18 ديسمبر، 2024 9:31 م

انتهى الجهاد الأصغر وبدأ الجهاد الأكبر

انتهى الجهاد الأصغر وبدأ الجهاد الأكبر

أذكر مره عندما قرأت قصة الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر˛ وكيف وصف الرسول الكريم (ﷺ) أن جهاد النفس وكبح جماحها عن شهوات الدنيا˛ من مال ونساء وسلطة هو الجهادالأكبر. وأن القتال في سوح الوغى˛ وبذل النفس الزكية في سبيل الله˛ وأعلاء كلمته هو الجهاد الأصغر˛ فأصابني العجب ولكون حادثة قرأت ذلك النص كانت في بداية حياتي˛ ومع الخطوات الأولى في طريقي˛ نحو العلم والمعرفة فكدت أشكك في صحة الرواية.
ولكن واليوم وأنا أتسلم مهام منصب أخذ مني بطريقة ملتوية ويأتي من لايستحقه ˛وعمل على تسخيره لأجل مصلحته الشخصية. فقد كان يقوم بأعمال التي يترتب عليها التمتع بالأيفاد أما الأعمال ذات الطبيعة الحساسة والتي تتطلب الأحتكاك مع جهات وأشخاص ذو شأن ومتنفذة وهي في كثير من الأحيان تتخذ سياسة مصلحتي اولا˛ً وليس المصلحة العامة ولا تتواني عن أستخدام الأساليب الملتوية˛ في تحقيق مأربها فأنه يبتعد عنها بحجة عدم توفر المعلومات الكاملة˛ وأني على الأطلاع بكافة التفاصيل.
وليس هذا فحسب كل كان يعمل بأستمرار في سبيل أقصأي˛ عن ممارسة أختصاصي المهني˛ وتكليف شخص بعيد عن ذلك الأختصاص محاولةً˛ منه على توصيل رسالة مفادها أمكانية الأستغناء عني في حالة الأعتراض على تلك الممارسات التعسفية بحقي. والأغرب من ذلك خداعه لنفسه وللأخرين وتسويفه لكل رأي ينطلق بأتجاه عدم عدالة أعفائي˛ عن منصبي وكانت أدارته ليست سوى عملية سرقة لجهودي˛ فقد كان عندما يستلم بريد يتضمن كتب مفادها طلب رأي أو التزود بمعلومات تخص عمل الوحدة˛ فهو يقوم بتحويل تلك الكتب لي لغرض الأجابة وبعد أن أجيب فأنه يقوم بنسخ أجابتي والتوقيع عليها.
وليس هذا فقط بل أنه كان يقوم بسرقة المعلومات الموجودة في مطالعات أعدت من قبلي˛ وتقدم لرئيس المؤسسة التي أعمل بها ضمن فريق عمل لمعالجة مشكلة معنية بحجة أنها تحتوي معلومات يستفيد هو منها. وكأن عملي في شركتنا هو جمع المعلومات لمسؤول لا يتهم إلا بمنفعته ومنفعة بطانته˛ وتقديم تلك البيانات حتى يعرضها هو لرؤسئنا˛ ويبدو لهم كم هو مسؤول متفاني في عمله. أما أنا فعلي الأكتفاء بمجرد أداء عملي و ممارسة أختصاصي الذي هو جزء أساسي من شخصيتي وكلمة أنت تعمل أنت مجد.
في لحظة قرأت الأمر الأداري الخاص بأعفاء مسؤولي المباشر وتكليفي بدل عنه مع بقاء أحد بطانته ضمن فريقي˛ وحيث كان الأخير يعمل أجتثاثي˛ وجعل يومي في العمل صورة عن نظرية الصراع من أجل البقاء والبقاء للأخس والأكثر نفاقاً. فكرت كثيراً وأسترجعت ذاكرتي ˛وما أملك من حيل ومكر يمكن اللجوء إليها ˛حتى أجعل الأخير يرتشف من نفس الكأس الذي سقاني منه الكثير. فأني بما أمتلك من ذكاء قادر على جعله يرى˛ الشمس في ظهيرة تموز العراق.
وفي لحظة لا أجد لها تسمية غير لحظة سقوط في يد الله (ﷻ)˛ بعد أن كنت أطير بجناحي أبليس وعدت إلى رشيدي˛ وقلت في نفسي ليس الجهاد الأكبر هو العفو˛ ونبذ الأنتقام أو الأبتعاد المنافع والمأثر فقط˛ بل و الأهم من ذلك هو تطويع النفس وجعلها أداة في خدمة المجتمع˛ وجعل المنصب صغر أو كبر وسيلة لبناء الوطن لا غاية لبناء الذات. وقلت في النهاية الحمدلله فقد انتشلتني أرادة الله (ﷻ).