12 أبريل، 2024 8:58 ص
Search
Close this search box.

انسحاب من سوريا لكن من هو البديل؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا يوجد انسحاب ويبقى الحيز بعده شاغرا. هذا أمر لا واقعية له في السياسة الدولية فمن يخرج من مكان سوف يحل محله آخر. وهذا الحلول اما يكون بالقوة كما فعلت أمريكا مع الاتحاد السوفيتي في أفغانستان مثلا او بالتراضي أو لتوافق مصالح استراتيجية كما فعلت بريطانيا وأمريكا في ايران مثلا بعد الحرب العالمية الثانية. لهذا لم يكن مفاجئا الانسحاب الامريكي، الا اني بصراحة لم أتوقع حصوله بهذه السرعة. كنت أظن المسألة تحتاج إلى أن تأخذ بعدا زمنيا أكثر، إلا أنه يبدو حسب الظاهر ولا اجزم بهذا في هذه المرحلة أن ولاية ترامب لن يجدد لها وتكفي اربع سنوات فقط لإنهاء كل الترتيبات وفعلا قد تم انهاء الكثير منها.
أمريكا بدأت انسحابها من المنطقة منذ فترة وتحديدا منذ وصول ترامب إلى موقع الرئاسة، سوف تحل إسرائيل محلها في كل قطاع واي دولة كان لأمريكا نفوذ فيها سواء كان هذا النفوذ سياسيا او عسكريا او غير ذلك. وكما حلت أمريكا من قبل في مناطق النفوذ البريطاني بعد الانسحاب البريطاني ابتداءً من الخمسينات وحتى اكتمال هذا الانسحاب في أوائل السبعينات، سوف تفعل ذلك إسرائيل وسوف يكون حضورها علنيا ومباشرا في كل مناطق النفوذ الأمريكي في دول شرق المتوسط بنفس الشكل الذي تظهر به أمريكا الآن وبنفس مستوى التدخل وسوف يشبهه في الشكل الظاهري والجوهري مع الاختلاف أحيانا بما يناسب خصوصية كل منها كما اختلف أحيانا شكل الحضور البريطاني عن الامريكي وشابهه في مرات آخر.
هذا الأمر وأعني به الانسحاب والحلول الاسرائيلي جرى ويجري بتنسيق كامل مع روسيا التي أعادها بوتين الى مركزها الذي ضاع منها لوهلة، وقد عادت الآن لموقعها في ثنائية أقطاب السياسة الدولية. بعض من يعول على روسيا وزعيمها بوتين عليه ان يعرف ان اسرائيل لن تصطدم بروسيا ولا روسيا سوف تفعل ذلك، بل سيكون هناك تعاونا بما يقتضيه الحال مرة خفيا واخرى علنيا في بسط خطة جديدة للسيطرة على مناطق النفوذ حيث تكون مصالحهما الدولية مع التأكيد أنهما قطبان دوليان متنافسان على مصالحهما والتنافس لا يستوجب القتال المباشر إلا في لحظات مجنونة بل ربما الأقرب للمنطق يستوجب تجنب الاصطدام وان استوجب ذلك يوما فيكون بدماء واشلاء الغير مثل اشلائنا التي امتهنا التبرع بها في الصراعات الدولية. اسرائيل باتت الآن ممثلة وقائدة للعالم الغربي وسوف تكون تل أبيب وربما أورشليم القدس العاصمة الإسرائيلية الجديدة هي عاصمة القرار الغربي وليس اي عاصمة أخرى لا في اوروبا ولا امريكا.
كل ما يجري في بلدنا من احداث الآن قد تبدو غير مفهومة للبعض ربما بعد إدراك هذه المعادلة الجديدة يمكن أن يفسرها وفي الوقت عينه يمكنه ان يدرك خطورة الصراع الذي يجري في العراق خاصة والمنطقة أعني الشرق الاوسط عامة في هذه الاعصار. الايام سوف تزيح الستار عما جرى إعداده منذ زمن ليس بالقصير وسوف تكشف ابعادا اخرى. ما ارجوه أن لا ندرك ذلك متأخرين كعادتنا في فهم الأحداث.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب