23 ديسمبر، 2024 5:09 م

انتهى المالكي .. ماذا عن المالكية؟

انتهى المالكي .. ماذا عن المالكية؟

انطوت، والى الابد، صفحة السيد نوري المالكي أكثر رؤساء الحكومات فشلا وفسادا في التاريخ العراقي المعاصر. لكن، هل انطوت معه صفحات الفشل والفساد..؟. بمعنى انتهى المالكي، لكن: هل انتهت المالكية ..؟.
يبدو هذا السؤال الأكثر جوهرية في طريق السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء الجديد. فالمالكية تكمن في حجم الفشل المتراكم الذي قاده وزراء ومسؤولون من كتل سياسية مختلفة سواء بهدف إفشال مهمة المالكي أم بسبب ان هؤلاء هم أصغر بكثير من المهمات الملقاة على عواتقهم من قبل أحزابهم وكتلهم التي وزعت المناصب وفق بازار شبه معلن وبموجب تعهد بالحصول على نسبة ثابتة لتلك الاحزاب والكتل من مجمل المشاريع التي تنفذ، هذا ان نفذت أصلا، في وزاراتهم ومؤسساتهم.
المالكي مسؤول بشكل مباشر عن الفشل الامني باعتباره اختزل الوزارات الامنية
في شخصه، لكنه ليس مسؤولا مباشرا، أو وحيدا، عن الفشل في مجال الصحة والتعليم والاسكان والخدمات والبطالة والضمان الاجتماعي. بل المسؤولون هم الكتل والاحزاب السياسية ومرشحوها لقيادة الوزارات والمؤسسات المعنية بهذه القضايا التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر.
كما ان المالكي لم يكن مسؤولا عن التماهي الخطير بين سياسيين كبار يشغلون مناصب عليا في الدولة وفصائل مسلحة بضمنها داعش، وهؤلاء السياسيون نجحوا لسنوات في اللعب على حبلي السلطة والمعارضة دون ان يجرأ أحد على فضحهم أو مواجهتهم، خصوصا بعد ردود الافعال التي رافقت اتهام طارق الهاشمي ورافع العيساوي والتي لم يعلم أحد حتى الآن ما اذا كانت اتهامات حقيقية أم انها جاءت في سياق التسقيط السياسي للخصوم.
على الكتل السياسية المختلفة ان تثبت الآن هويتها العراقية قبل هوياتها الفرعية، فعلى الكتل التي تدعي تمثيلها للمكون السني ان تقدم قائمة بالطلبات المشروعة التي يرفع شعاراتها أهلنا في المنطقة الغربية من العراق، لاسيما ما يتعلق بالسجناء والسجينات، كما وعليهم ان يناقشوا وبشكل جاد ما يقضي على الاحساس بالاقصاء والتهميش بما يغلق هذا الملف الذي يؤجج الصراع الطائفي ويغذي البغضاء بين مكونات الشعب العراقي ولا سيما المكون العربي بضفتيه، السنة والشيعة.
وهل ستقدم القيادات الكردية تنازلات حقيقية من أجل السير بقطار الحكومة الجديدة نحو محطات البناء والامن والتنمية البشرية والاقتصادية؟. خصوصا بعد حملات التسليح التي تقودها الولايات المتحدة ومعظم البلدان الاوربية في خطوة أقل ما يقال عنها انها خرقا للسيادة العراقية، أم ان هذه الخطوة سترفع من سقف المطالب الكردية التي بدأت بتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية وقد لا تنتهي بالهيمنة على المناطق التي ستحررها الاسلحة الامريكية والاوربية من يد الدولة الاسلامية “داعش”؟.
حين ينام الضمير السياسي العراقي وسط كل هذا الضجيج الذي خلفته البنادق والصواريخ والطائرات والرؤوس المقطوعة والشعارات والنساء المختونات..؟ وحين يغفو وسط أنين الثكالى والارامل واليتامى والمحرومين من أبسط متطلبات العيش الكريم، لم يبق أمام رئيس الوزراء المكلف، إذا كان حريصا على نجاحه في مهمته، سوى وضع الجميع أمام مهماتهم ومسؤولياتهم أمام الشعب. المطلوب هو معيارية جديدة للتعامل بين الكتل التي تمثل التنوع في النسيج العراقي، تقوم على أساس اداء المهمات بشكل تكاملي دون تقاطعات تضع العصي في دواليب الحكومة الجديدة، لتصنع تاليا خواتيم مختلفة عن تلك التي رسمت معالمها اثناء فورة مطالباتها بالتغيير.
على السيد العبادي ولكي لا يعود بنا الى المربع ما قبل الاول، أن يتفحص ملفات المرشحين للحقائب الوزارية، وعليه أن يطالب الوزير المرشح بتقديم برنامج عمل واضح للوزارة معززا بجدول زمني للانجاز، وعليه ان يتجاوز الاعلام الغارق في تملق مبتذل نحو الاعلام الحقيقي الذي يمثل ضمير الشعب والذي يفضح المقصرين من وزراء ومسؤولين في السلطة التنفيذية وان لا يتحول، كما كان سلفه المالكي، شماعة لتعليق أخطاء الآخرين الذين يتشبثون بمناصبهم على الرغم من اعلانهم انهم دون صلاحيات.
على العبادي ان يلجأ الى مصارحة الشعب باطماع الطامعين، واتمنى عليه أن تكون جلسات مجلس الوزراء علنية الا ما يتعلق بالجانب الامني منها كي يطلع الشعب على مزايدات السياسيين الذين يمثلون المالكية بعد رحيل المالكي.
هناك الكثير بانتظار العبادي .. وسيتحقق بارادة الشعب الذي لن يقصر اذا ما وجد قيادة سياسية وطنية، تمتلك الارادة الوطنية وقدرة على تحقيق البرنامج الحكومي.