سيقرا احفادنا ذات يوم ان الاسلام الشيعي ” باحزابه الدعوية والمليشياوية” جوع اجدادهم ومنع عنهم لقمة العيش وسط صمت مطبق من رجال دينه ومراجعه …
لسنا بصدد الحديث عن الخلاف السياسي والقانوني بين بغداد واربيل حولبنود الموازنة الاتحادية كي نثبت بطلان توجهات بغداد حيال موظفي اقليم كوردستان , فهذه مهمة الجهات الرسمية في الطرفين , لكن ما يهمنا هو ما يعانيه المواطن الكوردي من ممارسات بغداد تجاهه , والتي حولته الى درع بشري في صراعه السياسي مع اقليم كوردستان , وهو ما لا يختلف عن ممارسات نظام صدام حسين ثمانينات القرن الماضي . فعندما فشل صدام في القضاء على الثورة الكوردية , بدا بمحاربة الثورة الكوردية من خلالمواطني كوردستان , وارتكب بحقه ابشع الجرائم من قتل وتهجير وتجويع , وهونفس ما تقوم به بغداد الان ازاء مواطني اقليم كوردستان وان اختلفت الطريقة ,فبعد ان فشلت في الحد من التقدم الذي يشهده الاقليم في مجمل نواحي الحياة , بدات ومنذ عشر سنوات باستهداف المدنيين في الاقليم بحصارهم وتجويعهم من خلال قطع رواتبهم , مستفيدة من سيطرتها على مؤسسات الدولةالاتحادية التشريعية منها والتنفيذية والامنية وحتى القضائية , فطوعتالقانون كما تشتهي, وصدرت القرارات ضد كوردستان كما تشتهي , وتهدد كوردستان كما تشتهي ,وتؤول بنود الدستور والاتفاقيات والموازنة كيفما تشتهي , ومعروف مقدرة الاسلاميين وخبرتهم في تاويل النصوص والكلماتوتحريفها عن معانيها.
هناك العديد من المحافظات العراقية العربية السنية والشيعية تعتبر عالة ” اقتصاديا” على الدولة العراقية , فهي محافظات مستهلكة لا ترفد الخزينة الاتحادية باية واردات , رغم ذلك تصلها حصتها من الموازنة الاتحادية دون نقص سواء التشغيلية منها اوالاستثمارية , ويحصل موظفيها على رواتبهم بالكامل شهريا… فلماذا يتم قطع رواتب موظفي اقليم كوردستان وكل نفطه الان تحت سيطرة بغداد تتصرف فيه كما تشاء؟
وقد يقول قائل ان تسويق نفط الاقليم لم يُستانف لغاية الان , الا ان الاقليم ليس مسؤولا عن عدم استئنافه , فقرار استئناف التصدير هو في يد حكومة بغداد التي يمكن ان تسوق نفط الاقليم عبر اي خط بديل , او تسوقه للسوق المحلية , وهو ما يتم تنفيذه في الوقت الحالي.
بمعنى اخر ان بغداد تتصرف بنفط الاقليم وتوزع وارداته على سكان جميعمحافظات العراق باستثناء اقليم كوردستان . هل هناك ادل من هذا ليثبت النظرة الشوفينية لمن يحكمون بغداد تجاه مواطني الاقليم وحكومته.
لقد حاول السوداني في بداية ولايته تسويق نفسه كشخصية مستقلة بعيدة عن تاثيرات الاطراف السياسية والدول الاقليمية , لكن يبدو انه فشل بالاونة الاخيرة في الحفاظ على حياديته واستقلالية قراره , وفي الوقوف ضد التنصل عن الاتفاقيات التي كانت هي نفسها سبب وجوده على سدة الحكم . وما ذكره قبل ايام في مؤتمر صحفي مع بعض الصحفيين هو اغرب ما يمكن سماعه من رئيس وزراء حينما قال ” لا يوجد في الموازنة الاتحادية بند تحت عنوان رواتب موظفي اقليم كوردستان” , فكلامه هذا يشير الى “المناطقية” التي بدا يعاني منها في نظرته السياسية , وكانه مسؤول عن المواطن في “عربستان“ العراقفقط وليس كل العراق . لو ان حديث السوداني كان صحيحا فعلى اي اساس “سلف” اقليم كوردستان 500 مليار دينار؟ ” وهو المبلغ الذي رفضه اقليم كوردستان”
كنت وما ازال اؤمن بان محاولات الاقليم في تطبيع علاقته مع بغداد لن تجدي نفعا , فمن يحكمون بغداد الان لا يحترمون اتفاقياتهم وتعهداتهم , وليسوا برجال دولة خاصة دولة اتحادية , فهم وان كانوا معارضين لنظام البعث , الا ان الفكر التسلطي والدكتاتوري لا يزالان يعشعشان في اذهانهم , وينتظروناليوم الذي ينهون فيه كل مقومات الدولة الاتحادية , ويحولوا العراق من جديد الى دولة مركزية دكتاتورية , لن تكون دكتاتورية فردية هذه المرة كما كان عليه الحال مع نظام صدام حسين , بل دكتاتورية “مكون” يسيطر على كل مقومات الدولة , لذلك فاننا نرى ان كل الزيارات التي تقوم بها وفود كوردستان الى بغداد لم ولن تجدي نفعا ولن يصلوا الى نتائج مرضية معها لحل المشاكل .
عندما اقرت الامم المتحدة نظام النفط مقابل الغذاء تسعينات القرن الماضي مع نظام صدام حسين , كانت رواتب موظفي كوردستان تقطع من واردات تلك الاتفاقية وتعطى لكوردستان ليتم توزيعها على موظفيها , رغم ان كوردستان حينها لم تكن اقليما مثلما هي عليه الان . قبما اننا في الوقت الحالي لا يمكن اعتبار النظام المالي العراقي نظاما مستقلا , وبما ان بغداد لا تنزل لمنطق الحكمة وترفض منح موظفي الاقليم رواتبهم , فيمكن العودة الى نفس النظام في ان تشرف الامم المتحدة والمجتمع الدولي على الواردات النفطية العراقية وتقوم بقطع حصة رواتب موظفي كوردستان من اموال البترودولار العراقية في البنوك الدولية , لكي تنتهي عمليات الانفال الجديدة ضد مواطني اقليم كوردستان والتي بدات منذ عشر سنوات ولغاية يومنا هذا .