لست طائفياً ، ولا اتبنى الطروحات التي تقسم المجتمع الى طوائف ، وادعو الى دولة المواطنة، التي تساوي بيني وبين غيري.
لكن، تعالوا ننزل من ابراجنا، ونتحسس الواقع كما هو، فمنذ غزو العراق، عام 2003، ونحن نصنف كشعب على اساس المكونات ، بل العملية السياسية نفسها تشكلت على وفق منهج الحصص، التي تعتمد في محصلتها على التمثيل المكوني، واعتقد ان القناعات ترسخت الى حد انها اصبحت من المسلمات بدءا من اول السلم الوظيفي الى اعلى مركز سياسي او عسكري.
ولم تقف اشكاليات المكونات في حدود التنافس على المراكز السيادية وغير السيادية ، ولا عند نقطة المنصب الأول ، والنصب الثاني، وانما تجاوزتها الى حالة الاقصاء والتهميش ، واصبح المكون المتنفذ يحارب مكونا اساسيا آخر بكل الوسائل، حتى تحول التنافس الانتخابي الى عمليات تصفية وحروب، واعتقالات ، بل المشروع الأخطر الذي يراد تنفيذه ، هو تقزيم مكوني، لوضع الحسابات الافتراضية، كحقيقة واقعية، وهذا هو اصل المخطط، الذي يركز على تحويل مكون رئيس الى اقلية، مثله مثل الاقليات الموجودة، ولعله يتعطف عليه بمقعد او مقعدين في البرلمان من الكوتا، في ما بعد.
حرب المدن التي تعرض اليها السنة اليوم، والاعتقالات المستمرة لاتباع هذا المذهب، والحصارات التي تفرض عسكريا او مائيا، كلها مقدمات لمرحلة جديد لتغييب ممثليه في السلطات كافة، وبالتالي تحويل القواعد الجماهرية العريضة الى مجرد ارقام هامشية ، بعد ان تجري عمليات ازاحة وتغيير ديموغرافي لمناطق وجودها ، حتى تصبح بين خيارن ، البقاء مع الخوف ، او النزوح والهجرة.
ربما يطرح بعض السنة موضوع التمثيل، استنادا الى التجارب الماضية، التي لم يحصلوا من خلالها على استحقاقاتهم برغم وجود من يمثلهم في السلطتين التشريعية والتنفيذية وهم محقون في ما يطرحون، لكن لا يعني ذلك الانكفاء على الذات، والعيش في عزلة قاتلة، فنحن شئنا ام أبينا ازاء عملية تقرير وجود، من خلال المشاركة في الانتخابات ، ليس لاختيار المرشح فلان او علان، بقدر ما هو انتخاب المكون نفسه، وتأكيد الهوية التي يراد اذابتها.