قبل الشروع بمقالتي هذه افتتح ببعض كلمات انقلها من كتاب (فلسفة الدولة) للدكتور منذر الشاوي : “… كما ان هذا التصور لمفهوم الشعب تمليه أيضا متطلبات ممارسة السلطة السياسية: فالشعب في حقيقته السوسيولوجية لا يصلح لأن يكون سنداً للسلطة. فتنظيم الشعب في هيئة انتخاب، مثلا، يفترض عدداً من المتطلبات (أحزاب، مرشحين…الخ) من شأنها طمس تلقائية الإرادة الشعبية . فلا بد إذن من التسليم بقرينة مفادها أن القرارات التي تتُخذ هي التعبير عن إرادة الشعب في مجمله. وهذا يتطلب تعريفاً – مناسباً- للشعب يكون في صالح النظام السياسي. وإذا كان الشعب المحدد بهذا الشكل هو في الغالب، أبكم يبرر عجزه تدخل مترجم، فهذا غير مهم، يقول الاستاذ بردو، لأنه قد أدى مهمته طالما سمح للحكام أن يدعوا الوصل به فهو يضمن شرعيتهم” … المصدر كتاب فلسفة الدولة للدكتور منذر الشاوي ص 73. ومن هنا انطلق في توضيح رؤية باتت – وللاسف الشديد – غير واضحة ام ان البعض يتعمد غض الطرف عنها، حيث ان الاحداث المتلاحقة التي جرى مسرحها في محيط وداخل المنطقة الخضراء تحتاج الى وقفة تأملية وتحليلية بعيداً عن التشنج والنظر اليها بمنظور واقعي .واعتقد لا يختلف اثنان على ان العراق يعاني من عدة مشاكل ومسببات هذه المشاكل والازمات تتوزع في عدة حقول، الامر الاول هو الاحتلال الامريكي للعراق وما سببه من فوضى وتدمير للبنى التحتية او ما تبقى منها بعد ما دمره الغرب عام 1991 وما اعقبه من الحصار ومغامرات النظام السابق.ومن الطبيعي ان بعد كل عملية تغيير في الحكم تتجه الانظار الى اعادة الاعمار وفرض القانون والعدالة الاجتماعية التي افتقدها الشعب العراقي على مدى عقود ، غير ان الواقع ينطق بنقيض هذا، حيث ازدياد الدمار ، توسع دائرة الفقر، انتشار الجريمة، دخول ممنوعات كان الشعب العراقي يشاهدها فقط في الافلام (المخدرات مثلا) ، ترسيخ طبقتين في المجتمع ، فاحشة الغنى وفقر مدقع ، واضحى من له قريب في الاحزاب المتنفذة او يعمل عند البرلمانيين او الحكوميين يتمتع باموال ومنازل فارهة ، والشعب يعاني الامرين لتحصيل رغيف الخبز.اذن يوجد تقصير من قبل الحكومة ومن اصحاب القرار السياسي، او هناك قصور في اداء العمل، وعندما تستفحل هذه الحالة، فما هو المنتظر من الشعب، هل تطالب الشعب بالتصرف بتعقل وانت تسكن في بيوت وقصور مرفهة ، هل تطالب العامل (البناء وغيرها من المهن) بالصبر وهو يشاهد موكب عجلاتك المصفحة تغلق الطرق والشوارع لكي تصل الى مكان العمل الخاص بك يا ايها السياسي، والمواطن يقف في طابور ولفترة طويلة ومعرض لخطر القتل او الاصابة فقط لان موكب سيادتكم يسير في الشارع، ماذا تنتظر من المواطن الذي يضطر لكي يقتلع ولده من الدراسة ويزج به في العمل المضني والقاسي لكي يوفر لقمةالعيش وابناءك يا ايها البرلماني ينعمون باموال هذا المواطن في اوربا ويمتلكون ارصدة وسيارات وشقق ووووووووو…..ماذا تنتظر من المواطن يا من تدعي انك تمثل السماء بردائك وعمتك وهو يشاهدك تمجد بحياة الزهد وتعيش حياة البذخ … تتغنى بحياة علي وتعيش حياة معاوية … تلعن هارون وتقتل موسى بن جعفر كل يوم… تبكي على الحسين وعلى يديك بقايا من دماءه .والمضحك المبكي … ان الجميع يمقت الفساد… الجميع ينادي بالنزاهة… الجميع يلعن الارهاب … الجميع يبكي على الشعب… الجميع يرتدي لباس الملائكة (هنا الجميع اعني بها ساسة وحكومة ورجال دين)، اذا كنت يا سيدي ملائكة ….فالشعب اذن هو الشيطان، اذا لم تسرقوا البلاد وثرواتها ، فالشعب هو الذي سرقها، اذا لم تكونوا انتم داعش والارهاب ، فمن يكون اذن … الشعب هو الارهابي الشعب هو داعش .اذا كنتم انتم الملائكة ، وانتم معصومون من الاخطاء ، منزهون عن الزلات، فابتعدوا عنا ، نحن شعب ارهابي ، سارق ، متوحش، ملحد، كافر … لماذا انتم جاثمون على صدورنا ، ظهر معدنكم الحقيقي بعد دخول التظاهرات الى قلعة فسادكم وما تطلقون عليه بالبرلمان…كم تمنيت اشاهد غضبكم بسقوط الشهداء من شعبي، كم حلمت ان ارى كلمة البرلمان موحدة بقضية تهم الشعب، غير انكم غضبتم لقلعتكم ، ولم تغضبوا بسقوط اكثر من 100 الف عراقي خلال الـ 6 اشهر الماضية من هذا العام ، لم تتحد كلمتكم حول رواتب ومعاشات ذوي الاعاقات او شهداء الارهاب والبيوت المهدمة والعوائل التي تقطن المزابل ، لكن كلمتكم توحدت بدخول الشعب لقلعة فسادكم وطهر حقدكم ومعدنكم وسقط قناعكم وظهرت انيابكم التي تقطر بدماء الشعب …اقول كلمتي هذه وبها اختم مقالي هذا، لا تعتمدوا على الامريكي او العربي او الايراني … لكل اجل كتاب ….