23 ديسمبر، 2024 4:16 ص

انتهاء دور المرجعية الدينية برأي المالكي

انتهاء دور المرجعية الدينية برأي المالكي

بدء ظهور نجم المرجعية الدينية في النجف بوجه الخصوص ، وسطوة رجال الدين وتحكمهم في جميع الامور المفصلية وغيرها  في العراق بشكل عام ، بعد عام 2003 الاجتياح الامريكي للارض العراقية . واسقاط اعتى وابشع دكتاتورية عرفها التاريخ المتمثلة بنظام حكم الرئيس الراحل صدام حسين وحزبه البعث الجناح العراقي.
كان لصدام ودوره القمعي الاجرامي الذي يمارسه ضد شعبه ، فضل كبير اعطاه الى رجال الدين كافة ، من حيث الاعدامات التي حصلت للعلماء وبطرق غامضة وفرض الاقامات الجبرية على بعض . اعطتهم الهالة الكبيرة التي يجهلها المجتمع حتى الكثير من العامة يعتبرون رجل الدين ملم بكل العلوم الطبية ، والفيزيائية ، وعلم الرياضيات  فضلا عن الفقه ، ويطلقون على احد العلماء بانه عالم فلك والاخر عالم فلسفه بمعنى (الكلام ) وهكذا .. فالغريب عند زيارتي لمكاتب المراجع في النجف لاستطلاعات الصحفية ارى اناس يسألون الفقيه ماليس به علم . فاحدهم يطلب منه اعطاءه وصفه طبيه لانه مصاب بمرض جلدي ، والاخر يريد طفلا لانه هو عقيم . هذا الغموض الذي يلف حول المرجع ومجال عمله جعل منه هالة مقدسة لدى اغلب الناس فمن الناس يتٍسأل ماذا يأكل المرجع ، وهل هو مثلنا . والاغرب والادهى ان عامة العراقين من المذهب (الشيعي ) ما يقرءون لما يكتبه مراجعهم التقليدون بل يحملونهم ماليس لهم ، فالاشاعات تدور عليهم من كل ناحية طبعا تصب لصالح رجال الدين ، القلة من قرء كتاب (اقتصادنا ، وفلسفتنا ) للمرجع الديني اية الله محمد باقر الصدر الذي اعدمه نظام الطاغية صدام عام 1979 ، لكنه بسبب الضبابية التي احاطت بمقتل الصدر جعلت من كتبه يظن بها الكثيرون انها تدرس في الجامعات الغربية ” هذا لا ينقص من قيمة كتب الصدر “.
اخطاء صدام وتصرفاته الغير مدروسه جعلت العراق والشعب بسطوة الرجل ( المعمم ) ، فمن احاط راسه بقماشة سوداء (سيد ) من نسل الرسول الكريم ، او بيضاء (شيخ ) كانت له القداسة والحظورة .. فهنا بمدينة النجف تاريخ الحوزة الدينية لا يشهد لرجل دين ثري او يعمل في التجارة او مؤسسات الدولة . فبالرغم من نمط دراستها التقليدية الملائية والمتمثلة في الدراسة الحرة والبسيطة لكن عمل رجل الدين الى اخر عهد يتمثل في الامور الشرعية والتبليغ . لكن ما نشهده في الوقت الحالي هو تدخله في كافة مفاصل الحياة ، فاصبح هو ” صاحب شركات مقاولات ، والتاجر من استيراد وتصدير ، ناهيك عن زج نفسه سياسيا والبرلمان عبارة عن عمائم سوداء وبيضاء “.
اختصرت هذه الوجازة لابين بطريقة عجولة صورة نمطية عن حوزة النجف ولم اتطرق لصراعاتها فيما بينها وبين كبار المراجع ، قرات الكثير سير ومذكرات لكبار العلماء فاحدهم يتهم الاخر وكان مذكرات السيد الشهيد محمد باقر الصدر تعطي صورة واضحة وجليه كيف تخل علماء النجف الكبار عنه وابتعدوا حتى تركوه يصارع النظام لوحده ، وانا كنت من الشاهدين لسيرة السيد الصدر الثاني محمد محمد باقر الصدر وخطبه في مسجد التي كان يتمنى ان يحضرها مراجع الدين حتى ورمت حنجرته من دعوتهم وهم اذان صماء حتى وصفهم انهم ساكتون صامتون ، ك(صمت القبور) ، ولم تنتهي مرحلة الصراعات الى هذا الحد بل الان امتد صراعهم بين حوزة قم – والنجف .
