الحملة الإعلامية – السياسية التي شنّتها دول الناتو وغير الناتو , اثارت دهشة الرأي العام في معظم مجتمعات تلك الدول اولاً , ولدى الشعوب الأخرى , ولعلّ اولى علائم ذلك الإندهاش هو التزامن والتوقيت الموحّد في توجيه وتسديد النبال النقدية ضد الرئيس بوتين , لإتخاذه قراراً بأجراء تعبئةٍ جزئية تستدعي تجنيد نحو 300 000 من المواطين الروس الى الخدمة في القوات المسلحة , وهو اجراء اكثر من طبيعي , حيث كلا طرفي اي حرب او معركة يتحملان خسائر في الأرواح البشرية , ولابد من حتمية تعويضهاً , ثمّ انّ تطوّر المعارك عبر وصول الأسلحة الذكية الأمريكية وسواها والفائقة الدقّة , يفرض على موسكو اجراءاتٍ استباقية لمواجهة احتمالات توسيع رقعة الحرب كميّاً ونوعيّاً , وبما يتناسب مع مساحة روسيا البالغة 17. 1 مليون كيلومتر مربع , حيث تغطي نسبة 8 \ 1 من مساحة الأرض المأهولة بالسكان في العالم . وهذا يفرض سد ايّ ثغراتٍ محتملة او غير مُحكمة التحصين قد تتسلل منها قوات كوماندوز او عملية انزال خلف الخطوط < وهذا ما حدث بالفعل لفريق SAS الكوماندوز البريطاني الذي جرى انزاله خلف خطوط الجيش العراقي في حرب عام 1991 في الصحراء الغربية للبحث عن منصات صواريخ سكود وتدميرها , لكنّهم وقعوا تحت نيران كمائن عسكرية عراقية وقُتلوا جميعاً , وبأعتراف توني بلير امام عدد من حاخامات اليهود > . مسألة انزال فرق من القوات الخاصة من الجو او التسلل الى عمق اراضي العدو هي مسألة تقليدية جدا منذ الحرب العالمية الثانية والحروب التي اعقبتها كحرب فيتنام كأنموذج .
ثمّ , بعيداً وابتعاداً عن هذا الإسترسال , فإنّ اكثر ما اثارَ واستفزّ جنرالات الناتو وساسة الغرب من التعبئة الجزئية الروسية ” ووفق الحسابات التجريدية العسكرية فإنّما يكمن ” على الأقل ” ان تمسك قوات التعبئة الجديدة الأرض في مناطقٍ محاذية او مواجهة لجبهة المعارك بدلاً من القوات النظامية الروسية الحالية , لتتولّى هذه القوات مهمّاتٍ حربية جديدة داخل العمق الأوكراني او فتح محاور قتال جديدة لم تكن ضمن خطط العمليات الروسية في كلا الجانبين الستراتيجي والتكتيكي لغاية الآن ..
تجدر الإشارة هنا أنّ القادة العسكريين لجيوش الناتو يدركون مسبقاً أنّ ايّ ارقامٍ واعداد لمن يجري استدعائهم للتعبئة او الإنضمام الى الجيش , فهي اقلّ بكثير من العدد الفعلي المطلوب .! , وهنالك وسائل خاصة لإستدعاء الإحتياط في بعض الدول ودونما كشفٍ لأعدادها ” وتنفرد اسرائيل بتفوّق على غيرها من الدول في ذلك , وتساعد الرموز في اللغة العبرية على تشديد الكتمان في هذا الشأن ” .!
بعودةٍ اخرى من زاويةٍ اخرى لردود الأفعال الغربية الموحدة تجاه الإجراء الروسي , وبما يجرّد قادة تلك الدول ممّا يرتدوه في جعابهم الفكرية والنفسية وربما سواها .! في ادّعاءاتهم عن تجاوز موسكو للمواثيق الدولية .! في استدعاء الأحتياط والتعبئة , فهو تصريح مستشار الرئاسة الأوكرانية السيد ” ميخايلو بودولياك ” بقوله : – < إنّ التعبئة الروسية كانت متوقّعة > .! علامَ وإلامَ لم يخبر السيد المستشار حلفاءه الغربيين بذلك .! ولعلّهم لم يكونوا على درايةٍ مسبقةٍ بذلك .! , إنّه الإستخفاف بالرأي العام لشعوبهم قبل غيرها من الأمم !
هذه ال Media Campain – الحملة الإعلامية الغربية التي تداخلت وتشاركت في تصنيعها وتركيبها رؤى الساسة والعسكر من الأمريكان ودول حلف الناتو , فلا تلبث أن تتلاشى وتتطاير مفرداتها خلال ال 48 ساعة القادمة او اقلّ , فإنها تفقد وتفتقد مبرراتها المسوّغة .!