20 مايو، 2024 1:20 م
Search
Close this search box.

انسحابات “العراقية” .. انهيار ام تكريس للطائفية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

اللافت في المشهد (الطائفي) العراقي، هو تفكك أئتلاف العراقية السني، ففي البصرة انسحب منه ومن حركة الوفاق الوطني وكلاهما بقيادة د.اياد علاوي (42) عضواً من نواب وممثلين، وفي بابل (4) آخرون، فيما شهدت محافظات الديوانية وذي قار والنجف والناصرية، انسحابات مماثلة ولكن باحجام متفاوتة، والملاحظ ان المنسحبين هم من الشيعة ومن المحافظات الشيعية حصراً، مقابل ذلك لم يسجل أي إنسحاب منه في المحافظات السنية، ما يعني ان الاصطفاف الطائفي بلغ مرتبة غير مسبوقة، علماً ان الائتلاف هذا عاش انسحابات عدة على امتداد العام الماضي، ففي آذار 2011 انسحب النائب والكاتب الشيعي المعروف حسن العلوي مع (8) من النواب وشكلوا كتلة نيابية باسم (العراقية البيضاء) وفي آب منه انشق النائب محمد الدعمي وانضم إلى العلوي. وقبل اسابيع انسحب النائب عن محافظة نينوى زهير الأعرجي وهو من اتباع المذهب الشيعي ايضاً.
    وعزا المنشقون القدامى والجدد اسباب انشقاقهم أو انسحابهم الى ممارسة السنة المهيمنين على الائتلاف حسب قولهم، للتهميش والاقصاء بحق الشيعة في (العراقية) و على حد قول أحد المنسحبين، ان تلك الممارسات اتخذت اشكال شتى منها عدم ترشيحهم الى المناصب العليا في الحكومة وتفضيل السنة عليهم في تبوئها، والمثير في احتجاجهم. كشف احدهم لحقيقة وهي ان د.اياد العلاوي الشيعي المذهب لا يدير العراقية، وان الذين يديرونها هم السنة المتحكمون بالعراقية.
    وقبل شهور من الآن اكد سياسيون على ما جاء في أعلاه وسموا بالأسم العناصر الشيعية المهمشة، فأحتكار العنصر السني للنفوذ ومركز القرار سواء في الائتلاف او في حركة الوفاق الوطني. وليس التشكي من التوجه الطائفي السني للأئتلاف وحده الذي دفع بالعنصر الشيعي للأبتعاد عن الأئتلاف والحركة، بل أن هنالك أسباب اخرى حسب المنسحبين مثل تسييس العراقية لقضية الهاشمي والتشكيك بنزاهة القضاء العراقي، ما يعني أن العنصر الشيعي في العراقية بات على قناعة من ان التهمة الموجهة الى الهاشمي لا يرقى اليها الشك، وبهذا فان مواقف المنسحبين تأتي متطابقة مع موقف المالكي وبقية القوائم الشيعية في (التحالف الوطني) الشيعي، اضف الى مشتركات اخرى بينهما كرفضهم للفدرالية واقلمة المحافظات واتهامهم للعراقية بتعطيل مجلس النواب نتيجة مقاطعة نوابه لجلساته.
    مما تقدم، يستدل ان المشتركات بين المنسحبين وبين مكونات التحالف الوطني تفوق تلك التي تجمعهم مع السنة. ويرسخ من تعميق الاصطفاف الطائفي. ان المسحبين في (النجف) دخلوا في مفاوضات مع (دولة القانون)و(المجلس الاعلى الاسلامي) الشيعيين لأختيار التحالفات المقبلة كما ورد في الانباء.
     لقد تشكل ائتلاف العراقية من تشكيلة غريبة غير متجانسة، اعتقد مؤسسوه خطأ من انه يمثل العراقيين كافة، ولم يأخذوا ببالهم انه لم يعد ممكناً في زمن الصراع الطائفي والقومي الحاد في العراق بلدان اخرى كذلك، قيام تنظيمات شمولية أو أممية حزبية وسياسية، فكان ذلك من اسباب تفتت الأتلاف والانشقاق عنه، بعد ان بلغ التناقض الطائفي ذروته. ولاننسى أن من تداعيات الأنسحاب  الامريكي من العراق، ترسيخ المشهد  الطائفي، والذي يتفق بشأنه الكثيرون، وما حصل و يحصل في العراقية الان  ومنذ زمن يقوي من مركز المالكي، والذي يعجل من تقزيم (العراقية) وليس انهياره، الضربات التي توجهها حكومة المالكي اليه والمتمثلة بتجريد حملات بوليسية لاعتقال اعضائه والنشطاء من السنة او شراء ذممهم..الخ من الضربات التي مهد لها  ووفر لها النجاح، الخطأ تلو الخطأ لقادة العراقية اضافة  الى تنازلاتهم  المتكررة للمالكي في الماضي من الأيام. والتي أدت مجتمعة الى تقليص حجم الائتلاف السني وليس انهياره كما  يحلو لبعضهم وصفه سيما الذين طالعونا بعناوين من قبيل (حركة علاوي تواصل انهيارها السريع..) كما ورد في وكالات للأنباء ومواقع الكترونية، وبتوالي الأنسحابات، سيأتي اليوم الذي نقف فيه على الحجم الحقيقي للعراقية. ألامر الذي يجعل منه اكثر اعتدالاً وتواضعاً في طرح المطاليب وأقل اندفاعاً في الصراعات ليس مع الشيعة فقط بل مع الكرد ايضاً، ولكي يكون الائتلاف سنياً خالصاً،حبذا لو تخلى عن الادعاء بانه يمثل العراقيين من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، وطهر صفوفه من افراد، يدعي الائتلاف ويدعي الافراد بانهم ممثلو مكونات إجتماعية، وهم نفر ضئيل من الكرد والمسيحيين والتركمان من الذين  حري بهم العودة الى مكوناتهم الاجتماعية واحزابها، حتى علاوي نفسه، عليه ان يدرك، ان بقاءه في العراقية مدعاة للتهكم، شيعي يقود السنة وفي اجواء النزاع الطائفي المحتدم!!، وان اصر على البقاء فسيأتي يوم لا يقبل به لا الشيعة ولا السنة. ويجب ان لا تخيف الانسحابات السنة، فمتى ما عرفوا حجمهم الحقيقي وتحركوا في ضوئه  وفي إطاره انذاك تكون الصورة امامهم اوضح  كما ان مطاليبهم تكتسب مشروعية اكثر، شريطة ان  يستفيدوا من تجارب الماضي ويكفوا عن التطلع الى استرداد السلطة التي مارسوها دون وجه حق طوال 83 عاماً من حكمهم للعراق. والماضي لايعود.
[email protected]
*رئيس تحرير صحيفة (راية الموصل) – العراق
عن (الشرق الاوسط اللندنية)

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب