في ساحة (نالي) وسط السليمانية يرتفع تمثال رأس حمار يرتدي ربطة عنق من عمل الفنان الكردي(زيرك ميرة) حيث يعد هذا العمل الفني رمزا لحزب الحمير الكردي حيث صرح ( الحمار الأعظم ـــــــ وهي التسمية التي تطلق على الأمين العام للحزب ) السيد كلول أن حكومة إقليم كردستان والبرلمان الكردستاني والدوائر الحكومية جميعهم خذلوني في مساعدة حزب الحمير لإقامة هذا التمثال مبينا أن الفنان ميرة هو الوحيد الذي رفع رأس الحمار وسط السليمانية حيث يستعد هذا الحزب هذه الأيام للمشاركة في خوض الأنتخابات النيابيه لأقليم كردستان .
وبهذه المناسبة يسعدني في المساهمة في دعم حزب الحمير الكردستاني لأنه دعم للتجديد والخروج عن المألوف من خلال هذه المقالة وكلي ثقة ان الوقت لن يكون بعيدا لكي نرى تشكيل حزب شقيق لهذا الحزب تحت تسمية حزب الحمير العراقي ولعل الحمير العراقيه بعربها واكرادها تكون على صنع خلاصنا من الصراعات الأثنيه والطائفيه لأن الفكر الحماري عابر للطوائف والأثنيه.
لايوجد في بلادنا وبقية بلاد العرب والتي ربما يحق لي ان انسب نفسي اليها اليست بلاد العرب اوطاني على حد قول الشاعر شيئا اكثر تواجدا من الحمير فلا تزال المدن العربية العتيدة يشاهد فيها هذا الحيوان الصبور الوديع الذي طالما احتمل قساوة بني ادم وغثاثتهم صابرا محتسبا لايشكو ولايتذمر ورغم كل هذه المزايا ومزاياه الاخرى العديدة التي يمتلكها لم يحظى بنفس التكريم الذي حظيت به زميلته البقرة عند بني الهندوس فهي تتنقل وتتبختر في بلادها محاطة بالاكبار والاجلال والتقديس والتبجيل بل وقد يضعونها في مقام اعلى مما يضعون به الانسان نفسه بينما هذا الحيوان المسكين لايلقى من انساننا الا كل اذلال واهانة واحتقار في الصاعد والنازل او على حد قول اخواننا المصريين في الرايحه وفي الجايه وهو ان اراد صاحبه ان يمتطيه او يتعامل معه فسيعامله بكل ما يستحق من دونية لم يختر المسكين ان يضع نفسه بها ولكننا اخترناها له رغم انفه وسيرى من هذا الصاحب انواع التعذيب من جلد وضرب مبرح فلا توجد جمعيات حماية حقوق حيوان تنصره ولاهم يحزنون فهي لم توجد لبني الانسان اصلا فهل يتم ايجادها لبني الحمير هذا شيء نكر .
هذا الحيوان تجده في كل مكان وهو يعترض طريقك في كل المدن مهما كان مبلغ رقيّــها وانتمائها الى العصر ولاندري ان كنا نحن الذين نعمل على بقاءه والحرص على عدم انقراضه ام هو اصراره على الحياة وحب البقاء هما اللذان يدفعانه على ان يكون موجودا بيننا فهو كالاشجار البرية لايهمه قساوة الظروف التي يعيش فيها فهو يعيش في كل مكان وتحت كل ظرف ولااظن ان هناك دوائر للصحة البيطرية في أي بلد من بلادنا العربية العزيزة تهتم بشؤون هذا الحيوان او تعني بصحته كاهتمامها بصحة الكلاب او الابقار او المعيز او غيرها من بقية الحيوانات التي لها علاقة بالانسان مما جعل هذا الحيوان يشمخ بأنفه اعتزازا وافتخارا بعافيته بين اقرانه وزملائه من بقية الانعام الاخرى اذ انه برغم هذا الاهمال فهو افضل منها عافية ولله الحمد فلم نسمع يوما ما بزكام الحمير او سل الحمير او ايدز الحمير مثلما نسمع عن الطيور والابقار والخنازير من صفات مرضية حملت اسمائها بامتياز .
ولقد انتبه بعض الملاعين من طلاب الربح السريع لأمر هذا الحيوان المسكين لكي يثروا على حسابه وجعلوه مصدرا مهما من مصادر تزويد الأسواق باللحوم فلا تخلو الأخبار يوما من فضيحة هنا او هناك تشير الى عملية تجهيز بعض الأسواق والمطاعم حتى من درجة الخمس نجوم بلحوم الحمير التي اضحت منافسا قويا لـ لحوم الأغنام او الأبقار .
عالمية الحمار وعدم محليته فليس هناك تسمية وطنية لهذا الحيوان الوديع بينما نرى العكس مع بقية الحيوانات الأخرى كأن يقال الفرس العربي او الفيل الهندي او الكلب الأنكلييزي او الكنغر الأسترالي او البقرة الهنديه وهو صامد اما عوامل التعرية والأنقراض التي تواجه بقية الأصناف فهو ليس كالباندا الصيني او النمور الأندونيسيه او النسور الأمريكية التي تتعرض للأنقراض مما حدى بسلطات تلك الدول التي تعيش فيها هذه الأنواع من الحيوانات بإتخاذ شتى الأجراءات للحفاظ على ديمومة وبقاء هذه الأنواع … أما الحمار … ياسلام !! ياسلام !! ياسلام !! فهو صامد صمود جبال الهملايا وباقي مابقي الليل والنهار
ومع لهذا الحمار من حضور واسع على صعيد الحياة فله حضوره ايضا على صعيد التاريخ كحمار جحا الغني عن التعريف فهو له مع صاحبه صولات وجولات بل ورد اسمه في بعض الكتب المقدسة وبالذات في القران الكريم كحمار لقمان حيث ساهم هذا الحمار مع صاحبه لقمان وابنه بأن ينتج هولاء الثلاثة من خلال قصتهما المشهورة مثلا عظيما هو{ رضـا النـاس غـاية لاتـدرك} .
ومن الشخصيات الادبية والتي كان للحمار حضورا بارزا في كتاباتهم هو الاديب المصري الكبير توفيق الحكيم فلطالما استخدم الحكيم في كتاباته هذا الحيوان الوديع كشخصية ذات دلالة لاتخفى على عين اللبيب الى الحد الذي اطلق عليه في الادب العربي تسمية حمار الحكيم .
غير ان هناك في هذا الحيوان اللطيف خصلة سيئة رغم كل حسناته التي ذكرناها آنفا لااستطيع الدفاع عنها فهي تهمة مؤكدة بامتياز له ومن دون نقاش الا وهي نهيقة والذي حاز بسببه لقب انكر الاصوات عن جدارة واستحقاق ولقد وصل الامر الى درجة ان ورد ذم هذا الصوت في القران الكريم بأعتباره أنكر الاصوات .
فلو أردنا ان نذم بعض الاصوات الادمية يحضر مباشرة في اذهاننا صوت الحمار لنشبه اصواتهم بصوته لما يمتاز به هذا الصوت من نشاز وقبح رغم ان هذا الحيوان لايطلق صوته باستمرار كبقية الحيوانات مثل القطط والكلاب والطيور على انواعها او كما يستعمل سائقوا السيارات عندنا المنبهات {الهورنات} او مايسميه البعض ( الكلاكسات ) وكأنها شرط من شروط القيادة الامنه فهذا الحيوان المظلوم لا يظهر هذا الصوت المنكر والقبيح الا في حالة واحدة تقريبا فعندما تلتقي هذه الحمير في ما بينها او عندما يشم بعضها ريح بعض ولو عن بعد فهي حينئذ تنخرط في نهيق متبادل يصدح في اجواء الاثير تسمع كل ذي سمع ولها قدرة عجيبة على الاستمرار بالترحيب ببعضها البعض باشكال مختلفة من شم ولحس وعض هو اشبه بالقبلات منه بالقضم ولأوقات قد تطول أو تقصر خصوصا اذا لم تجد من يمتطيها او يؤذيها.
