19 ديسمبر، 2024 1:14 ص

انتهى الدرس يا غبي

انتهى الدرس يا غبي

الفشل لا يحتاج مقاسات لمعرفة حجمه أو كثافته ولا طوله و عرضه ، الفشل يقاس بمذاقه المر وبقدرة تجرعه وبشدة ثقله على المواطن، الفشل منظور بالعين المجردة لا يحتاج مختبرات أو أجهزة كاشفة .هكذا حال العراق دولة استوطنت فيه كل أنواع الفشل ومن البديهيات لا يمكن أن يكون هناك فشل دون وجود غبي وقد يكون هذا الغبي فرد أو مجموعة أو مؤسسة أو حكومة أو برلمان، وعلى افتراض حسن النوايا الأخرى المتعلقة بالانتماء إلى الوطن فان الحكومات تهتم ببناء أسس مادية وفكرية وتنموية وأمنية وكل ذلك يحتاج إلى برامج جادة وكفاءة والى جهات تقوم بتنفيذها ومراقبة نجاحاتها وترصينها وهنا يبرز دور القيادة وفي مضمونها هي القدرة على اتخاذ القرارات الجوهرية في الوقت المناسب باختيار البديل الناجع من البدائل المتاحة وبطبيعة الحال لكل بديل ايجابياته وسلبياته ولكل بديل مؤيدين ومعارضين وهي مهمة صعبة وكبيرة لمن لا تتوفر فيه شروط ومؤهلات القيادة.

القائد في مركزه الوظيفي والقانوني أيا كان هذا المركز في الجهاز الإداري الحكومي لا يقتصر دوره في تشخيص المشكلات والأزمات على أنواعها السياسية والأمنية والمالية والمجتمعية ووصفها والنواح عليها والاستجداء بها أنما مطلوب منه إيجاد الحلول لها وإيقاف تدحرجها والحد من تأثيراتها على الوطن والمواطن كما يفرض عليه اتخاذ قرارات استشراف المستقبل وفتح أفاق جديدة وهي عبارة عن مبادرات وخطوات ريادية قد تنفذ أو لا تنفذ بحسب ما يتطلبه تنفيذها من إمكانات مادية وبشرية ومؤازرة اجتماعية، وآلية تنفيذ واضحة.

لو عكسنا ذلك على واقع العراق منذ 2003، لوجدنا بنى تحتية متهتكة ووضع امني بائس وواقع سياسي منفلت وفساد أكل الأخضر واليابس وتخبط في السياسة الخارجية حتى أصبحت سيادة البلد أضحوكة وفقر مدقع بنسب مخيفة وارض مسلوبة ونزوح جماعي وهجرة للشباب والبطالة وعملية سياسية مشوهة والقائمة تطول وتطول، أن مراكز القوى في كل مفاصل الجهاز الحكومي التنفيذي والتشريعي والقضائي تتحمل المسؤولية بشكل مباشرة عن الفشل الذي لحق بدولة العراق أرضا وشعبا وحسب المعادلة شيوع الفساد والفشل والمعاناة يعني انعدام القيادة وغياب القائد الإداري هذا مسلم به من جميع العراقيين بدون استثناء، وفي ظل هذا الواقع المرير الذي صنعه الأغبياء الفاشلون وبدلا من أللاعتراف بفشلهم في إدارة الدولة على كل الصعد والانسحاب بأقل الخسائر للإيقاف التدهور الهائل والمستمر، نرى أنهم يتحايلون على المواطن واضعين من أنفسهم فرسان للإصلاح بأساليب وصيغ بالية ونظريات لم تعد تصلح لقرون مضت مدفوعين بغبائهم مرة أخرى وهم يعرفوا إن المفسدين لا يمكن أن يكونوا مصلحين .

صيحات وادعاءات وتخرصات يسمونها إصلاحات يتوافقون ويختلفون عليها للبقاء بأجواء السلطة وامتيازاتها، إصلاحات يفترض أن لا تمس الطبقة الحاكمة ليدفع سواهم ضريبة ما اقترفت أيدهم ، على المواطن أن يدفع من قوت يومه لمجابهة الأزمة المالية التي هددت بقاءه كانسان بدلا عن سراق المال العام ويعوض هبوط سعر برميل النفط الذي ارتهنوه للشركات بعمالتهم من لحم عياله، المواطن عليه أن يستنزف دمه ويقتل كل ساعة دفاعا عنهم وعن أولادهم من جرائم حفنة من المرتزقة الجبناء الدواعش الذي هم مكنوهم من الأرض والعرض بهروبهم منهم ، المواطن يجب أن يتحمل أعباء خلافاتهم الدينية والطائفية والمذهبية والجهوية ليفترش العراء نازحا أو يستوطن البحر مهاجرا وهم يتصدرون الفنادق والقاعات تحت شعار المصالحة الوطنية بل إن أغباهم سماها المصالحة المجتمعية .

وعندما أعلن الفشل عن نفسه صراحة ووصدت الأبواب وضاق الشعب والمجتمع الدولي بهم ساقهم جهلهم من جديد إلى دس الرأس في الرمل وكشف المؤخرة ، تعديل وزاري جوهري والبرلمان يرحب والوزير الفلاني يضع استقالته تحت التصرف والكتل تجتمع وهذا يشخبط وذاك يخربط وإلا طحين، كلام فارغ ومبادرات عرجاء وإصلاحات نص ردن لا يمكن أن ينجو العراق ويرجع معافى من فعلتهم ، العراق يمر بمرحلة صعبة وخطيرة أما عراق أو عراقات متعددة مشرذمة جائعة متناحرة مهملة ومنبوذة ،والذي يرى إن هؤلاء من سينقذ العراق من مصيبته فهو واهم وغبي مثلهم ، دق الجرس وأخفيت الأقلام وطويت الدفاتر وغادر الجميع ، انتهى الدرس فهمت الموضوع أم لم تفهمه.