23 ديسمبر، 2024 9:33 ص

انتهاء شهر عسل الكهرباء

انتهاء شهر عسل الكهرباء

القصة تتكرر كل عام ومن قبل شخص واحد وظيفته وزيرا للكهرباء , وفحوى القصة إن أزمة الكهرباء في طريقها للحل وان الصيف الحالي سيشهد تطورا ملحوظا يختلف عن السنوات السابقة , وغالبا مايكون موعد هذه التصريحات قبل حلول الشتاء أو قبل الصيف أي في الأسابيع التي يقل فيها الطلب على الكهرباء بسبب اعتدال الجو , وعندها تبدأ الإعلانات بالظهور والتي تدعوا المواطنين الكرام بعدم الإسراف في الكهرباء وترشيد الاستهلاك , كما يبدأ التهديد والوعيد بقطع الخدمة عن المواطن الذي لايسدد أجور الكهرباء .

وعند بداية ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة وتزايد فترات الانقطاع , يظهر الوزير نفسه ليعلن بان أسبابا قد حالت دون الإيفاء بالوعود رغم إن الطاقات الإنتاجية قد ارتفعت أكثر من نسبة 100% , ومن أبرزها عدم تزويد الوزارة بحاجتها من الوقود وزيادة استهلاك المواطن للكهرباء فالزيادة في الاستهلاك تزيد بمعدلات تزيد عن الزيادة في الطاقات الإنتاجية والمواطن أصبح لايستخدم (الصوبة) النفطية لأنه يستخدم الهيترات كما انه لايستخدم المبردة خوفا على (الواتر بمب )لهذا يستخدم أجهزة التكييف عوضا عنها .

وفي آخر إطلالة لوزير الكهرباء الحالي , قال إن الكيلو واط الواحد من الكهرباء يكلف 140 دينار عراقي ولكنه يباع بمبلغ عشرة دنانير للمواطن كما قال إن الأحمال الحالية هي بحدود 16 ألف ميكاواط والطاقة الإنتاجية ستبلغ 18 ألف ميكا واط عند نهاية سنة 2014, وان سياسات الوزارة في التشغيل تعتمد على الوقود المجهز من وزارة النفط ولوح بأنها لم توفي بكامل التزاماتها مما يتعذر تشغيل المحطات كما تطرق إلى موضوع مهم وهو إن شهر العسل في طريقه للنهاية وربما انتهى بالفعل لان التجهيز سيكون بحدود 20-24 ساعة يوميا .

وقبل أن تغادر الحكومة الحالية , فقد اتهمها بأنها لم توفر احتياجات الوزارة من الموازنة , حيث إن وزارة الكهرباء بحاجة إلى 11 مليار دولار في الموازنة الاتحادية , ولكنها لم ترصد لها سوى 4,2 مليار دولار واصفا المشكلة بأنها تتعلق بالموازنة فخلال السنوات الماضية لم تتم الاستجابة للطلبات بنسبة 100% إطلاقا , كما إن المشكلة ترتبط بوزارات الدولة لأنها مدينة بأكثر من 1,1مليار دولار ولم يقوموا بالتسديد لعدم توفر التخصيصات المالية في موازناتهم المالية مما يتعذر القطع عنهم لارتباط أعمالهم بالخدمات التي يقدمونها للمواطنين .

ولم يتوقف الوزير عن شرح هموم واحتياجات وزارة الكهرباء , فلديها متعلقات مع المالية والتخطيط بخصوص التخصيصات ومع وزارة النفط بخصوص الوقود اللازم للتشغيل و مع كل الوزارات الأخرى بخصوص تسديد المستحقات , ولان البرنامج مسجل ولا يبث مباشرة على الهواء , فقد تعذر أن نسال معالي الوزير عن ماهية المواضيع التي تتم مناقشتها أثناء انعقاد مجلس الوزراء كل يوم ثلاثاء , ففي الاجتماعات يفترض أن يلتقي الوزراء جميعا للتحاور في المشتركات والخروج بحلول للمشكلات القائمة ومنها وزارة الكهرباء .

وحسب معلوماتنا المتواضعة فان رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي خلال ولايته الأولى والثانية قد أعطى الأولوية القصوى لمعالجة مشكلات الكهرباء جذريا , ومن مواقفه المشهودة انه حين لم يوافق مجلس النواب على تمويل عقود شركات ( GE الأمريكية و Siemens الألمانية ) , فانه لجأ لإصدار حوالات الخزينة للدين الداخلي لغرض تمويل هذه العقود , وقد كانت تلك العقود من أهم الانجازات التي جيرها الوزراء لصالحهم رغم أنها من الخطط التي وضعها الوزير الأسبق كريم وحيد الذي تم تشويه صورته وجهوده في الكهرباء على حساب عرس ابنه في احد الفنادق .

ونعتقد بان الكهرباء في العراق ليس في مشكلة حقيقية لان ماانفق على الكهرباء ليس قليلا كما إن الخبرات الوطنية لعلها الأفضل في المنطقة , والسبب الفعلي لمشكلات الكهرباء تتجسد في انعكاس تداعيات مشكلات الآخرين على الكهرباء , فقد تم تحديث الإنتاج والنقل والتوزيع والسيطرة بحيث دخلت آخر التقنيات العالمية , وكان المفروض أن تعمل المحطات بالوقود المصمم بموجبه وهو الغاز, ولكن جولات تراخيص الغاز لم تواكب الاحتياجات الفعلية مما اضطر تلك المحطات بان يتم تشغيلها بما يتيسر من وقود, فتارة الثقيل وتارة الكاز وهو ما يعرضها للتوقفات .

والمتابع لقطاع الكهرباء , يدرك تمام الإدراك النمو الحاصل في الطاقات الإنتاجية الخاصة بالتوليد , ولكن التوليد لوحده لايحل المشكلة إذا لم يتوفر الوقود الكافي وطاقات النقل والتوزيع , وهو ما يتطلب فهما موضوعيا لموضوع الكهرباء وعزله عن السياسة , كم إن ذلك يستلزم التنسيق المتكامل بين أجهزة الدولة لكي تعمل على أساس التكامل والرابط والشمول خارج الاتهامات والتخوين , ومن دون ذلك سنبقى نشهد اشهر عسل للكهرباء سرعان ما تنتهي في مواسم الذروة , وبذلك يتكرر المشهد المألوف وهو حدوث ظهورين مألوفين لوزير الكهرباء واحدا للنشوة والثاني للدفاع والتبرير