17 نوفمبر، 2024 12:46 م
Search
Close this search box.

انتفاضة اكتوبر تضع العملية السياسية الاحتلالية في العراق في عنق الزجاجة وتجبرها على الاحتضار الأخير

انتفاضة اكتوبر تضع العملية السياسية الاحتلالية في العراق في عنق الزجاجة وتجبرها على الاحتضار الأخير

يكشف المأزق المحتوم للعملية السياسية الاحتلالية وأحزابها العميلة عن كل عوراتها مرة واحدة ويجبرها الظرف الملتهب في العراق وتسارع الاحداث على الانتحار المحتوم وبتجريع يومي، بات صعب التعامل معه سياسيا واجتماعيا وحتى معالجته ومواجهته باسلوب القمع والاستبداد . منذ الاول من اكتوبر / تشرين اول 2019 خطت الانتفاضة الثورية الشعبية في العراق خطوات جريئة كبيرة ، بدأت بشكل واع في جمع شمل وتنظيم الفئات الاجتماعية المحرومة والمهمشة ومن مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية ونجحت بتجاوزها الحالة الطائفية فقد تحررت طاقاتها المبدعة والخلاقة، عندما تجاوبت بذكاء معاصر عبر وسائط التواصل الاجتماعي واستجابت الجماهير لنداء التحرر الاجتماعي الذي رفعته الانتفاضة .ولكون الانتفاضة في غالبيتها من الشباب الذي انتظم متطوعا ضمن تنسيقيات ذات خصائص بنيوية على مستوى المحافظات اولا ومنه الى المستوى الوطني، حرصت خلالها التنسيقيات على العمل الجماعي والتنسيق على مستوى المحافظات الجنوبية والعاصمة بغداد، ضمت اليها العديد من الهيئات النقابية والثقافية والعلمية الفاعلة من قطاعات المحامين والمعلمين والاطباء وعديد المهن الاخرى، اضافة الى تشكل مجموعات جديدة من الاتحادات الطلابية والشبابية والنسائية ووصلت جهودها الى ضم العديد من شيوخ العشائر ممن التحقوا بالانتفاضة والاشتراك فيها . وقد تداعت ولبت الجماهير الشعبية المليونية تباعا الى نداء الانتفاضة الوطنية ، فعمل نشطائها على تجديد وتطوير شعاراتها التي انتقلت من صيغ توفير المطالب المعاشية واليومية الى شعارات الهم الوطني والسياسي العام بالدعوة الى التحرر الوطني والغاء الواقع السياسي الفاسد المهيمن على اوضاع العراق منذ 2003. وقد اختارت الانتفاضة مسار التظاهر السلمي وتطوير وسائل العصيان المدني لاحقا، ورفض العنف مهما كان مصدره، وظلت مطالبها واضحة وصريحة تركز على ضرورة إجراء التغيير الجذري المطلوب في العراق وعلى كل الاصعدة . ولم تنقطع مواسم وفعاليات المنتفضين وتنسيقياتهم التي تمسكت بحق الاعتصام والتظاهر السلمي دون الانجرار نحو العنف والصدام مع قوى السلطات الامنية وعناصر المليشيات الطائفية التي ظلت تعمل خارج نطاق القانون ومؤسسات الدولة؛ بما فيها الاجهزة الامنية وبعض وحدات الجيش، واستندت السلطات الى دعم وتجنيد المليشيات المنفلتة بل قدمت لها ط الدعم الخفي والمعلن لها مع توفير مناخات وظروف فيها من التواطؤ الواضح والصريح واسهمت بذلك عديد من قوى واحزاب السلطات وقيادات الاحزاب والمجموعات الحاكمة منذ 2003 التي وفرت لاجهزة القمع السرية كل الامكانيات، ووفرت لها الحماية القانونية والتشريعات ، وسهلت لها منافذ واساليب التدخل العنيف في كل مفاصل الدولة؛ حتى وصل الأمر بها الى تنفيذ المجازر الدموية مباشرة في عديد الساحات المنتفضة. وقد وصلت الأمور الى حد استخدام مجموعات مدربة على القنص باسلحة اوتوماتيكية دقيقة التصويب، اضافة الى استعمال الرصاص الحي وبكثافة اطلاقات الغازات السامة وحتى استعمال بنادق الصيد ، التي تطلق عشرات الاعيرة القاتلة في كل اطلاقة، محاولة منها لكبح جماع وانطلاق الثوار ومنع توسع حركة الاحتجاج الوطني، فكانت تلك الحصيلة الكارثية من سقوط ضحايا