فايران التي تتبع ولاية الفقيه تريد تجعل من حوزة النجف تحت عباءة مرشد الجمهورية الايرانية السيد علي خامنئي ، لكن المرجع الديني اية الله السيد علي السيستاني يقف حائلا دون حصول ذلك ، فبالرغم الاواصل والمحبة وانشداد المعممين لايران لكنهم يفسحون لايران ان تمارس هيمنتها في جميع الحقول العراقية ، لكنها يمانع المراجع الاربعة التقليدين وهم ( اية الله السيد علي السيستاني ، واية الله السيد محمد سعيد الحكيم ، واية الله الشيخ محمد اسحاق الفياض ، واية الله الشيخ بشير النجفي )وهؤلاء اصحاب الدراسة الفقهية التقليدية والتي تؤمن بالولاية الخاصة .
اثار المالكي حفيظة المرجع السيستاني عندما طلب من المرجع السيد محمود الشاهرودي المقيم في ايران ومؤسس حزب الدعوة الاسلامية المنتمي اليه المالكي ان يفتح مكتبا له في النجف بدعما منه .
الشاهرودي الذي حمل منصب رئيس السلطة القضائية في ايران تعتبره مرجعية النجف غير مجتهدا ، لكونه لا يحملا شهادة خطية بالاجتهاد فهو يدعي انه حصل عليها  من السيد محمد باقر الصدر شفهيا .
وكان مكتب الشاهرودي افتتح في محافظة النجف رسمياً في (13 تشرين الاول 2011 ) بحضور ممثلين عن مراجع الدين إسحاق الفياض وبشير النجفي ومحمد سعيد الحكيم وعدد من طلبة العلوم الدينية في النجف.
وطالب السيستاني طلابه وجميع المقربين منه بعدم حضور افتتاح مكتب الشاهرودي او الدراسة لديه ومنعهم من اخذ رواتب المساعدات التي يقدمها مكتب الشاهرودي لطلبة الحوزة في النجف .
ويعتبر الشاهرودي أحد مؤسسي حزب الدعوة الإسلامية، وغادر العراق في العام 1979، إثر ملاحقته من قبل النظام السابق، وتوجه إلى إيران، بإيعاز من مؤسس الحزب محمد باقر الصدر، ليكون وكيله العام وممثله الخاص لدى الخميني.
شعرت مرجعية النجف بالخطر المحدق من تحركات المالكي حيث ان جميع اعضاء حزب الدعوة يرجعون بتقليدهم الى اية الله السيد محمد حسين فضل الله في لبنان وبعد وفاته طلب قادة الحزب ارجاع تقليدهم الى الشاهرودي فكانت رسائل خوف تدق لدى قلوب المراجع من انقلاب ابيض يحوكه المالكي اتجاهم من فتح مكتب للشاهرودي في النجف ، فسارع مكتب السيستاني الى اعلان رصد ابوابه امام  المسؤلين العراقين وفي مقدمتهم امام رئيس الوزراء نوري المالكي وتلته جميع مراجع النجف باغلاق ابوابها بحجة عدم سماع المسؤلين لنصائح المرجعية واعلان تذمرها من نقص الخدمات للمواطنين وانعدام الامن .
مصادر مؤكدة من مكاتب المراجع اكدت بكلامها لي شخصيا ان المراجع تفاجئوا بزيارة المالكي للنجف الاخيرة وحضوره مؤتمر المرشدين والمبلغين الذي اقامته هيئة الحج ، فكانوا على امل ان يتصل مكتب المالكي بمكاتبهم لترتيب لقاءات لكنه لم يفعل ورجع الى بغداد دون لقائهم .
المرجعية التي نفسها المرشدة الروحية للعملية السياسية ولها الفضل في صعود ساسة البلد الى السلطة تجد نفسها في موقف صعب من دكتاتورية المالكي الذي انقلب وخرج من عبائتها .
المالكي وفي اعتقادي يرى ان المرجعية انتهى دورها من امور ارشادية للساسة حيث انهت اشرافها على كتابة الدستور وخروج القوات الاميركية من البلاد ، فعليها الان ان تتجه الى عملها النمطي الديني الفقهي وبناء الحوزات والجامعات الدينية لا ان ينشغل وكلاء كبار المراجع الذين ينتقدونه في خطب الجمعه باستيراد الدجاج واللحم من الخارج ويكتبون عليه باشراف مرجع (…) .