يروى ان احد ولاة الدولة العثمانية لبغداد المنكوبة بتاريخها الطويل بالولاة الاغبياء والطغاة الذين لم يجلبوا لها الا الويلات والدمار يقال ان هذا الوالي دخل الى الخلوة اجلكم الله فشاهد الصراصر الحمراء ( مردان ) كما يسميه العراقيون معشعشا فيها فشغل فكره بها وهو المكان المناسب لامثاله في ادارة شؤون الولاية , وحدث نفسه اذا كانت هذه المخلوقات في هذا المكان هذا شكلها فكيف ستكون لو عاشت في بيئة نظيفة ونقية وجميلة فقرر في نفسه ان تنقل هذه الحشرات وتوضع على الزهور في الحدائق ليرى ما ستكون عليه وفعلا خرج على الحاشية وطلب منهم جمع هذه الصراصر ووضعها على شتلات الزهور البهية وعطورها الزكية , قال له القوم يا السيد الوالي ان هذه الصراصر معتادة على هذه البيئة ولا تعيش في غير بيئتها , احتد وتعصب وقال ينفذ الامر فورا اضطر القوم الى رفع تلك الصراصر ووضعها في الحديقة كما اراد الوالي , في اليوم التالي خرج الوالي الى الحديقة ليرى كيف اصبح شكل تلك الصراصر بعد ان وضعت على الزهور فوجدها قد استلقت على ظهورها في ارض الحديقة بلا حركة قال لمن يحيط به ما الذي حصل لها ؟ قال له القوم باشا قلنا لك هذه متعودة على ذاك المكان … قال ما الحل حتى تعود لها الحياة قالوا له تعاد الى ذلك المكان الذي كانت فيه وفعلا تم نقلها الى المكان الذي كانت فيه وما هي الى برهة الا وبدأت تستعيد عافيتها وتتحرك اجنحتها كما هو معهود بها … البعض ممن يسمونهم بشر لايستطيع ان يعيش الا في الضحالة ولقد شاهدنا وسمعنا ان مثل هذه الزمر الانتهازية والمتخلفة والطفيلية لا تستطيع ان تعيش الا عيشة تلك الصراصر الحمراء وفي نفس البيئة الحقيرة ويحدثنا التاريخ عن هؤلاء في تاريخ العراق حينما احتل من قبل الفرس او الاتراك او المغول والحكام المعاصرين في الدولة العراقية الحديثة منذ عام 1925 ولغاية الان الا فترات قصيرة كان الحاكم العادل فيها مظلوما وليس ظالما ومقتولا وليس قاتلا فهل تبقى اجيالنا منكوبة الى يوم القيامة في مثل هذه الحشرات القذرة ؟ ام هناك طفرة انسانية شجاعة للمخلصين لتسحق تلك الصراصر باقدامها ويبزغ فجر جديد ؟؟