العنف والقتل المبرمج ، وقد تجاوزت الجرائم معدلات دموية من القتل، تجاوزت الالف من الشهداء واكثر من 25 الف من الجرحى والاف المعوقين والوف أخرى من المخطوفين والمختفين قسريا واغلبهم من النشطاء في عديد المدن العراقية . وقد ظلت الحكومة العراقية الساقطة التي قادها عادل عبد المهدي في موقف الصمت والتجاهل واللامبالاة وهي تستلم التقارير و ترصد ارقام المجازر المتتالية في مختلف الساحات وعلى مدار الساعة. ها هي الانتفاضة تدخل اليوم شهرها الخامس، متجاوزة 150 يوما مريرا تعد ايامها الاصعب والاقسى دموية في تاريخ العراق في مختلف مراحله السياسية السابقة والمعاصرة. وفي مقابل ذلك تعرَّت الكتل السياسية الحاكمة، وظهرت مليشياتها المجندة ضمن مجموعات سرية وعلنية من فرق مشكلة من مرتزقة ومسلحين وقتلة واصحاب سوابق عدلية وجنائية تجمعت تحت قيادة واشراف الحرس الثوري الايراني واذرع المليشيات المنفلتة محليا، التي تتم ادارتها من قبل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني. تصاعد العنف في الفترة الاخيرة وبشراسة دموية قلَّ نظيرها؛ خاصة بعد اغتيال قاسم سليماني ومعه مساعده ابو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي . وقد وصلت حالة التعفن السياسي والاجتماعي وضعا لاسابق له، يتسم بالغموض التام وحالة المجهول، وبسيادة الفوضى وشيوع حالة اللادولة وفقدان القانون وغياب مؤسسات العدالة وعجز مجالس القضاء والمحاكم واستفحال حالات النهب والفساد لثروات العراق وتهريبها بمليارات الدولارات لصالح حسابات حيتان العملية السياسية والنهب الايراني . وباستمرار الانتفاضة وبعد سقوط حكومة عادل عبد المهدي تكشفت خفايا الطغمة الحاكمة ومجموعتها المتنفذة عبر رؤساء ما يسمى الكتل البرلمانية والنيابية بشكل لم يعد اخفاءها أو التكتم عليها ، وقد اتسمت ممارساتها بشكل ظاهر وعلني في جملة مواقف وسلوكيات انتهازية تمركزت بظهور قوى معلنة الولاء لنظام طهران ونمت حولها مجموعات العمالة والارتزاق السياسي المرتبطة بنظام ولاية الفقيه مباشرة وارتباطاتها مع بعض القوى والدول الاقليمية ، ومنها ظهر تحالف مافيوي متجمع بقوة المال السياسي الفاسد والسلاح المنفلت قاعدته التنفيذية مجموعات القتل السرية ، منها والعلنية ، هذا التحالف المافيوي والطائفي وضع في اولوية مهامه محاولة القضاء على الانتفاضة الشعبية المتصاعدة في العراق والعمل على انهائها او بمحاولة احتوائها ان امكن ، او زرع اليأس في نفوس نشطائها بالقمع والترهيب وحتى محاولات شراء الذمم. لكن سير الانتفاضة سار تصاعديا وابهر العراقيين والعالم بحسن تنظيمه وابداعه ووعيه الوطني وانعزاله عن كل التأثيرات الطائفية والاثنية والجهوية وبرز من خلال وحدته الوطنية الصادقة التي عبر عنها في شعارات الشارع المنتفض والتظاهرات الشعبية اليومية، وهو الذي رفض تدخلات النظام الايراني والمطالبة بغلق سفارته وقنصلياته التي كانت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة من حياة العراقيين ؛ ذلك ما عرض تلك القنصليات ومصالحها ومقرات اخرى مشبوهة تابعة لها الى الحرق والهجوم من مجموعات من الجمهور الغاضب الذي استفزته جملة المواقف الايرانية، وذلك العنف الدموي المقصود الذي سلكته ونفذته الاذرع الايرانية المسلحة المحلية والمستوردة، وايغالها في قتل واغتيال المتظاهرين في غالبية المدن العراقية المنتفضة، وخاصة في محافظات البصرة وكربلاء والنجف. ويكفي ان يكون جسر السنك العابر لدجلة قريبا من ساحة التحرير وفي موضع مقابل لتواجد مقر السفارة الايرانية في محلة الصالحية ببغداد صار هذا المكان موقعا للمجازر اليومية المرتكبة حيث وقعت فيه أكثر المجازر دموية وبشكل يومي ومتكرر بسقوط مئات من الشهداء والجرحى. وقد كشفت الاحداث المتتالية ، وخاصة في الاشهر الخمسة الأخيرة في العراق مدى السقوط الاخلاقي والسياسي والاجتماعي لعصابات وحيتان الفساد التي كشرت عن انيابها القذرة باشهارها السلاح والرصاص ضد الشعب المنتفض؛ والتي تجندت بتنسيق تام مع نظام طهران وتورطت في مهمات تنفيذ الاغتيالات المنظمة وقمع الثوار. وامام افتضاح كل هذه الاعمال القذرة تصاعد الغضب الوطني والدولي ايضا؛ تجلى في استنكار ممثلية الامم المتحدة في العراق ومنظمات حقوق الانسان واصدارات منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات الدولية مستنكرة لما يجري في العراق، و ثبت ذلك عبر بيانات وفي مذكرات رسمية عبرت عن الاستنكار الكبير لما يجري في العراق ، قدمها ممثلو العديد من سفراء وقناصل و ممثليات الدول الاوربية في العراق. وفي ظل صمت مريب من الحكومة العراقية وكتلها النيابية المتنفذة عبرت السلطات الحاكمة وبدعم وتدخل ايراني عن دموية مفرطة والاستهتار بحقوق الشعب العراقي وعبرت عن لاوطنيتها وعن تحللها وتجردها عن كل القيم الانسانية والاجتماعية حينما انغمست الى حد النخاع بممارسات اجرامية متصاعدة؛ قلَّ مثيلها في ابتكار فنون وأساليب القتل المباشر؛ منها بالقنص ببنادق خاصة للصيد وباطلاق الغازات السامة المحرمة دوليا و بكثافة وبتوجيه مباشر من قادة المليشيات وجه الرصاص الحي نحو رؤوس وصدور المتظاهرين الشباب، وبذلك فاقت احزاب السلطة ومجموعاتها في العملية السياسية كل الحدود الفاشية والنازية المعروفة؛ وحينما سكتت الحكومة عن ادانة تلك الجرائم ومنعت بشكل واضح ومقنن اعتقال مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة، وذهب بها الأمر نحو التضليل الوقح بالادعاء بوجود طرف ثالث خفي مجهول وراء القتل او وراء تنفيذ كل تلك الاغتيالات المنظمة التي نفذت على المباشر وموثقة تمت في عرض ساحات الانتفاضة، فالرماة الملثمون ظهروا وهم يحتمون بسواتر حصينة من الاسمنت المسلح بجانب القوات الامنية الحكومية، وهم يعملون بتنسيق تام معها وبارتباط مع ضباطها. بعد ان عجزت قوى الثورة المضادة الممثلة بالمليشيات الطائفية كحزب الله العراقي وعصائب اهل الحق بقيادة قيس الخزعلي وفيلق بدر بقيادة هادي العامري والمجموعات الخاصة الممولة من قبل نوري المالكي المتوغلة في اجهزة ومخابرات ومليشيات الدولة العميقة، كما التحقت بهم لاحقا سرايا السلام، تلك الواجهة الخاصة لمليشيات جيش المهدي بقيادة مقتده الصدر ، تم بأمر وقرار ايراني؛ كلها عجزت عن ايقاف الانتفاضة وزخمها المتصاعد واكتشفت العصابات الدموية انها باتت تصطدم يوميا بالارادة الفولاذية لثوار تشرين المجيد بعد مرور 150يوما من ايام اتسمت بالبطولة والتضحيات بالشهداء والتحدي والشموخ الوطني العارم، وبفضل تلك الارادة الوطنية الواعية للمنتفضين ووعيهم اسقطت حكومة عادل عبد المهدي ووضعت الجماهير الرافضة انتهازية ترشح محمد توفيق علاوي ومن معه لتعويض ما سبقه، ولملأ الفراغ الحكومي الذي ظل مستمرا . ظلت ايران وصنائعها امام وخلف كل تلك العصابات التي فشلت في مهمة تصفية الانتفاضة وصدمت امام جملة من الحقائق المستجدة يوميا امام العراقيين والعالم، والتي وضعت الجميع امام الاختبار الوطني الصعب، الذي لا مفر منه، ويتوجب مواجهته بحزم وشجاعة وسرعة ايضا. وقد كشفت الحالة العراقية الراهنة عن عجز كل الادعياء ورافعي الشعارات وراكبي الموجة وادعاءاتهم في العلن