23 ديسمبر، 2024 10:41 ص

انتفاضة الشواف.. ذاكرة عصيّة على النسيان

انتفاضة الشواف.. ذاكرة عصيّة على النسيان

مرت قبل عقود خلت ذكرى مجازر الموصل الاجرامية.. مرت دون ان يتطرق لها احد مع الاسف و لذلك نرويها كما نتذكرها و قبيل فترة الاحتفالات بعيد المراة العالمي في ذلك الوقت تحرك قطار الفتنة من بغداد متوجهاً الى الموصل الحدباء بتوجيه و تنسيق من احد احزاب ذلك الزمن، و كانت المهمة هي البحث عن الكسب السياسي باي طريقة و ثمن و في ذلك الزمن الاسود حدثت انتفاضة/ مؤامرة/ عصيان/ تمرد/ فتنة “سمها ما شئت” غير انها حدثت و اصبحت جزءاً من تاريخ ذاكرة ذلك الزمن الاسود. لكنها انتفاضة هزت البلد من اقصاه الى اقصاه و احدثت تجليات شروخها لا زالت غائرة في جسد العراق الدامي.
حدث ذلك منذ عقود عندما نصح العقيد عبد الوهاب الشواف الزعيم عبد الكريم قاسم ان يمنع او يوقف ذلك الحشد الاحتفالي القادم من المدن العراقية الى ملعب الموصل كونه عمل مدبر سيؤدي الى فتنة في مدينة الموصل، و حتى لا يحث ما لا يحمد عقباه بين القادمين و اهالي الموصل و امام اصرار احد الاحزاب المشرفة على الاحتفال و التي خرجت من جبهة الاتحاد الوطني محاولة الاستفراد بكسب الشارع مستغلة ضروف معينة.
جاءوا الى الموصل بقطار اسموه قطار السلام دون التفكير بعواقب خطر الفتنة التي ستقع حتماً و بعد تجاهل بعض وجهاء الموصل و الحاح آمِر حامية الموصل ( العقيد عبد الوهاب الشواف) حدث ما كان يسمى في حينة بانتفاضة الشواف و حصل ما حصل مما دفع بعبد الكريم قاسم الى ارسال المرحوم العقيد حسن عبود و بعد قصف القلعة الحجرية و معسر الغزلاني و حامية الموصل حيث قتل العقيد الشواف و بعد مقتلة حدثت مجازر رهيبة لم تعرف الموصل مثيلاً لها من كثرة الضحايا سواء عسكريين او مدنيين و شكل ذلك الحزب في منطقة عين زاله محكمة سميت بمحكمة القصاب و كان المتظاهرون لذلك الحزب يهتفون ( القصاب يحكم و المهداوي يبصم) و استمرت حمامات الدم و قتل الكثير باسم السلام و سحل اخرون باسم الديمقراطية و علقت اجساد البعض باسم العدالة و كل هذا حدث في الموصل ، لا بل عُلق جسد الشهيدة حفصة العمري على عمود الكهرباء و سحل اخرون بالحبال و يتذكر من عاشوا تلك الفترة ما فعله المجرم سامي حبابة بالجثث.
و امتدت المجازر لتطال عسكريين امثال ناظم الطبقجلي و الحاج سري و اخرون تم اعدامهم على تلة ام الطبول في ذلك الوقت ( و اقيم لهم جامع في المكان الذي اعدموا به) و منذ ذلك الوقت ادخلت للمشهد السياسي ثقافة الانتقام و الحقد الاعمى مشكلة جرحاً دامياً امتدت اثاره الى اليوم و ربما الى زمن قادم اخر لا نعرف نهاياته، فهذه هي نتائج الخطأ القاتل الذي وقع به من اجج الفتنه من كسب سياسي بائس و رخيص و محاولة الاستفراد بالسلطة و ملئ المواقع الوظيفية لا بل ظهرت ثقافة الرعاع في الشارع يحملون الحبال التي تدعو الى فرض الدكتاتورية و منع الحرية (على اعدائها كما يدعون) و ظهرت فلسفة تبرير القتل و السحل و فرض شعارات جائرة على الشارع، حدث ذلك في مدن العراق و في بدايات عمر ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨، و هو سجل حافل لتاريخ علينا ان نبقيه للذاكرة كي لا يعود و حتى نستفيد و نتعض من تجاربه ان كنا نطمح فعلاً ان يكون بلدنا ديمقراطي حقيقي مزدهر و موحد بكل انتمائاته و مكوناته، فهل سنتعلم و نتعض..
لنرى..

[email protected]
004369910381116