18 ديسمبر، 2024 8:22 م

أسطوانة مشروخة وتهمة سمجة طالما تقاذف بها العراقيين حينما يحاولون تسقيط الاخر وتشويه طروحاته وأفكاره حينما تنتقد الواقع وتكشف سلبياته بكل شفافية وجرأة ، حتى لو لم يكن الشخص أعلاه لا علاقة له إطلاقا بحزب البعث او غيره .

انه نوع اخر من الصراعات التي يشهدها المجتمع العراقي انه صراع داخلي اخطر بكثير من النزاعات الخارجية لأنه ينبني على انتهاك السمعة ومسار العمل ونمط الحياة , انه تشويه سافر تجاه الأصوات والأقلام الحرة ، انها حرب داخلية ضروس قائمة على اتهامات باطلة مُهينة من أبناء جلدتك ومجتمعك وهي أقسى بكثير من العدو الخارجي القادم من الخارج .

وللأسف لم يسلم من هذا الأسلوب الرخيص حتى السياسيين وكبار الدولة في العراق الذين يجب ان يتحلوا بصفة العقلانية والابتعاد عن الهترات اللاأخلاقية والغير مسؤولة ؛ ها هم الان امام فشلهم فلا يجدون اسهل سلاح وأسرع طريقة لمحاربة الاخر والانتقاص منه سوى إلصاق تهمة انت بعثي، انت غير إسلامي انت علماني ، انت داعشي … وآخرها من الاتهامات الشعواء التي أطلقها اصحاب المناصب في العراق على المتظاهرين والإعلاميين والبسطاء من الشعب الذين انتفضوا للمطالبة بإحقاق الحقوق ومحاربة الفاسدين ومحاكمة المقصرين

وعلى راس هؤلاء المتشدقين باستخدام هذه النوع من التسقيط هو نوري المالكي ولنقف قليلا على خلفية هذا الرجل وعلاقاته مع من كانوا في حزب البعث .

الكل يعلم ان قائمة الفافون التي يترأسها المالكي والكثير من المناصرين له هم من الأعضاء الذين كانت لهم صلات قوية بالبعث والنظام السابق ولسنا بحاجة هنا لذكر الأسماء، فهي معروفة للجميع ،

هذا ناهيك عن الدعم اللامحدود الذي قدمه المالكي الى نظام البعث الدموي المتمثل ببشار الأسد ،

ولكن يبدو ان الضحك على الذقون قد أنست هؤلاء المتشدقين باستخدام هذه التهمة الرخيصة وغيرها عن علاقاتهم الوطيدة مع البعثيين وغيرهم , ومن ثم يحاولون ان يلصقونها جزافا وبأي شكل من الأشكال تجاه اصحاب الاقلام النظيفة من الكتاب والناشطين المستقلين والإعلاميين الأحرار بل وحتى لم يسلم منهم حتى البسطاء من الناس .

انها ثقافة منحطة تسعى الى تهميش الاخر ومحاولة لمصادرة حقوقه في الرأي والتعبير .

انه نوع من انحدار السلطة وهشاشة الدولة فحينما تسعى القيادات أن تدير دفة الصراع تجاه مواطنيها فانه مؤشر الى ان العراق مهيئاً لدخول مرحلة جديدة من الحرب وهي الحرب الأهلية !

أن وظيفة الدولة في كل معايير القوانين الدولية هو الحفاظ على الكرامة ألإنسانية ضد كل أنواع العنف والقوة والتخويف او التهديد، ولكن ما يحصل الان في العراق هو العكس تماماً فالدولة اصبحت هي من تمارس العنف والتهديد والإساءة تجاه مواطنيها !

وحينما يصبح المواطن تحت حرب السلطة وحرب العدو الخارجي فانه يعكس قمة انهيار الدولة ، وفقدان مشروعيتها في البقاء .

وعندما تخرج الدولة عن سلطة القانون والدستور لأجل اجهاض ارادة شعوبها سوف تسقط شرعيتها القانونية والدستورية.

وحينما يستبد الحاكم في حقوق الافراد والمواطنة سنكون امام دولة استبدادية وبالتالي لا وجود لدولة القانون .

وحينما يتناسى حاكم الدولة مسؤوليته الكاملة عن حماية بلده وميزانية الدولة وحقوق مواطنيه يجب ان يكون تحت مطرقة القضاء بدلا من ان يرمي التهم والإهانات جزافا اتجاه شعبه الذين وقعوا ضحية لسوء ادارته الفاشلة .

ان اصحاب المناصب في العراق بحاجة ماسة لمعرفة مقومات وضمانات الدولة المدنية المعاصرة وشروط الحاكم العادل قبل ان يرموا سخطهم وغضبهم على المواطنين الابرياء .

عليهم ان يدركوا ان الدولة التي لم يبقى أمامها سوى استخدام العصي والرصاص وخراطيم الماء الحارة تجاه مواطنيها لا تختلف عن النازية والفاشية إطلاقا.

وحينما يصبح الدين ذريعة للتطاول على المواطن وحقوقه فلا يسعنا إلا ان نقول قد بلغ السيل الزُبى . لكم دينكم ولهم دينهم.

أيها المُتاجرون بالوطن كفاكم تلاعبا بالوطن وأهله.

أيها المُتسلقون لأجل مصالحكم الشخصية والطائفية على حساب الوطن.

عليكم ان تتذكروا أنكم أنتم من دنس الدين والمذهب .

أنتم من زرع الفتنة وشتت أفراد المجتمع الى طوائف وقوميات .

أنتم من جعل شبابنا وقوداً لحروبكم الطائفية .

أنتم من هجر العوائل وقتل الملايين من ألأطفال .

أنتم من أضاع كرامة الوطن وسيادته .

أنتم من جعلتم أنفسكم عبيدا وعملاء لدول لا تفكر إلا في مصالحها.

انتم مسائلون امام الله والتاريخ عن هدر خيرات البلد .

انتم محاسبون امام التاريخ عن الملايين من الأرامل واليتامى والفقراء والشهداء التي خلفتها سياستكم الفاشلة .

هذه الصراعات الطائفية التي خلفتموها في اوطاننا إلى أين ستصل بكم في نهاية المطاف..؟!