسها ابن الطاغية المقبور عدي وهي تنشر خبر فقدان البطاقة التموينية له وأخذت الناس تتناقل هذا الخبر تيقنت أن القصة حقيقية وان الناس في القصة الأولى هم نفسهم في القصة الثانية ولكن الذي آلمني واحرق قلبي وجعلني أتصاغر أمام نفسي هو ما رأيته في الليلة السابقة في برنامج أستوديو الساعة التاسعة الذي تبذه قناة البغدادية وهو مقطع يظهر فيه دولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي في لقاء مع قناة فضائية وأثناء اللقاء ينقطع التيار الكهربائي فيتساءل مقدم البرنامج عن السبب فيقول له رئيس الوزراء اعتقد أن المولدة عاطلة!!! ثم يرجع التيار الكهربائي وتنتهي القصة . ان هذه القصة يمكن أن نعلق عليها ببعض الآراء وهي :
1. لدي صديق وضعه المادي ميسور نوعا ما في بيته مولدة كهربائية تشتغل اتوماتيكيا عند انطفاء التيار الكهربائي مباشرة واعتقد ان جميع المولدات الحديثة تعمل بهذا النظام أفلا يستطيع دولة رئيس الوزراء ان يشتري مولدة لبيته تعمل مباشرة عند انقطاع الكهرباء .
2. المفروض أن يكون بيت رئيس الوزراء بيت فخم وكبير وفيه أثاث فاخر وأجهزة كهربائية كثيرة لذلك فاعتقد أن المولدة التي يجب أن تستخدم في البيت ان تكون ذات امبيرية عالية جدا وهذا يعني أنها حديثة وحديثة جدا ومن الصعوبة عطلها كذلك أن تشتغل بعد ثواني من انقطاع الكهرباء الوطنية .
3. مادام هناك لقاء تلفزيوني مع دولة رئيس الكهرباء وكل العراقيين يعرفون الأوقات التي تنطفئ بها الكهرباء والتي تعود فيها فلماذا لم يقم المسئولون عن الخدمة في البيت بتشغيل المولدة سلفا والاستغناء عن الكهرباء الوطنية حتى لا يحدث ما حدث في البرنامج .
4. كان بالإمكان الاتصال بالمسئولين عن السيطرة في كهرباء بغداد أو لا اقل في المنطقة التي بها بيت رئيس الوزراء بان يقوموا بتمديد فترة بقاء الكهرباء الوطنية لنصف ساعة عن الموعد المقرر خدمة لرئيس الوزراء .
5. اعتقد أن اللقاء كان مسجل ولم يكن مباشرة فكان بالإمكان اقتطاع هذا الجزء الذي تنطفئ به الكهرباء حتى لا تثير هذه الحالة بعض التساؤلات والاستغراب .
إذن اعتقد أن هناك سببان رئيسيان لظهور هذا المقطع وهما :
الأول. أن هناك خطأ وعدم تقدير للعواقب بحيث أراد دولة رئيس الوزراء أن يبين الشعب انه يعيش كعيشتهم في السراء والضراء ولم يجد غير هذه الطريقة وهي خاطئة ولم تحسب بالدقة .
الثاني: انه يتعامل مع الشعب العراقي على أنهم من الصنف الذي وصفهم به الشاعر (ابو نواس) في القصة التي أوردتها في بداية المقال وعندها فإننا نطالب دولة رئيس الوزراء ومن خلال موقع (كتابات) بالاعتذار فلسنا سذجا إلى هذه الدرجة يا دولة رئيس الوزراء وإذا كان هناك في العراق من تعتقد انه يصدق ذلك المقطع فهم قلة وهم همج رعاع ينعقون مع كل ناعق ويميلون مع كل ريح وهم مثلما صفقوا للطاغية الهدام جاءوا ليصفقوا لك وسيصفقون لغيرك وانا لله وإنا إليه راجعون .