23 ديسمبر، 2024 6:55 ص

انفصال الاكراد …أول اختبار لاجتياز العراق مرحلة عدم التوازن السياسي‎

انفصال الاكراد …أول اختبار لاجتياز العراق مرحلة عدم التوازن السياسي‎

•  ان ما يجري في العراق هو جراء السياسة الخاطئة لرئيس الوزراء الاتحادي نوري المالكي،
• قوات البيشمركة لن تنسحب من كركوك وباقي المناطق الكوردستانية خارج ادارة الاقليم
• على البرلمان الإستعداد لتنظيم استفتاء على استقلال كوردستان،  وتشريع قوانينه الخاصة.
• اقترح عليكم الاستعجال في المصادقة على قانون تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لكردستان لان هذه هي الخطوة الاولى وثانيا اجراء الاستعدادات للبدء بتنظيم استفتاء حول حق تقرير المصير
هذا ابرز ما قاله مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان العراق في برلمان كوردستان وفي جلسة استثنائية استضافته ليلقي كلمة عن تطورات الأوضاع في اقليم كوردستان والعراق.. الجلسة بدءت علنية لتتحول الى مغلقة بعد ان تم التصويت بالاغلبية (77 صوت) وتم التشدد على عدم بث الجلسة عن طريق وسائل الاعلام .
ازاء كل إشكالية أو أزمة سياسية بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة اقليم كردستان، تتعإلى الاصوات بالانفصال، فالخطاب الكردي اخذ في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق الحديث انعطافة حادة نحو التصعيد والتأزم  ومهاجمة بضراوة حكومة بغداد مع اتهامها بدفع الأكراد إلى إعلان دولتهم المستقلة، ويتبارى الطرفان في كيل الاتهامات لبعضهما إلى حد التخوين وتفجير الخلافات على أسس قومية.
 
