12 أبريل، 2024 8:21 م
Search
Close this search box.

انتصارات عسكرية في ظل برلمان معطل

Facebook
Twitter
LinkedIn

ثمة مشكلة أساسية في التعاطي مع واقع انفراط العقد السياسي الحالي ووقوف عجلة التشريع وانعدام القاسم المشترك بين الكتل السياسية، مما دفع المعنيين بالشأن تداول القضية من زوايا ضيقة بعيدة عن الاطار الواقعي التي انبثقت منه ابجديات المشكلة، في محاولة يائسة بغض الطرف والتنكر من الاعتراف بوجود معضلة مستعصية. هذه المعضلة السياسية قد لا تقف حدودها عند بعض الشكليات والنمطيات التي يحاول البعض اختزالها في عقد جلسة برلمانية باعتماد رقميات النصاب (نصف زائد 1) أملا لتحقيق شرعية منقوصة على بعض المسمسيات الرتابية التي لا هم ولا غم لها إلا الحفاظ على مناصبها الرسمية.
رئيس مجلس النواب بعد فشله في تحقيق النصاب للمرة الثانية، اضطر الى الاذعان ببدء العطلة التشريعية، بعد تبدد رغبته في تمديد الفصل، تاركا وراءه كم هائل من القضايا المصيرية المعلقة على شمعة المستقبل المجهول. ورغم ان الجبوري بذل قصارى جهده ضمن باكورة حوارات توفيقية بدأها من كردستان وانتهت ببغداد ناشد فيها الكتل السياسية السماح لنوابها العودة الى قبة البرلمان مع ضمانات وتطمنيات، ألا انها لم تؤتي أكلها.
 مساعي رئيس البرلمان لقت حتفها منذ الخطوة الاولى بسبب حصر مقاصدها في ملامسة سطح المشكلة واهمال سبر الغور في منابعها واسباب انبثاقها. ولكونه كان يسعى لتثبيت شريعته المنقوصة من خلال عقد جلسة لمجلس النواب باي ثمن، لم يتحمل هو او البرلمانيين بشتى اصنافهم وزر فشل انعقاد البرلمان، بقدر ما تصدع العملية السياسي واحتزاز مصداقيتها وتدني ثقة الشارع بها كطار جامع مانع.
“اصلاحيين” و”محافظين” مسميات لا تعكس بالضرورة في محتوياتها منهاج او مشاريع مطابقة للعناوين، بقدر انها فقط مقاربات واطلاقات اصطلاحية للتفريقين بين اجندتين او اكثر، غاية ما في الامر تعبر عن اصفافات مصالح وولائات شخصية او فئوية اكثر من اي شيء اخر. وفي ظل غياب الرؤية الاصلاحية برزات هذه المسميات لتعوم نفسها على اساس اصلاحي او محافظي مخفية اجندات دفينية. فبعد سوء التقدير لتبعات قصور الطرح في ورقة اصلاح الكابينة الوزارية واتأرجح بين مزدوجات “مغلقة ومفتوحة” و”شلع وقلع” وتمرير تغيير وزاري جزئي.. تبعه احتراب قناني مياه الشرب واعتصام برلماني مفتوح، ليأتي التصعيد غير المرقب باجتياح شعبي الى قبة البرلمان ومكتب رئيس الوزراء لاحقا، ليعري ضعف هيبة الدولة وفقدان قدرتها على السيطرة، ويترك المجال مفتوحا امام شهية الكتل السياسية لرفع سقف مطالبها وممارسة عمليات الابتزاز من اوسع ابوابه، ولي الاذرع لتحقيق مكاسب اضافية.
ويبدو ان الرهانات والتفاؤلات التي وضعت ثقلها على فاعلية الانتصارات التي حققتها القوات المشتركة على ساحات القتال وامكانية تاثيرها على الواقع السياسي لتحقيق قدرا ولو نسبيا من كسر الجمود او على الاقل ارغامهم على تجميد الخلافات ولو لفترة وجيزة كي تتناغم الحناجر السياسية مع العسكرية، لكن عدم قدرة التئام البرلمانيين اسقط كلاهما.
وفي ظل العطلة التشريعية يبقى الشارع العراقي في حالة الضياع بين أمل محزوز وتوافق سياسي مفقود.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب