23 ديسمبر، 2024 12:54 م

انتصار بمستوى الارادة الحقة

انتصار بمستوى الارادة الحقة

نصر كبير تحقق على مستوى الدبلوماسية الشفافة  وثبت بأن المباحثات هو السبيل الافضل للوصول الى الاهداف الواقعية بدل السيف والتهديد الذي لايجدي نفعاً والسلام لايتحقق من خلال فوهات البنادق بل يحرق اليابس والاخضر ولايترك سوى الالم والبؤس والحرمان والقتل والدمار.

 بعد ماراثون سياسي شاق ودبلوماسية حكيمة على مدى 22 شهراً متراكماً، حققت الجمهورية الاسلامية في ايران انتصارا سياسياً وانجازاً تاريخياً بالتوقيع على الاتفاق النووي الشامل مع السداسية الدولية في مقدمته إعتراف عالمي بنووية ايران وسلمية نشاطاتها . جاء النصر بقوة المثابرة والصبر، ومن باب العمل الدؤوب طيلة السنوات الماضية، تسارعت مابعد الألفين وثلاثة عشربشكل مكثف حتى الوصول الى التفاهمات  ، الايرانيون دخلوا أخيراً نادي البلدان النووية رسمياً، ونالوا اعتراف الدول الكبرى، ورغماً بالأحرى على انوفهم من منطق العدالة في استخدام العلم من اجل السلام ،

القدرات الإيرانية الاقتصادية الهامة رغم العقوبات لايمكن مقارانتها بقدرات الولايات المتحدة التي تعيش جملة من المشاكل الاقتصادية وبينما طهران تمييزت بالثبات نوعما. وتعتبر هذه النقطة الهامة جداً في فهم القدرات الإيرانية، والتي رغم خسائر الحصار إلا أنها أثبتت قدرة كبيرة على المواجهة في المجال الاقتصادي كما في باقي المجالات،

ما تحقق لايران يشكل المكاسب التي حقّقتها في اتفاق الإطار، ‏الذي لا يخدم “مصالح الشعب الإيراني في مجال الطاقة النووية” فحسب بل يخدم أيضاً الحملة الدولية لعزل إسرائيل وتقويض اطماعها. وهذا الإنجاز الكبير ، لم يجر في الخفاء، وإنما خلال أكثر من 12 عاماً من المفاوضات  ونجحت في خلق منشآت متقدمة، أهمها مفاعل «آراك» العامل بتكنولوجيا المياه الثقيلة. وما لن يستطيع الاتفاق انتزاعه من الإيرانيين ليس المنشآت، التي جرى تخفيض نشاطاتها بقوة لتقتصر على «نطانز»، بعد تعطيل «فورود» و «آراك»، ولا الطاردات المركزية التي ستعمل منها فقط النماذج الأقدم ولن تتجاوز الخمسة آلاف وستين طاردة، ولكنه القاعدة البشرية العلمية الواسعة، والتي أصبحت ثروة وطنية إيرانية تضم أربعة أجيال متتالية من العلماء والخبراء .وهو التطور الذي يفتح واسعة أبواب التعاون والتفاهم بين الجمهورية الإسلامية والدول الغربية في مجالات حيوية عدة .والتي عملت بعض الدول الحاضنة للسياسات الهدامة في المنطقة على ايقافها وقد اعنرف الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال مرحلة المفاوضات ان إيران الاسلامية كانت نداً ذكياً للولايات المتحدة الاميركية، وقال في خطابه بمناسبة انجاز الاتفاق النووي في فيينا: سنكون دائماً منفتحين على الشعب الإيراني، رغم الخلافات في الماضي لكن يمكننا صنع التغيير، مؤكدا أن المجتمع الدولي يدعم الاتفاقية النووية التي وقعتها الدول الست مع إيران، و مشدداً على أن الأمورسوف تتغير بعد الاتفاق ولم تعد إيران تتحرك وفق الضغوطات الدولية والاستراتجية السعودية التي عملت على عرقلة الاتفاق النووي و ادامة و تفاقم التوتر في المنطقة مبنية على ثلاث ركائز وهي:
1. الضغط على الغرب بكل السبل لقطع المباحثات ووضع العصي في عجلتها
2. تعزيز حالة عدم الاستقرار في المنطقة من خلال حربها في اليمن و تبنيها للإرهاب في العراق وسوريا
3. استفزاز ايران التي تعاملت بكل شفافية لافشال تلك الخطوات ونالت ثقة العالم اجمع .

ايران كقوة ذات تكنولوجيا نووية وامتلاكها برنامجا نوويا سلميا، من ضمنه الدورة الكاملة للوقود والتخصيب، تم الاعتراف بها رسميا من قبل منظمة الامم المتحدة وتاييد المنظمة الدولية للطاقة النووية وعلى لسان المدير العام للوكالة يوكيا امانو التزامها الكامل . النصر الجديد يعني الغاء الحظر الاقتصادي والمالي على القطاعات المصرفية والمالية والنفطية والغازية والبتروكيمياويات والتجارية والنقل والمواصلات في ايران والتي فرضها الاتحاد الاوروبي واميركا بذريعة البرنامج النووي الايراني دفعة واحدة حين بدء تنفيذ الاتفاق.

 ايران لها القدرة الى تشكيل نظام إقليمي جديد تضطلع فيه بدور رئيسي وتراهن من أجل تحقيق هذا الهدف على عوامل أساسية هي: أولاً – ان إيران تملك أوراقاً مهمة وحلفاء أقوياء في ساحات إقليمية أساسية أبرزها العراق وسوريا ولبنان واليمن مما يمنحها نفوذاً مؤثراً خصوصاً ان هذه الساحات تشكل محركاً قوياً للأحداث في المنطقة. ثانياً – ان العلاقات بين إيران والغرب بقيادة أميركا انتقلت من مرحلة القطيعة والمواجهة الى مرحلة الحوار والتشاور والسعي الى محاولة عقد صفقات تاريخية كبرى بعد ان نجحت المفاوضات في إنجاز الإتفاق الإيراني – الدولي النهائي على البرنامج النووي وهو التطور الذي يمنح الفرصة من واسع أبواب التعاون والتفاهم بينها الجمهورية الإسلامية والدول الغربية في مجالات حيوية عدة. ثالثاً – ترى إيران ان النظام الإقليمي السابق الذي لم ينجح في محاصرتها وإضعافها وتقليص نفوذها بعد خروجها من الحرب مع العراق منهكة ولكن صابرة واعتمدت على ذاتها للوقوف على قدميها رغم اتساع نفوذ أميركا وحلفائها إثر تحرير الكويت  في المنطقة –  وايران لم ترضخ لارادات الدول العربية والإقليمية البارزة والمؤثرة مع حلفائها الغربيين والتي عملت من اجل افشال اي إنجاز او تفاهمات مع إيران تتعلق بالقضايا الإقليمية الأساسية الساخنة إستناداً الى شروط وصلابة طهران في مواقفها السليمة والتي اعترفت بها اكثر الدول ، من جهة لأن حلفاء طهران يعيشون الانتصارات  في العراق وسوريا ولبنان واليمن بل إنهم يواجهون عصابات الارهاب بكل بسالة والمدعومة من قبل الولايات المتحدة الامريكية والدول المتحالفة معها في المنطفة ، ومن جهة الاشارة ان المطالب والطموحات الإيرانية تتناقض جذرياً مع مصالح الدول العربية والاقليمية المرتبطة بالغرب وحلفائها في خلق الازمات والتوترات وسرقة مواردها ومخاطر تقطيع دولها ، وبالعكس من ذلك طهران تعمل وتبني من اجل استباب الامن والاستقرار في المنطقة عموماً وابعاد هذه البقعة الحساسة من شرور الطامعين بخيراته .