اندفاع القيادات الكردية نحو اعلان الانفصال ليس بالدليل ان يكون هو ذاته توجه الشعب الكردي فقد قال البروفسور الكردي عز الدين مصطفى رسول إن القادة الأكراد لا يمثلون أنفسهم، بل يمثلون الشعب الكردي، “واذا ما ارادوا الانفصال فلن يكون إلا بطلب من الشعب، والانفصال هذا مرهون بالظروف العالمية التي لا نعرف ما الذي ستكون عليه”.
واضاف: “لا أحد يدعو إلى الانفصال، وقد قالها الزعيم الكردي جلال طالباني بصراحة، ولكن اذا الشعب اراد شيئًا فهذا لا يمكن رفضه، ومن حق الشعب الكردي أن يقرر البقاء أو الانفصال. كما أنهم غير مسؤولين عما يحدث شمن ازمات مع الحكومة المركزية في بغداد، .
وهنالك من يرفض الانفصال ولا يؤيده كما هو رأي الشاعر الكردي عبد الرزاق بيمار: “لا أؤيد الانفصال أو من يدعو له، وهؤلاء الذين يتبخترون بشعارات ثورية يجب أن يكفوا عن ذلك، وفي الاعلام الكردي اقوال وادعاءات غير واقعية، لهذا السبب أدعو الجماهير الكردية إلى الالتزام بالاخوة الصادقة، فأنا افضل العيش في عراق اتحادي فيدرالي أفضل مما استسيغ العيش منفصلًا، لهذا السبب لا اعتقد أن السياسيين الكبار يدعون إلى الانفصال، حتى أن مسعود البرزاني والاحزاب الكردية مع الاتحاد في عراق واحد موحد”.
اذا ما الذي يدفع الساسة في الشمال الى التلويح باقامة دولة كردية مستقلة واعلان حق تقرير المصير كلما طفت على الساحة فرصة لذلك وتحاول ان تغتنم اي حالة من الارباك السياسي او الامني .
محللون سياسيون ومختصون لخصوا تلك الدوافع حسب وجهة نظرهم :
اولى تلك الدوافع سياسية : فالحرب السياسية و الميدانية شبه المعلنة التي تدور رحاها بين الشيعة و السنة، و التي يقوم الأكراد بتسعير نارها، تـُضعـِفُ الطرفين في مقابل ازدياد النفوذ الكردي. وهذا كان جلياً إبـّان  الكثير من المواقف الكردية والممارسات التي امتدت طوال العشر سنوات الماضية . ما أدى إلى تضخم الكتلة الكردية و لينجح الأكراد بالفعل في أن يصبحوا الرابح الأكبر بعد إضعافهم لبقية مكونات الشعب العراقي التي كانت تنافسهم.
و الدافع الثاني للممارسات الكردية هو اقتصادي، حيث يؤدي الوضع الأمني السيئ و المتداعي إلى هروب العراقيين والتجائهم إلى المناطق الأكثر أمناً ( وإقليم شمال العراق للحقيقة هو من أكثر المناطق أمناً في العراق ) وبذلك يحصل الإقليم على أيدي عاملة رخيصة يستفاد منها في عمليات البناء و الاعمار والتحديث الجارية هناك على قدم و ساق. هذا من جهة، و من جهة أخرى فان الشركات والمؤسسات الاقتصادية العربية والدولية التي أرادت الاستثمار في العراق، ليست بالسذاجة التي تجعلها تضخ رؤوس أموالها في مشاريع اقتصادية لمناطق مهدّدة أمنياً. فهي منطقياً ستبحث عن المدن الأكثر استقراراً وبالتالي فان إقليم الشمال العراقي سيصبح الملاذ الآمن والجامع لرؤوس الأموال العربية و العالمية.
وهناك أسباب و دوافع أخرى للممارسات الكردية في العراق يمكن إيجازها في قضايا تتعلق برغبة الأكراد بإضعاف الحكومة المركزية في بغداد لتكون حكومة الإقليم القوية هي الواجهة السياسية التي تمثل العراق، وبالتالي هي المؤهلة لفتح قنوات الحوار مع الأمريكيين و الأوروبيين و العالم في كل ما يتعلق بالعراق، و هو يفسر تشبث الأكراد بمنصبي وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية، وهما الموقعان اللذان يتيحان للأكراد الاتصال بقادة دول العالم وطرح مشروعهم الانفصالي حتى لو اضطرهم الأمر إلى تقديم الكثير الكثير من التنازلات، فهذا كله يصب في خانة تحقيق الهدف الأكبر وهو تأمين غطاء دولي وتأييد إقليمي لحلم الانفصال القديم، رغم أن المناخات السياسية عراقياً و إقليميا ودوليا لا تحتمل فكرة إقامة كيان كردي مستقل فالمشروع يلقى معارضة من قبل دول الجوار الجغرافي للعراق حيث تعتبره كل من تركيا وسوريا وإيران خطاً أحمرَ لا يمكن تجاوزه. وهو يلقى معارضة عربية وأوروبية معلنة في هذه المرحلة على الأقل.
فمسألة الاستقلال ليست جديدة في ذهن وتفكير وممارسات القيادات الكردية، هي حلم قديم تم السعي لتحقيقه في فترات سابقة، ومن أجله أقامت هذه القيادات شبكة من العلاقات المتناقضة شملت إيران الشاه وإسرائيل والإتحاد السوفيتي، وتمت مراهنات خاسرة على هذه الدول لعلها توفر لها الدعم الذي تحتاجه لتحقيق الاستقلال، وبالمقابل كانت العوامل الإقليمية تقف عائقاً دون تحقيق هذا الحلم، خصوصاً في الدول التي يتواجد الأكراد فيها وخاصة العراق وسوريا وإيران وتركيا، إذ أن هذه الدول كانت ترى في النزعات الاستقلالية الكردية التي كانت تعبّر عنها حركات التمرد المسلحة خطراً يهدد وحدتها الإقليمية.
لا شك أن هذه القضية تمثل مفصلا مهما في تحديد مستقبل العراق الواحد، كونها أول اختبار حقيقي لاجتياز العراق لمرحلة عدم التوازن السياسي، كما أن احتمالات فصل كركوك عن بقية الجسد العراقي من شأنها فتح باب التوترات والانقسامات في الداخل العراقي. فهل ينجح الساسة في تحمل مسؤوليتهم التاريخية واتخاذ قرارات مهمة وشجاعة في تفويت الفرصة على أصحاب الأجندات باستغلال الأزمات لتحقيق مآربهم، وعدم الوقوع في فخ الفوضى الهدامة، وتحقيق مصلحة العراق، والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة على العراق وشعبه وبناء مستقبله الزاهر.؟؟ اسئلة لا بد ان تتجلى اجاباتها بوضوح الايام القادمة الحبلى بالكثير من الهموم الوطنية.