((المعروف عن الفنان العبقري «مايكل أنجلو» أنه كان متشوفا, نرفوزاً, سريع الغضب.
ذات يوم كان واقفاً في الرواق الكبير للكنيسة حيث تنتصب جداريته الرائعة بتأليفها الدقيق وألوانها ومهارة رسم شخوصها بكامل أوضاعهم وأوصافهم.
اقترب أحد الزائرين, وبدأ بتأملها. وكان تارة يتقدم بخطوة إلى الأمام, وتارة يتراجع بنصف خطوة إلى الوراء مكرّراً ذلك مرات عدة. وفجأة التفت نحو مايكل أنجلو وقال: سنيور أنجلو, هل تسمح لي بإبداء ملاحظة صغيرة, على لوحتك الساحرة؟!
ردّ الفنان الكبير: ماذا تقول؟ ملاحظة؟ ¬ ثم وبعصبية فجّة قال:… تفضّل!
ابتسم الزائر, وهو يشير بإصبعه إلى أسفل اللوحة: سنيور أنجلو… إن رسمك لحجم وشكل «جلدة» صندل هذا الرجل المتكئ هناك, غير صحيح! فبدلاً من أن تكون مبرومة وملفوفة حول القدم من اليمين إلى اليسار, فإنها هنا موضوعة من اليسار إلى اليمين, وبشكل مسطح, وهذا خطأ!
وبسرعة سأله «أنجلو»: حضرتك… ماذا تعمل ؟ أجاب الزائر مبتسماً: «قندرجي»!! هنا احمرّ وجه فناننا الكبير وأسقط في يده وقال: معك حق أيها السيد, أشكرك من صميم قلبي على هذه الملاحظة, وها أنا أقرّ وأعترف أمامك بأنني أخطأت!! وبلمح البصر, ملأ الزُهوّ والشعور بالانتصار عقل زائرنا الكريم, فانتفخت أوداجه وتحوّل إلى طاووس يجول عالياً بعينيه في أرجاء اللوحة.
ثم أشار بيده وهو يتابع ¬ فقال: «وهذه الوجوه المرسومة هناك, وهذا اللون, وذاك الشخص…!». وكالصاعقة الحارقة قطع «مايكل أنجلو» كلام الزائر صارخاً: «كفى اخرس … خلّيك بالصندل)).
ومن هنا نقول :
أن انجلوا حكيم حين فهم تلقائيا شخصية القندرجي بلا مناقشات ومشاورات وبين له رأيه الصريح.وعبرتنا في هذا الحدث البسيط في حكومات العرب المخدوشة الحياء……
لماذا لايترك بعض حكام العرب أرائهم السياسية الفجة جانبا وينتبهون لصنادلهم..علها تفيدهم يوم الويل والثبور.عند شد الرحال إلى بلاد الكفار…؟
لماذا يدخلون أنفسهم في أمواج لجية وهم ليسوا بحارة أصلا ؟
كلما حلت مصيبة دعموا طرفا على أخر وسلحوا رعاع على ظلمة والناجي من هذا أبو ناجي؟
ينتحبون حزنا على اللاجئين السوريون والعراقيين ..وأجسادهم متمرغة بدمائهم إلى حد الثمالة؟
يطلقون المبادرات ويرفعون الشعارات ويسفحون بالنساء المهاجرات باسم الستر ,فيا لها ولنا من مهزلة؟
لماذا لا نهتم بمشاكلنا الداخلية من بطالة إلى فقر إلى تردي واقع خدمي .إلى فساد قيمي مريع؟
لماذا نقاد كالقطيع لا نعرف من ملكنا ومن تملكنا من جديد؟
شعوبنا تفكيرها ضجيج ..وحواراتها ضوضاء ….وعقولها تسرح في الخيال …وبطونهم جائعة ..؟
ماذا حل بالنساء ؟أجسادهن دعوة صارخة للاغتصاب المطلق؟
نهود مرفوعة …وخصر مضغوط…ودبر مشدود..وسيقان مرسومة بريشة فنان محروم …….
