19 ديسمبر، 2024 12:42 ص

انعقاد المؤتمر الوطني..إعادة حسابات المحاصصة

انعقاد المؤتمر الوطني..إعادة حسابات المحاصصة

جاءت بشائر الخير في يوم السيادة الوطنية مغبرة,حملت معها ملفات خطيرة ,كانت مركونة على الرفوف لزمن طويل(ويبدوا إن هناك المزيد منها),وأبقت الباب مفتوحا لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية ,لتعمل بتعداد نفوس احدى قرى العراق أو ناحية(خمسة عشر ألف موظف).
أخذت قضية النائب اللاجئ في شمالنا العزيز(الهاشمي)منحا غريبا,وأعطيت مساحة واسعة في صراع الكتل السياسية, المنهمكة في قضية الامتيازات, الممهدة لطريق الاستئثار بإحدى أطراف دفة الحكم وقيادة الدولة(كتل الرئاسات الثلاث),
مع إن الأمر أصبح في يد القضاء,وعملية أو إشكالية التشكيك بنزاهته وتسييسه لجهة معينة,لأتسقط سلطته وولايته القضائية والقانونية في ملاحقة المتهمين داخل حدود الأراضي العراقية,
(دول عديدة يشكك المتهمون بنزاهة القضاة عندهم,تحت ذرائع التمييز العنصري أو السياسي أو بدوافع مادية (الرشوة)ولكنها لا تنفي سيادة السلطة القضائية بأكملها ,ويمكنها أن تستأنف الأحكام وترد من خلال المحامين على أية أحكام مشوشة وخارجة عن السياقات القانونية المعتادة),
ولهذا يتفق اغلب أبناء الشعب العراقي ونخبه الواعية بأن قضية الهاشمي يجب أن تبتعد عن الخلافات السياسية,وتمتنع الكتل البرلمانية الكبيرة عن اللعب بتلك الورقة لترفع من مكانتها الجماهيرية أو لتسقيط الآخرين,
(لقد وقعت القائمة العراقية في خطأ فادح سبب لها شبه الانهيار الكامل….لأنها لم تقف موقف الحياد من قضية الهاشمي وانحدرت إلى الهاوية..إضافة إلى فضيحة ورقة الاستنجاد الموقعة بأحد الأسماء المزورة على الأقل السيد النجيفي استعمل اسمه بشكل غير قانوني لرسالة تحمل طابع الخطاب الرسمي الموجه لدولة اجنبية),
لتجنب إشاعة الفوضى السياسية داخل الشارع العراقي المتوتر(بعدة أزمات اجتماعية ومادية واقتصادية),والعمل على إعادة بناء البلد بطريقة حضارية حديثة,خالية من ثقافة الإقصاء والتهميش والعنف الطائفي والأثني والاجتماعي.
الشارع العراقي يسأل عن جدوى المؤتمر الوطني,وقد كتبت وثائق الاتفاقات والمحاصصة (الدستور)النخب والأحزاب والكتل نفسها, التي تشترك في صناعة القرار السياسي الرسمي الحالي,
هل بقي شيئا خارج إطار المحاصصة ترومون إعادة توزيعه,لقد حملتم منذ ولاية السيد بريمر (الحاكم المدني) قوائم التعيين,فذهبت لجانكم إلى جميع محافظات العراق(الشرطة-الجيش-مجالس البلدية والمحافظات-وظائف الدولة الأخرى)
باحثة عن المحسوبيات والاعتبارات الفئوية (العائلية والعشائرية والحزبية),ثم جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية(قوائم مغلقة وشبه مفتوحة),وقبل أن يسطع ضوء الشمس فوق قبة البرلمان,خرجت لنا قوانين رواتب الرئاسات الثلاث وأعضاء البرلمان,ثم البحث عن أقصى آلية خارجة عن الأعراف القانونية البرلمانية,لتشريع قوانين الامتيازات والمنافع الاجتماعية والرواتب التقاعدية الكبيرة,واستمرت رحلة توزيع المناصب الوزارية والدرجات الخاصة
(المدراء العامين والوكلاء والسفراء والقناصل والمستشارين للرئاسات الثلاث,والقادة العسكريين والأمنيين,الخ.) إلى يومنا هذا,
وكأنها عملية سطو سياسي من قبل البعض على جميع مناصب الدولة,دون الرجوع إلى إرادة الجماهير الراغبة برؤية الكفاءات والطاقات الوطنية(المتواجدة في الداخل والخارج) كي تعمل بمهنية عالية في المراكز الحكومية كافة,لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها وأجهزتها ودوائرها المتعددة,
ماذا بقي من  وظائف الدولة,حتى صرنا بحاجة إلى مؤتمر وطني موسع!
لعلها رؤية جديدة تبحث في آلية توزيع المكاسب بعد انسحاب الاحتلال الأمريكي
(تشريع قانون النفط والغاز الملائم للرغبات الفئوية,توزيع الثروات بعيدا عن أعين الشعب,تطبيق المبدأ الشعبي المعروف اطمر لي اطمر(طم) إليك,وتوسيع قاعدة قانون العفو عن المزورين والمختلسين,السكوت عن المجرمين وحرق ملفات الفساد المالي والإداري,إيقاف العمل بقانون 4 إرهاب,فساد البطاقة التموينية,الخ.)
إن الشعب العراقي يتطلع لمزيد من المواقف الحكومية الوطنية الشجاعة ,التي يمكن لها أن تتصدى لآفة الإرهاب والفساد المالي والإداري,وفتح أبواب الوزارات والهيئات الحكومية والمستقلة, والمراكز الأمنية ومجالس المحافظات أمام أبناء الشعب,لتستقبل شكواهم ومقترحاتهم واحتياجاتهم وتوصياتهم,
تعزيزا لدور المواطن في تفعيل الممارسة الديمقراطية,وزيادة الوعي الجماهيري المشارك فعليا في صناعة القرار السياسي المحلي والمركزي,والامتناع عن لغة المهادنة والتبسيط للاتهامات الإجرامية الخطيرة التي تخص بعض المتهمين من أصحاب المناصب والدرجات الوظيفية العليا.
إن كان المؤتمر على شاكلة المؤتمرات السابقة(مؤتمر اربيل),فلا جدوى من انعقاده,الشارع لايحتاج إلى ندوات ولقاءات خارجة عن السياقات السياسية المعتمدة منذ تشكل حكومة المحاصصة,نحن ألان بأمس الحاجة لمعرفة ثمرات يوم السيادة الوطنية,وجس نبض الحركات والمليشيات النائمة,وقدرة الجماعات الإرهابية على شن هجماتها والعبث بأمن المواطن,ومدى جاهزية قواتنا الأمنية الشجاعة في إدارة  الملف الأمني والعسكري ,وتطوير ضرباتها الاستباقية لأوكار الجريمة,ثم بعدها تأتي الحسابات الشخصية والاعتبارات السياسية.
إن الواجب الأخلاقي والشرعي والوطني يحتم على جميع العراقيين,أن يمارسوا دورهم الحيوي في حماية بلدهم من تبعات الانسحاب الأمريكي,ومن الآثار الجانبية الناتجة عن الأزمات وردات الفعل المخربة ,التي قد تصدر من بعض الأطراف الخاسرة في العملية السياسية,الراغبة بتغيير خارطة الواقع السياسي الجديد,لأسباب خارجية أو طائفية,
لكي يبقى جدار الديمقراطية أقوى من كل تلك الخزعبلات الهامشية المرفوضة من الشارع العراقي بأكمله.

[email protected]