17 نوفمبر، 2024 7:26 م
Search
Close this search box.

انتفاضة البصرة 17 / 3 .. خالدة رغم أنف الإعلام والحكومة

انتفاضة البصرة 17 / 3 .. خالدة رغم أنف الإعلام والحكومة

في الساعة الحادية عشرة من ليلة الأول من ذي الحجة عام 1419 للهجرة المصادف 17 / 3 / 1999 للميلاد استفاق اهالي البصرة على أضواء انارت سماء المدينة واصوات لاطلاق النار من مختلف ارجائها . وقد عرف بعدها الناس وأجهزة الأمن والبعثيين ان اتباع المرجع السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قد انتفضوا ثأرا لسيدهم ومرجعهم الذي اغتالته الأيادي البعثية المجرمة قبل اقل من شهر من انطلاق الانتفاضة وتحديدا مساء يوم الجمعة الثالث من ذي القعدة 1419 والذي يواقف 19 / 2 / 1999. في هذه الفترة الزمنية القصيرة التي تقل عن الشهر تم الاعداد للانتفاضة وفي اعقد الظروف واصعبها حيث كانت اجهزة النظام الأمنية والحزبية على اتم الاستعداد تجهيزا وتسليحا لمواجهة أي طارئ يحدث بعد اغتيال السيد الصدر وكان الجيش بدباباته ومدرعاته ومدافعه يطوق المناطق الشعبية كحي الحسين (الحيانية) وغيرها لأن اغلب الذين اتبعوا السيد الشهيد الصدر كانوا من هذه المناطق الشعبية . أما الثوار فقد كانوا يعانون من ظروف مادية وامنية واجتماعية صعبة للغاية بحيث ان اكثرهم لايملك اجرة التنقل بالباص بين منطقة وأخرى في البصرة للتنسيق والتفاهم حول موعد انطلاق الانتفاضة وطريقة اداء الواجبات فيها ومن الناحية الأمنية فقد كانت عيون الأجهزة البعثية والأمنية تراقب وتتابع كل تحركاتهم وفي الجانب الاجتماعي فقد كان الثوار يحسبون للأهل والأقباء عدة حسابات فبعضهم قد لايرضى بعمل ابنائه وبعضهم قد يصيبه الأذى او يعتقل بسببهم وهكذا. وقد كان السلاح شحيحا جدا فتجد ان مجموعة مكونة من عشرة ثوار او اكثر ولها اهداف كبيرة ومحصنة لاتملك الا بندقية واحدة وربما اثنتين وبعضهم قد استخدم المدى او العصي في الهجوم.. ومع هذا كله فقد تمكنوا على قلتهم وضعف تجهيزهم من الانتصار على اجهزة امنية مزودة بأحدث الاسلحة يسندها جيش نظامي كبير بعدته وعدده. وقد سقطت ثاني مدن العراق بأيدي الثوار لليلة كاملة وامتدت لليوم التالي واستمرت اكثر في بعض المناطق وتواصلت العمليات النوعية لعدة ايام فكانت الانتفاضة بكل وجوهها تمثل قفزة نوعية وتاريخية في مسيرة الثورات في العالم وفي العراق بالخصوص. وتوجد بعض الملاحظات حول الانتفاضة أوجزها بما يلي:
أولاً: لقد مثلت الانتفاضة الرد الحاسم والسريع الذي الجم شراسة النظام واوقفها بعد ان نالت من الحوزة العلمية ومراجعها عبر التصفيات الجسدية التي طالت المراجع الشيخ البروجردي (قدس سره) والشيخ الغروي (قدس سره) واخيرا السيد محمد الصدر (قدس سره) اضافة الى العديد من رجال الدين حيث توقف بعدها النظام البائد عن استهداف المراجع ورجال الدين وخفف الكثير من الضغوط التي كان يمارسها عليهم وقد وفر الحماية للباقين منهم.
ثانياً: لقد اثبت الشباب الذين اتبعوا السيد الشهيد محمد الصدر تقليدا وطاعة وثقة انهم كانوا مصداقا لمقولة (قول وفعل) فهم كانوا دائما يهتفون لمرجعهم ويقرؤون الأهازيج الحماسية التي تعبر عن طاعتهم وحبهم واستعدادهم للتضحية وقد كانت انتفاضتهم الشجاعة ردا قاطعا على اولئك الذين يتهمونهم بانهم كاذبين او بعثيين او ماشابه . لقد اثبتت الانتفاضة في البصرة قوة العلاقة وعمقها بين المرجع وقاعدته وهذا ماحدث ايضا في مدينة الصدر في بغداد وفي الكوت والناصرية وغيرها.
ثالثاً: بعد ان سقط النظام الظالم استبشر أهالي الانتفاضة وعائلات شهدائها خيرا بالحكومات التي جاءت من خارج العراق كونها قد طالها ظلم النظام ايضا وتشردت الى الخارج قسرا وهي تفهم معانات هذه العائلات وتعرف احتياجاتها وسوف ترفع الحيف عنها وتهتم بها وتعوضها بعض ماسلب منها . وبعد ان جلس أولئك الحكام على كراسي المال والجاه والحكم نسوا الشهداء وتنكروا لعائلاتهم وبقيت الحال سيئة كما كانت في زمن الظلم البائد بل ان البعض قد ازداد حالهم سوءا في زمن الظلم الحالي.
رابعاً: ان هذه المعلومة التي سأذكرها هنا هي حقيقية مئة بالمئة وجميع من شارك في الانتفاضة وذويهم يعرفون بها وهي: “لازالت دور الذين اشتركوا في الانتفاضة والتي هدمتها اجهزة النظام المجرم وصادرتها ـ لازالت ـ مصادرة ولم تعاد الى اصحابها ومالكيها الشرعيين لحد هذه الساعة” وما يزيد الأمر غرابة ويدمي القلب ويجعل المهتم والمتابع في حيرة وحسرة هو ان امر المصادرة كان قد صدر في العام 1999 من قبل المجرم “علي حسن المجيد” الذي كان يسمى آنذاك “قائد المنطقة الجنوبية” ولازال الأمر ساري المفعول ولا يجرؤ احد على إلغائه!!!.
خامساً: في مبادرة مشكورة منه اقام مجلس محافظة البصرة نصب تذكاري للانتفاضة وشهدائها والنصب عبارة عن سفينة تضم اسماء الشهداء وتحتوي على متحف يحوي صورهم وبعض المعلومات عنهم. وقد كان الدور الأبرز في اقامة النصب لعضو مجلس المحافظة “جعفر عبدالكريم” احد المشاركين في الانتفاضة المباركة.

أحدث المقالات