23 ديسمبر، 2024 10:21 ص

انحطاط مستوى التعليم.. مَنْ لا يعرف به؟

انحطاط مستوى التعليم.. مَنْ لا يعرف به؟

مرة أخرى يُنتبذ اسم العراق من قائمة الدول التي تقدّم تعليماً جيداً أو مقبولاً لأبنائها. المنتدى الاقتصادي العالمي أصدر تصنيفاً جديداً لجودة التعليم لعامي 2017/2018 شمل 137 دولة، حلّت سويسرا فيه بالمرتبة الاولى وموريتانيا بالمرتبة الأخيرة، فيما العراق ودول أخرى لم يرد لها أيّ تصنيف.
التقرير ليس سوى واحد من تقارير عدة تصدر سنوياً من منظمات دولية مختلفة، تؤكد الشيء نفسه دائماً: العراق خارج منظومة التعليم المقبول بالحدّ الأدنى. ومنذ شهرين حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” من مسقبل واعد بالمزيد من تدهور التعليم في العراق. أفادت في دراسة بأنّ حوالي 90% من الأطفال العراقيين لا يستطيعون الوصول إلى التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وأشارت إلى النقص في المدارس حيث هناك حاجة إلى 7500 مدرسة، ولاحظت أن ثلث مدارس البلاد تعمل بدوامين أو ثلاثة، ما يعني أن التلاميذ والطلبة لا يحصلون على العدد الكافي من ساعات التعليم والدراسة.كما أن ّالوضع الاجتماعي والاقتصادي يخلق فجوة كبيرة بين الذين يتخرجون من المدارس الثانوية، حيث تصل نسبة المتخرجين الأكثر ثراءً إلى 73 %، مقارنة مع 23% فقط من الطلاب الأكثر فقراً.
هذه التقارير لا تضيف جديداً إلينا فنحن نعرف أنّ مستوى التعليم في بلادنا متدهور غاية التدهور. لم يحصل أبداً على مدى المئة سنة الماضية أن انحدر مستوى التعليم العام والجامعي الى هذا الدرك.
ماذا يعني أن ينحطّ مستوى التعليم في بلد ما؟ يعني أن انحطاطاً عاماً شاملاً يضرب البلاد. .. في الطب والصحة وخدماتهما.. في التعاملات المالية والاقتصادية.. في كفاءة العمل في قطاعات الصناعة والزراعة والنفط والكهرباء.. في مستوى الخدمات العامة .. في الممارسة السياسية للقوى والأحزاب الحاكمة.. انحطاط التعليم يعني أنّ مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة، بما فيها المؤسسات التعليمية، ستُدار من أناس شبه أُمّيين لا يُرتجى منهم شيء في تحسين وتطوير أداء مؤسساتهم.
الآن أقلّ ما يتعيّن على مجلس النواب والحكومة أن يفعّلانه، التحقيق مع وزراء التربية والتعليم السابقين جميعاً عن ظروف وأسباب هذا الانحطاط في مستوى التعليم .. هم مسؤولون أساسيون، فقد أُسندت إليهم مناصب التربية والتعليم العالي ( معظمهم تهالك عليها، وبعضهم اشتراها، وبخاصة التربية في إطار نظام المحاصصة).
ولابدّ أيضاً من تشكيل لجنة عالية المستوى للتحقيق في الأمر الذي هو في الواقع
جريمة كبرى قد ارتبكت في حق الشعب العراقي منذ 2003 حتى اليوم، عبر قطاع التربية والتعليم .. هذه الجريمة كان أبرز عناوينها الفساد الإداري والمالي. وفتح ملف التربية والتعليم سيعني بالضرورة فتح ملفات الفساد في وزارتي التربية والتعليم العالي والجامعات، الحكومية والأهليّة.
التواني في هذا سيعني التشجيع على استمرار الجريمة المرتكبة تحت انظار الجميع من دون أن يفتح أحد فمه لأن هذا الوزير أو ذاك “من جماعتنا” الشيعية” أو السنية!
هيئة النزاهة وجهاز الادّعاء العام من واجبهما كذلك التحقيق في هذه الجريمة الواقعة على الشعب العراقي بأجمعه.