23 ديسمبر، 2024 5:52 ص

انتم راحلون والحشد قادم

انتم راحلون والحشد قادم

واحدة من أهم أسباب هزيمة الشعوب العربية من ذاتها؛ أنها تحكم وتفسر على المظهر وتترك الجوهر والقضية؛ لتعيش في تيه بلا هوية، وهكذا تعاملوا مع القضية العراقية وحرب الإرهاب، ولأن الحشد الشعبي أحد أهم القوى التي دحرت الإرهاب، فقد حاولوا بشتى السبل الأساءة والتلفيق، والمؤسف أن الإعلام المزيف تفوق في مواقع كثيرة على الحقيقة والقضية.
حال العرب كالسفير السعودي، الذي تهرب من سؤال عن الحرب على اليمن بنكتة سمجة.
سأل الصحفي زياد جيلاني من مجلة The Intercept ؛ السفير السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية الشيخ عبدالله آل سعود: هل ستواصلون أستخدام الأسلحة العنقودية في اليمن؟ فرد عليه ” كأنك تسأل ها ستتوقف عن ضرب زوجتك”، وكرر الصحفي سؤاله وطلب الإجابة بنعم او لا؛ رد السفير: ” أنتم تمتهنون السياسة؛ أنا لست سياسياً”، ولذلك لا غرابة من إنتقاد الكاتب السعودي جمال خاشقجي؛ لحصول فلم عن الحشد الشعبي للمرتبة الأولى؛ في مونديال القاهرة للفن والإعلام، وهجمة شرسة في مواقع التواصل الاجتماعي العربية؟! 
قال خاشقجي: ” أخواننا في مصر الى أين أنتم راحلون”؟ ” ما يجري عيب”؟!، ولا اعتقد أن الكاتب شاهد الأفلام المعروضة ولا ذلك الفلم الذي انتجه الحشد الشعبي، الذي يتحدث عن معركة الخالدية، ويشرح الاسباب التي دعت لتأسيس الحشد الشعبي، وكشف الدول المتورطة في مساعدة داعش؛ بفتح منافذ حدودها للعصابات الإرهابية لدخول العراق.
إن ما عرض في القاهرة فلم وثائقي واقعي؛ ليس من نسج خيال كاتب، أو من أمنية طامح، وفي الحقيقة قصص مشاهد لم توثقها الكامرات، وآخرى كتبتها الدماء على صدر الوطن، ويحق للتاريخ التوقف في العراق، ويبدأ بإعادة سجلاته، ومن هذه البطولات لا نقول أن الشمس أشرقت هنا او حضارة وادي الرافدين عمرها أكثر من 5000 عام؛ بل ما كان يجري في التاريخ مخاض؛ لولادة قمم للإنسانية والتضحية والبطولة والشرف والكرامة، وجاءت جائزة الفلم من قناعة تحكيمية دون مواربة، والعالم بدأ يقتنع أن الحشد الشعبي؛ خرج بصدور عارية لمواجهة الرصاص من أجل حماية الإنسانية في العالم، ورد تلك الغيمة السوداء عن الشعوب.
من السماجة والسخرية أن يتحدثون عن الإنسانية، وهنا في العراق مهدها وموطنها وصُناع حياتها، والأغرب أن الطائفية سيطرت على عقول من يدعون الثقافة؛ فما كان حديثهم إلاّ سخافة وتخلف.
إعلامنا ما يزال دون مستوى المطلوب، وكيف للكذب أن يتفوق على الحقيقة، ومرة واحدة عند زيارة فريق فنانين مصرين الى مجزرة سبايكر؛ أحدثت ضجة في الأوساط الإعلامية العربية، ونحتاج الى أقامة مهرجانات وتنظيم زيارات للإعلاميين من مختلف أرجاء العالم، والمهم إستثمار الكفاءات الإعلامية والفنانيين العراقيين والشعراء والملحنيين، وننتج أفلاماً عملاقة وإعلام موحد لا يُحدد بأطر حزبية، وأناشيد حماسية؛ لأن المعركة حامية الوطيس؛ لا يمكن لهاوي في مواقع التواصل الإجتماعي تجسيد ملامحها، وهو يعيش بين أدوات ضخمة وأموال جمة من الكذب والخداع، وعقول متخلفة بمستوى وزراء وسفراء وملوك؛ ما يزالون يعيشون الجاهلية وإستعباد النساء؛ فلا غرابة أن سكتوا عن الإغتصاب والسبي، وعيب تأصل من الجاهلية، ولكنهم راحلون والحشد قادم.