23 ديسمبر، 2024 2:13 ص

انقسام فيسبوكي عراقي بشأن العقوبات

انقسام فيسبوكي عراقي بشأن العقوبات

يتفق معي العقلاء بأن إسلوب الحصار هو أحد ادوات الحرب النفسية التي تشنها الولايات المتحدة الامريكية ضد خصومها، وهو أسلوب يستهدف الشعب أولا وربما لا ينجح في تحقيق أهدافه كلها، لكنه يدمر البنى التحتية ويسهم في تقويض النمو ويزيد من نسبة البطالة ويدفع الشعب للانتفاض على حكومته وهو المنتهى الذي تنتظره الولايات المتحدة من الوضع في إيران، والشعب العراقي يعرف أكثر من غيره حجم تأثير الحصار على مجمل الحياة لأنه عانى من حصار دام لأكثر من اثنتي عشرة سنة، والأغرب أن دعاة الحصار على الشعب العراقي إبان حكم الطاغية لم يفكروا بمصلحة الشعب العراقي وطالبوا التحالف الدولي آنذاك بتشديد الحصار على الشعب العراقي، واليوم هم من أكثر الذين يعارضون الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة الامريكة على الجمهورية الإسلامية، ومع دخول الحصار حيز التنفيذ حتى أنقسم الشعب العراقي الفيسبوكي على ثلاثة أقسام بين مؤيد ومعارض ومحايد، وكان للعاطفة والمذهب والموقف دوراَ في تبني وجهة من دون آخرى، فالذين يمثلون وجهة النظر الأولى المعارضة للحصار: هم السياسيون المدعومون من إيران وقد أعلنوا صراحة بأنهم ضد الحصار، وانتقدوا رئيس الوزراء لأنه أكد في تصريح له: أنه سيلتزم بالحصار حفاظاً على مصالح الشعب العراقي لكنه يرفضه إخلاقيا، وهم يدعون العبادي إلى الوقوف مع الجمهورية الإسلامية بغض النظر عن النتائج السلبية التي سيلحقها هذا الموقف بالاقتصاد العراقي بدءاً من توقف شراء النفط وتجميد الاصول المالية ومنع استيراد الأسلحة وإيقاف الدعم الإممي والأمريكي للأموال العراقية في الخارج ودعم إعادة المناطق المتازع عليها الغنية بالنفط إلى سلطة الإقليم وصولاً إلى خلق بيئة صراع وفقدان أمن على مستوى البلد كله، في حين يرى أصحاب وجهة النظر الثانية بضروة التزام العراق التزاما دقيقاً بالحصار لأجل مصلحة شعبه ويبررون ذلك بأنه ليس صحيحاً أن يتحمل العراق العقوبات على إيران وهو في أمس الحاجة للدعم الدولي لاسيّما أن الشركات الكبرى العاملة في العراق قد التزمت في تطبيق الحصار وسحبت مواقعها في إيران، وبذلك لو خالف العراق هذا الأمر فأن هذه الشركات ستنسحب هي الأخرى من العراق ومما ينعكس ذلك صرف الرواتب لملايين الموظفين في الحكومة العراقية وتوقفها وعجز تام سيصيب الإدارة الحكومية، وفي ظل الفوضى المتوقعة قد يتسبب ذلك في تطور الأوضاع إلى فوضى عارمة تصيب الشارع العراقي ليس من السهولة السيطرة عليها، في حين يذهب أصحاب الرأي الثالث إلى ضرورة الاعتدال بالتعبير عن وجهة نظرهم القائمة على رفضهم الحصار كونه مرفوض إنسانيا لكن على الحكومة التعامل معه بما يحفظ وضع العراق اقتصاديا.

لابد أن أشير إلى أن ايران بلد مؤسساتي يعمل بما تمليه مصلحته وعلى سبيل المثال حين تعاقدت مع وزارة الكهرباء وضع شرطاً مهما في العقد ينص: لو تعارض تجهيز العراق بالطاقة الكهربائية مع حاجة ايران المحلية فأنها ستوقف إمداد العراق بالكهرباء، وفي الجانب الآخر وافق العراق على شرط إيران الذي ينص: يلتزم العراق بشراء الكهرباء طول السنة مادامت إيران لديها القدرة على ذلك بغض النظر عن حاجة العراق لكهرباء، والمعروف أن حاجة العراق للكهرباء تنحصر في خمسة شهور فقط لكن علينا شراء الكهرباء من إيران حتى لو اقتضى إطفاء المحطات المحلية، وهنا نرى كيف تفكر إيران بمصلحتها وكيف يفكر الآخرون بمصلحة جيوبهم وكيف يفكر الناس بمنطق الدين والمذهب ولا يفكرون بمنطق العقل ومصلحة شعبوهم ويبدو هناك من يسعى لتوريط الشعب العراقي بحصار أخر مدمر تضامناً مع الجارة إيران.