يبدو إننا نعيش في زمن الإعلانات الإعلامية السياسية ، أكثر مما نتعامل مع واقع الحلول السياسية المفيدة في حاضر العراق القلق، فمنذ تشكيل الحكومة التي ولدت بعد معاناة عسيرة ونحن نستلم يوميا التصريحات ” المهددة”، ومصدر تلك التصريحات لم يتأتى من مراكز قوى خارجية بل من المشاركين في العملية السياسية ممن لم يقطعوا حبل ود وزارئهم داخل التشكيلة الوزارية الحالية ولم يعلنوا أنفسهم معارضة داخل قبة البرلمان ، وان حاولنا إن نستعرض حجم تلك التصريحات ” التهديدية ” فسنجد إن القائمة العراقية ستأخذ المركز الأول بجدارة، وأخرها تهديدها بالانسحاب من الحكومة في حال التنصل عن اتفاقات أربيل، ورغم خطورة هذا التصريح إلا إن هناك قوائم أخرى صرحت بأن العراقية غير جادة في تهديداتها لكونها جزءا من الحكومة وباعتراف قادة العراقية أنفسهم والذين يعبرون في لقاءاتهم مع رئيس الوزراء بأنهم مشاركون في الحكومة التي يجب العمل على نجاحها!!
وخرجت تصريحات رئيس القائمة بتجديد رفضه ترؤس المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية العليا، وهي تؤكد على أن سياسات الحكومة الحالية “الارتجالية” وسط الفساد المستشري تسير بالعراق نحو “هاوية خطيرة”.
فأي هاوية تنتظرنا حقا ونحن لم نعد ندري هل إن الشركاء هم حقا كذلك أم هم فعلا مختلفون ؟ وهل أننا نستقبل نتائج خلافاتهم على أرضية الواقع الأمني الشائك كما تفيد بعض التصريحات ؟
وهل إن مستقبل الفساد العراقي سيستمر فقط في الإعلان عن صفقاته السرية كلما تشابك الشركاء فيما بينهم وظهرت الأوراق على السطح ؟
وهل سنجد تصريحات أكثر حداثة من التي تخرج إمام المايكروفون والتي تدور في الغرف الموصدة فقط ؟
ولماذا لا تحل القوائم مشاكلها الداخلية التي جعلت بعض أعضاؤها ينسحبون منها ويشكلون تجمعات أخرى ، ثم تتوجه لحل مشاكلها مع الكتل الأخرى ، وما أكثر المشاكل الإعلامية التي نستلمها ظاهرا ومنها الملفات العالقة كالوزارات الأمنية وتشريع قانون مجلس السياسيات الإستراتيجية العليا الذي لم ينجز في مجلس النواب وتدور خلافات بين القائمة العراقية والتحالف الوطني بشأن بعض بنود مسودته ، ومنها آلية اختيار رئيس المجلس، إذ تطالب العراقية أن يكون آلية الاختيار في مجلس النواب الأمر الذي يرفضه التحالف الوطني ويطالب أن يكون في داخل الهيئة التي تشكل داخل المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية والصفة التي يتمتع فيها الشخص الذي يترأس المجلس وصلاحياته وهل تكون صفته أمينا عاما أو رئيس!!
ولا ننسى القلق المتعلق بالأوضاع العامة في البلاد والعلاقة بين المركز وحكومة إقليم كردستان العراق وبؤر التوتر في المحافظات، وتصاعد مظاهر العنف في البلاد.
ورغم اجتماعات قادة الكتل السياسية التي عقدت لثلاث مرات بهدف تقريب وجهات النظر وحل الخلافات، إلا إن بوادر اتضاح التهديد من الانسحاب أو عدمه لا زالت قائمة ولا يبدو أنها ستصل إلى نهاية إلا بانتهاء الفترة الانتخابية الحالية !!