23 ديسمبر، 2024 1:00 م

انظمتنا التعليمية في عصر العلم

انظمتنا التعليمية في عصر العلم

لا يستقيم الظل والعود اعوج
((علينا ان نعلم انه بدون تطوير نظامنا التعليمي لن نجد مكانا لنا تحت الشمس)) هذه العبارة رددها كثيرا العالم المصري احمد زويل الحائز على نوبل في الكيمياء هذا الرجل درس في جامعات مصر ونشأ في كنف النظام التعليمي المصري الذي يؤمن بمجانية التعليم وهذه المجانية جعلته يفتقر الى تحقيق التوازن بين متطلبات السوق وبين ما يتعلمه المتعلمون وهنا وصفة الكارثة فلا المجانية تجعل الطالب يكترث للمقررات ولا غياب التخصصات المطلوبة في السوق يجعل الطالب يفكر في عمل غير القطاعات الحكومية التي دائما ما تتواجد فيها مظاهر البطالة المقنعة بأبهى صورها.. ان الفارق الذي حصل مع زويل هو بحصوله على منحة لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا وهنا حدث التغيير حيث فوجئ بنوعية النظام التعليمي المتبع في الجامعات الاميركية والذي يؤسس لقاعدة علمية رصينة يعزو اليها كل انجازات الولايات المتحدة في مختلف المجالات ,,
 ان عملية انتقال المعلومة  يجب ان يصاحبها دراية في الكيفية التي يتم بها نقل المعلومة والغرض الاساسي من نقل المعلومة  حتى لايكون التعليم مجرد اضاعة للوقت والجهد فلا يخفى على احد ظاهرة اعتلال عملية التعليم في بلداننا العربية  بكافة مراحله بصورة عامة ورتابة أساليبه وعدم ارتقائه للمستوى المطلوب الذي يؤهله في إنتاج طبقة طلابية منتجة فعالة مواكبة للحداثة متعلمة ومعلمة في الوقت ذاته وفشله في  ضمان الامداد المضطرد للعلماء والمهن ذات الصلة بالعلم  والتي التي هي وظيفة التعليم الاساسية ..         
ان جميع نظمنا التعليمية تعاني من انعدام الفلسفة التعليمية الواضحة وبالتالي عدم وضوح الغايات والأهداف التي ترسم خريطة المعادلة التعليمية كما ان اهمال تدريس نظريتي المعرفة والتفكير في كافة المقررات الدراسية وبالإضافة إلى لغة التعليم المتعالية ادى الى عدم إحداث التغيير المطلوب وبالنتيجة أصبح التعليم قوالب جاهزة مجرد 4+4=8 والعراق بلد الرافدين ولماذا سميت المعلقات بالمعلقات,وعاصمة كذا هي كذا لذلك أنحصر دور الطلاب في الحفظ والتذكر وإعادة الجمل التي سمعوها دون أن يتعمقوا في مضمونها بحيث يعيدون إنتاج المعرفة فنحن نغفل فكرة ان العقل ليس مجرد مخزن للحقائق بقدر ما هو الأداة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن نصل للحقيقة ,,ولا يرتجى من هذا النوع من التعليم التلقيني سوى تعويد الطلاب أسلوب التذكر الميكانيكي لمحتوى الدرس وتحويلهم إلى آنية فارغة يصب فيها المعلم كلماته ,وكلما كان المعلم قادرا على القيام بهذه المهمة كان ذلك دليلا على كفاءته وكلما كانت الأواني قادرة على القيام بهذه المهمة كان دليلا على امتياز الطلاب وهكذا أصبح التعليم ضربا من ضروب الإيداع تحول بموجبه الطلاب إلى بنوك يقوم الأساتذة فيه بدور المودعين فلم يعد الأستاذ وسيلة من وسائل المعرفة والاتصال بل أصبح مصدر بيانات ومودع معلومات ينتظره الطلاب بفارغ الصبر ليتذكروا ما قاله بالأمس ليعيدوه اليوم على مسامعه وعلى أية حال فهذا هو حال مؤسساتنا التعليمية التي فوق هذا كله تفضي إلى استئصال التلقائية وإحلال مشاعر وأفكار ورغبات مفروضة على الأفعال النفسية الأصيلة  ومع هذه الصفات وغيرها لا يمكن أن تتوقع طفرة في نوعية المستوى العام للمتعلمين…                            
 هناك مقولة شائعة مفادها(ان الخريج حلال مشاكل وليس حلال مسائل) لان المتخرج قد يعيش حياته كلها دون ان يصادفه شيء مما تعلمه لماذا ؟ لان ماتعلمه لم يعد من ضمن متطلبات سوق العمل علما ان اكثر الخريجين لايعودون الى الجامعات بل ينطلقون الى سوق العمل لذلك نفهم ان جامعة مثل اكسفورد البريطانية تتعامل مع الطالب المستجد منذ شهوره الاولى في الجامعة كما لو انها مسؤولة عن ضمان مستقبله المهني وتربطه على نحواستباقي بسوق العمل وتعمل على تهيئةالدخول اليه بكل الوسائل..
 
 ان صناعة الانسان الناجح هي ارقى واعظم ما قد تقوم به أي دولة او مؤسسة لانها صناعة استراتيجية ان تجاهلتها اليوم عانيت من غيابها غدا فلا يستقيم امر امة بدون ان يكون العلم هو قاعدتها الصلبة التي تقف عليها والا فانها لن تجد مكانا تقف عليه لا تحت الشمس ولا تحت الضل في عصر سمي بعصر  العلم والمعلومات والبقاء فيه اصبح للاعلم ثم الاعلم  طوبى لاصحاب العلم..