انخفضت أسعار النفط حوالي ثلاثة بالمئة يوم امس ( 13 / 11 / 2014 ) مسجلة أدنى مستوياتها في أربع سنوات بعد أن أظهرت بيانات حكومية ارتفاع مخزونات الخام عند نقطة رئيسية لتسليم عقود نايمكس في الولايات المتحدة , وتفاقم الهبوط بعد تصريحات لوزير النفط السعودي يوم الأربعاء الماضي أثارت مخاوف من أن المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم لن توافق على خفض انتاج أوبك في اجتماع المنظمة في 27 من تشرين الثاني الحالي , وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت أكثر من المتوقع في الأسبوع الماضي مع زيادة انتاج المصافي في حين زادت مخزونات البنزين وتراجعت مخزونات نواتج التقطير .
وتراجعت عقود خام القياس الدولي ( مزيج برنت ) تسليم كانون الأول القادم بمقدار 2.03 دولار إلى 78.35 دولار للبرميل بعد هبوطها في وقت سابق إلى 77.99 دولار أقل مستوى لها منذ ر أيلول 2010 , وانخفضت عقود الخام الامريكي الخفيف 2.45 دولار إلى 74.73 دولار للبرميل بعدما هبطت في وقت سابق إلى 74.53 دولار أدنى مستوى لها أيضا منذ ايلول 2010, وفقد الاقتصاد الصيني قوة الدفع في تشرين الأول مع تراجع نمو نشاط المصانع ونمو الاستثمارات قرب أقل مستوى في 13 عاما وهو ما يعزز التوقعات بتباطؤ الطلب على الوقود من الاقتصادات الناشئة وربما يؤدي ذلك الى مزيد من الهبوط في اسعار النفط في الاسواق العالمية باعتبار ان الهند والصين من اكبر المستهلكين للنفط .
وتسبب هذه الاسعار احراجا كبير للاقتصاد العراقي , فقد تم الاخذ باسوا الاحتمالات عندما تم تقدير الايرادات القادمة على اساس 80 دولار للبرميل , ويعني ذلك بان المخطط المالي العراقي سيضطر الى وضع تقديرات بمعدل 70 دولار للبرميل لمواكبة الاسعار العالمية , وسيؤدي ذلك الى انخفاض كبير في الايرادات المتوقعة لما تبقى من السنة الحالية ولموازنة 2015 , ففي حالة بقاء مستويات الانتاج على حالها فان مجموع الايرادات النفطية سوف لا تزيد عن 70 مليار دولار سنويا , ومن الممكن معالجة الخلل في انخفاض الاسعار من خلال زيادة الانتاج والتصدير , وقد تم الاعلان بان اللقاء الذي تم بين وزير النفط السيد عادل عبد المهدي وحكومة اقليم كردستان قد اسفرت عن الاتفاق على جميع الخلافات بين المركز والاقليم بخصوص النفط .
ولكن زيادة الانتاج النفطي سوف تتحدد بموجب سقوف الانتاج التي تضعها مقررات منظمة ( اوبك ) في اجتماعها الذي سيعقد في نهاية الشهر الحالي , وان الخروج عن سقوف الانتاج سيؤدي الى كارثة في اسعار النفط بحيث تنخفض لمستويات غير مسبوقة , وهو ما سيؤدي الى اضرار جسيمة في الاقتصاديات الهشة ومنها الاقتصاد العراقي , حيث سيضطرنا ذلك لاستخدام الاحتياطيات النقدية التي تبلغ 75 مليار دولار مما يعرض اسعار صرف الدينار الى الانخفاض , كما انه سيلجأ السلطات المالية العراقية للاقتراض الخارجي وهو ما سيضع البلد تحت شروط صندوق النقد الدولي في فرض املاءات تضر بالحياة اليومية للمواطن ومنها رفع الدعم عن بعض السلع مثل المنتجات النفطية والبطاقة التموينية .
وستكون هذه الامور من التحديات الكبيرة التي ستواجه الحكومية , لاسيما بعد صدور تصريحات من منظمة فاو للأغذية والزراعة التي اشارت فيها الى هبوط الانتاج الزراعي العراقي بسبب الاوضاع الامنية السائدة في المناطق الاكثر انتاجا للغذاء والزراعة في العراق , وهو ما يتطلب اجراءات عملية لمعالجة الازمات الاقتصادية دون الاخلال بسير العمليات العسكرية لتحرير كامل المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة , وان هذه الاجراءات تتطلب معالجة حقيقية للفساد الاداري والكفاءة الاقتصادية في استخدام الموارد المتاحة وتقليل الاتفاقات في العديد من الفقرات , من خلال الاعتماد على قيادات ادارية تتمتع بقدرات فائقة في العمل بظل الازمات , ويعني ذلك من الناحية العملية وجود حاجة ملحة للتغيير في هيكل الجهاز الاداري للدولة , يفوق ما حصل من تغيير في المؤسسات العسكرية لان الاقتصاد هو العصب الاساسي في الحياة .