عن نيتهم تلبية المطالب المشروعة لثورة شعبنا المجيدة، ولكن واقع الحال يكشف نفاقهم وسقوطهم . وقد كشفت الايام الاخيرة عري وخزي وخيانة وتآمر جميع اطراف العملية السياسية برمتها، وبكامل تكتلاتها واحزابها ومجموعاتها المتحالفة بمختلف العناوين، وهي التي لازالت تحلم بتمسكها الواهم بالسلطة، بما تسمى حقوق المحاصصة التي مكَّنها بها اولا الاحتلال الامريكي وبعده جاء تغلغل النفوذ الايراني، وبما قدمه لها الدستور البريمري الاحتلالي المزيف من امتيازات، وبما روجت له هرطقات نتائج صناديق الانتخاب اللا الديمقراطية المزيفة، وما التفافهم أخيرا حول ترشيح احد الفاسدين السابقين مثل محمد توفيق علاوي واشغال الرأي العام بمسرحيات التكليف والمساندة له لكسب الوقت ، ثم جرى التراجع عنه خلال الايام الاخيرة فجأة حيث تم لفظه والتشهير به، ومن ثم التخلي عنه عبر مهازل وتصريحات عصابات البرلمان الكسيح، وما يجري الآن الا محاولات يائسة ومفضوحة لكسب الوقت تعكس للجميع وهم التشبث بالسلطة الآيلة على السقوط ، وتثبت عجز جميع هذه القوى عن مواجهة الحقيقة المتمثلة بمطلب الجماهير برحيلهم جميعا، وهو مطلب جماهيري، لامساومة عليه، وهو موقف يتطور اليوم نحو المطالبة ا بحل كل عصابات البرلمان الكسيح، نفسها، وتلبية مطالب الشعب العراقي المشروعة في اجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية مسبقة، تكون شفافة وعادلة ، تقوم بها حكومة انتقالية، تتم تحت اشراف وطني ودولي نزيه والشروع الفعلي لخروج العراق من تركة وخراب الاحتلالين الايراني والامريكي. ان واقع الاحوال الجارية في العراق يؤكد على ان خيار انتصار الشعب العراقي حتمي و لا رجعة فيه، وهو يحتل الاولوية في نضالنا الوطني والقومي .
لقد وقفت الجبهة الوطنية العراقية منذ تأسيسها 2005 مع خيار الشعب العراقي ومع الجماهير المنتفضة في كل السنوات السابقة، وعملت بكل وسائطها التعبوية ونضال قواعدها وجماهيرها دعم وثبة وصمود شباب العراق ووقفت الجبهة بكل امكانياتها مع القوى الوطنية على دعم الساحات دون تفريق واستثناء، وناشدت جميع التنسيقيات الممثلة لثوار تشرين نحو تحقيق وحدة الاهداف والنشاط اليومي لتتحول الانتفاضة الشعبية الى ثورة وطنية تهدف نحو تغيير كلي في العراق ، لذا دعت كل أحرار العراق لدعم ساحات التظاهر والاعتصام ومدها بكل الامكانيات وتقديم الدعم المادي والمعنوي في كل انحاء القطر العراقي، مطالبة دون اية مساومة باسقاط العملية السياسية برمتها ومحاكمة كل المجرمين والقتلة، المتورطين في سفك دماء شهداء العراق والعمل على اقامة النظام الديمقراطي الحقيقي في العراق بعد التخلص من كل حيتان العملية السياسية ومليشياتهم وعصاباتهم الاجرامية المرتبطة بنظام طهران والعمل على تصفية كل عصابات الجريمة المتوغلة في بنيات الدولة العميقة التي خلفتها تركة وأجهزة الاحتلال بكل تبعياتها . ان خلاصة وضع العراق يعكس ما يلي : اولا : كشفت تناقضات صراع القوى المرتبطة بالمشروع الايراني والطائفي بشقيها الشيعي والسني عن خلل كامل في البنية التنظيمية والتنسيقية بينها وهي تبدو مرتبكة لانها باتت عاجزة عن مواجهة انتفاضة الشعب العراقي منذ اكتوبر الماضي والى اليوم . هذه الانتفاضة الوطنية الشعبية اتسمت بتجاوزها للطائفية وظهور جيل من الشباب وخاصة طلبة الجامعات قادر ان يتجاوز رواسب التفرقة والاحتراب الطائفي وهو جيل يتطلع الى الحرية والامن والديمقراطية ويتطلع الى بناء وتنمية العراق كوطن. ثانيا: كشفت جميع القوى المرتبطة في العملية السياسية عن فقدانها لاي مشروع سياسي لبناء العراق وانهاء تراكم المشاكل منذ 2003 وهي مجموعات بعيدة عن الوحدة والتجانس وظهر عجزها خاصة عند ترشيح اية شخصية ووزراء لحكومة ترضى الشعب العراقي المنتفض. ثالثا: بلغ تعفن الامور بضياع كلي لهيبة الدولة والقانون وانفلات الاوضاع ، كشريعة غاب، بتوغل واشراف مباشر من الحرس الثوري الايراني حيث يتجلى ذلك في سقوط فرضية تعديل الدستور المعوق الذي استند منذ بداية الاحتلال على مبدأ ادارة بوش في سعيها نحو تقسيم العراق الى ثلاث مكونات على اساس طائفي واثني، لكن واقع الحال السياسي والاجتماعي سار في مصلحة مجموعة من حيتان العملية السياسية ما بعد الاحتلال وتسلق الذين يفتشون عن امتيازات لهم في كل حكومة وادارة حكومية وصفقة في اية مؤسسة من مؤسسات الدولة، فتحولوا تدريجيا الى أمراء حرب، همهم الاول والاخير تعطيل أي مسار ديمقراطي حقيقي يطالب به الشارع العراقي المنتفض، وهكذا سقطت حكومة عادل عبد المهدي وبعدها يتوقع اليوم سقوط حكومة محمد توفيق علاوي حتى قبل تنصيبها. رابعا: تحاول ايران واذرعها ومليشياتها تعفين الاوضاع في العراق والمنطقة باطالة عمر الازمة والعمل على تصفية الانتفاضة بكل الوسائل ؛ ولهذا اصبح رهانها الاخير على تجنيد مقتده الصدر وتكليف جماعته بمهمة اختراق الانتفاضة وقمعها وتصفيتها بكل الوسائل ؛ رغم ان مقتده الصدر قد فقد الكثير من قواعده الشعبية، وبات مرفوضا شعبيا على المستوى العراقي، وحتى مرفوض شيعيا في اغلب محافظات جنوب العراق وبغداد خاصة . بالمقابل يجد التقارب الكردي السني الكثير من المصاعب للوقوف بوجه العاصفة؛ نظرا لصراع ارادات الزعامات الكردية والسنية، التي باتت تخشى ايضا سقوط العملية السياسية برمتها بفعل عوامل صمود الانتفاضة واستمرارها فلجأت أخيرا الى المناورات البائسة وعملت على تجميع شتات كتل البرلمان الفاسد المتكتل خلف رموز الفساد، الذين يهمهم طمع الامتيازات وادارة عصابات الفساد، وبذلك ستسقط حكومة ومشروع محمد توفيق علاوي. خامسا: يبقى الحل الوحيد عند البعض من المراهنين على التغيير ، ولو ” دستوريا ” ، اي دون اللجوء الى الانقلاب العسكري الصعب تنفيذه لضعف قيادات الجيش وسيادة قوة ونفوذ المليشيات المنفلتة . فالحل الدستوري الواهن المتبقي عند البعض هو قيام رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح بخطوة تمهيدية يعلن فيها حل البرلمان، لعجزه ومساهمته في تعفين الاوضاع؛ وعلى الرئيس الحالي أيضا، ايجاد حل بتكليف نفسه لرئاسة الحكومة الانتقالية؛ اي يصبح رئيس الجمهورية برهم صالح رئيسا لحكومة انتقالية محددة المهام، تضع في اول مهماتها اجراء انتخابات ديمقراطية، باشراف هيئة وطنية نزيهة وبمساعدة المجتمع الدولي، على ان تسبقها، وبصورة سريعة واستثنائية تصفية كل الكيانات والتنظيمات المليشياوية المسلحة ، واحكام السلطة المركزية بيد الرئيس، بصفته قائد عام للقوات المسلحة تساعده في ضبط الاوضاع المنفلتة قوات عسكرية مختارة وقادة من وزارتي الدفاع والداخلية، وبشكل بعيد عن أي تأثير طائفي وإثني ومنع أي تدخل ايراني، كما يجب ان تشترك القوى المنتفضة بممثليها وبعناصر واعية ونشطة من المجتمع المدني ومن النخب الاكاديمية والعلمية للمشاركة في تسيير الفترة الانتقالية على ان لا تتجاوز تلك الفترة نهاية عام 2020. وخلال ما تبقى من هذا العام العام ، يجب ان تتم تصفية ومحاكمة القتلة والمجرمين المتورطين بقتل المتظاهرين واحتجاز واعتقال رموز الفساد والجريمة حتى تتم محاكمتهم قضائيا وجنائيا عن كل جرائم حرب الابادة والقتل المتعمد وعن جرائم الفساد الكبرى.

أحدث المقالات