سائس القطيع من رتب لهذا !
منذ ولادتنا نسمع بالتحرير ..وقتال الكفار في ارض المصير…..والشجاعة التي يورثها الجرجير…
فلسطين ..والجولان ..وغور الأردن..نعرفها قبل بلداننا …نحلم بها قبل سفوحنا وودياننا!
ورجالنا مثخنة بها سجوننا بسبب دعوتها لتحرير أراضينا!
ولا نجد من يوحد كلمتنا ويرفع همتنا في صناعة الحياة …….حكامنا مزقونا إلى ارب مشوهة ……..حتى لا نعلم بعد حكمهم شيئاً……….
وبعد التدبر والتأمل والتفكير .رحت إلى مراح كبير …وجدته يجمع كل القطيع بلا أمير ……..أغنية ……وطبل….وراقصة …..توحد كل الأحزان …وتشرح كل الأحلام ….وتحرك كل الأركان…
تداعب الآم النفوس ..وتسعف البؤساء ..والضعفاء …وتزحزح الخوف..وتنتعل الظلم ……عذرا يا سادتي
هذا نتاج القومية والبعثية والليبرالية ……….
ضياع ولهفة في غير محلها………
شعوب تفتت من ظلم سادتها….
أجساد مشهورة من فقر حالتها ………..
ويكذبون أنهم يريدون حرية وديمقراطية………
ومن هنا فالحمد لله تعالى …بعد أن عانى العرب ما عانوه من تشرذم وتفتت وضياع وحيرة في كل أمر ابتداء من ساعة الولادة إلى لحظة الرحيل لدار الآخرة …ومن منطلق القومية العربية والفكر الثوري الإسلامي …..بدت تطلق نمط جديد من الأغنية العربية يعتمد في مضمونه وأساس فكرته على دابر مدبر لراقصة تفلّت الشيطان من فتنتها ..وطبلة طبال ترفع الثقيلة من الأجساد برعشة مبتهجة..هؤلاء من لهم القدرة على قيادة القطيع بدون عناء………ترغب بهم شعوبنا .وتذكر بخير ..ويخلدهم تاريخنا بلا جدال أو شبهة تدليس.
فقد أثبتت الوقائع أن أم كلثوم (غفر الله تعالى لها) وحدة النغمة العربية من الخليج إلى المحيط .وفيروز الصلبة …صارت مثل علاج مزمن كل تسمع كل صباح .وصباح فخري أمام القدود يجمع كل خمارة الشرق والغرب……..
أما نجوى فؤاد فلها الدور الأكبر في نشر الرقصة العملية التي ترفع مؤشرات الحالة الجنسية عند الرجال ……
فابسط استطلاع للرأي سيفضح لنا خزي عروبتنا ………..فالفنان أكثر شعبية من الحكومات العربية جملة وتفصيلا ……..
والراقصة يفضلها الكبار قبل الصغار ……. الرجال والنساء ……..
معرفتنا بأسماء الفنانين ومتابعة أخبارهم تفوق مئات المرات عما نعرفه على حكوماتنا…
وترى الشباب العربي يقلدهم بالملبس والمأكل والمشرب ……
في قصات الشعر ..في الكلام ….في الحركات …….
أما مع حكوماتهم ..فهي سخرية ونقد وتعليق باستهزاء….
وحكامنا جلادين بلا ضمير……….والشريف هالك المصير …
ويقدسون كل حقير ومبير…
ونقول للحكام ………..الذين من بقي منهم اقل مما شحط وشنق وضرب بالنعل …….
علموا أبنائنا ..الأدب …والاحترام …وازرع أرضك ..واستثمر شعبك …تمسك بالحرية وحقوق الرعية ..بدماء قلبك احميها ..
بعدها عالج مشاكل غيرك ……..
وياليتك تبقى منتبه على الصندل أفضل من أن تفكر في غيره……..