دولة الخلافة التي أعلنها البغدادي،تعيش خارج المنطق والتاريخ،ولأنها كذلك،ولن تكون على غير ذلك : لمْ ولنْ يُكتب لها النجاح حتى لو بقيت وهذا بلاشك في حكم المُحال ..
وإنْ كان حضورها قد حل بيننا ـ حقيقة مرئيةــ في لحظة غفلة ملتبسة، فهي بلا أدنى شك، ليست سوى حقيقة زائلة،زائفة،مزيفة،حتى لو كان البعض قد توهم بها،أو حلم بها،وحتى فيما لو كان هؤلاء ــ البعض ـــ كثرة يتواجدون بين العَوام الحالمين الواهمين لشدة ماهُم عليه من بؤس وفقر وقهر.
هذه الخلافة،مصيرها الزوال،سواء طال الزمن أو قصر،دون أن تترك ورائها أثرا ًطيباً،دون أن تترك ورائها شخصاً واحداً سيترحم عليها من بين المواطنين الذين رزحوا تحت حكمها،إلاّ مَن كان به خللٌ في وعيه.
ولأنها دولة تشكلت جدرانها من رمال الصحراء، ستذروها الرياح،ولن تبقي لها من أثرْ.
جاءت إلينا وهي تحمل في جعبتها نهايتها،قوانينَ وشرائعَ إجتزأتها قسراً من سياقها،لتصبح بشكلٍ ومحتوى آخر،وفق ماتشتهي أهواء وغرائز وعقول الداعين لها .
وأنْ تفرض وجودها،في مدينة الموصل ــ بما تضمه من اتباع لديانات متنوعة ومختلفةـــ بهذه الصورة المُرعبة،سيترك انطباعا سيئا جدا ــ عن الاسلام ـــ لدى الشعوب واتباع الديانات الاخرى.
ستفشل وتزول دولة الخلافة،طالما جوهرها قائم على احتكار الحقيقة،وأحتكار الدين والاخلاق،طالما تبيح لنفسها وبأسم الدين أن تستولي على أموال الآخرين،طالما يصبح المجتمع بكل مكوناته،رهينة بيدها،تكفره وتحتقره وتذله ،انطلاقاً من وعيها المشوِّه للدين أولاً ، وللحياة ثانياً .
إنتهى عصر الخلافة،أيها الخليفة،بعد أن ذهب الخلفاءومعهم ذهبت دولة الخلافة.
فمن هو العادل الفاروق بينكم مثل عُمر،ومن هو الحكيم البليغ مثل عَلي ؟