وهناك مشترك اخر ليس بيننا وبين الحمار كحيوان وحده بل وبين حيوانات اخرى فكما ان بنو البشر وخصوصا العرب منهم يكنون بكنى تبقى ترافقهم طيلة حياتهم حالها حال اسمائهم فهذه الحيوانات ومنها الحمار ايضا لها كناها فالذئب يكنى بأبي سرحان لطول مايسرح اما الحمار فيكنى بأبي صابر لصفة الصبر التي يمتاز بها
كذلك نحن والحمير لنا مشتركات عديدة منها ان اصحاب المنطق اي ارسـطوا وجماعته يربطون بيننا وبين الحمير في الجنس الاعلى بأعتبار الانسان كجنس هو عبارة عن حيوان ولكن بما ان هذا الحيوان اصبح ناطقا فأنه دخل في نوع اخر هو نوع الانسان وترك المسمى حيوان لأخيه الحمار لبقاءه في نفس جنسه لان مفهوم الماصدق انسان لاينطبق عليه لكونه غير ناطق حسب تعبير هولاء المناطقه فلا غرابة اذن ان وجدنا مشتركات سلوكية بيننا وبين الحمير وكم مرة يعترف الواحد منا بحماريته فيما لو دفعته غفلته للوقوع في مطب ما او فيما استغفله الاخرون فتراه سرعان ما يعترف قائلا بصوت مسموع غير مهموس… انا حمار فعلا ؟؟؟؟
بينما نجد اخرين يفتخرون بهذه الحماريه من خلال وصف انفسهم بأنهم من اصحاب الجلد والتحمل وأن احدهم في صبره وتحمله كالحمار بل اشد تحمرا من الحمار نفسه فأنت ان كلفته بعمل وأشفقت عليه من أن هذا العمل شاق عليه وان يتركه او على الاقل يمنح نفسه فسحة من الزمن للراحة اجابك بأعتزاز وتباهي ولا يهمك انا حمار شغل ….. هل ترون ان تسمية الحمار هنا مصدر فخر .
لكننا أحيانا نظلم هذا الحمار بأن نتهمه بالغباوة والحمق والبلادة من خلال تشبيهنا لاشخاص بالحمير في الواقع هم اكثر غباء وحمقا وبلادة من الحمار نفسه بل اننا نلحق به اساءة بالغة جدا من خلال تشبيه هولاء الاشخاص به أو نعتهم بأنهم اخوة للحمير وهي أخوة اتصور انه لو ترك للحمار الخيار فيها لما قبلها وكم نسمع على مدار ساعات النهار والليل اناسا يشتمون بعضهم بعض بأن يقول الواحد منهم للاخر يابن الحمار رغم ان في هذه الحياة اناس لايستحق ان يشبه تحمرهم بالحمار نفسه .
ويبدو ان للحمير حظا في السياسة ولقد اتخذته بعض الحركات والاحزاب السياسية رمزا لها لتؤكد لانصارها انها تمتلك كل خصال وصفات الحمير وأن لها من الثبات والصبر والمطاولة والجلد في الخطوب وهذه بالطبع كلها مزايا تنسب بلا فخر للحمير ولعل ابرز حزب سياسي على المستوى العالمي اتخذ من الحمار شعارا له هو الحزب الجمهوري الامريكي .
شركاء الوطن الأخوة الكورد أيضا لهم وجهة نظرهم الخاصة بهذا الحيوان الوديع قد تختلف عن نظرة العرب بشكل عام علاقتهم معه تمتاز بالصداقة الحميمة لان طبيعة منطقتهم الجبلية الوعرة وصعوبة تضاريسها تحتاج الى علاقة من هذا النوع مع حيوان شديد البأس مطيع كالحمار لحمل امتعتهم في الجبال والوديان السحيقة وقد اعتمد عليه المقاتلون الاكراد لعقود طويلة كوسيط نقل رئيسي لعتادهم واسلحتهم ايام النضال المسلح ضد الحكومات العراقية المتعاقبة وكان لهم نعم الصديق والرفيق فلا نستغرب بعد ان يولي الاكراد اهمية زائدة بهذا الحيوان ويرفعوا من شأنه فلأول مرة في العالم يرفع حزب سياسي شعار”صوتوا للحمار الاعظم كي لاتندموا”والحمار الاعظم في عرف الحزب وادبياته هو الامين العام للحزب السيد كلول وهو واثق بان انصاره سيكتسحون الانتخابات المقبلة لانهم يشكلون الاغلبية .
يذكر ان حزب الحمير الكردستاني حصل على الترخيص الرسمي بمزاولة العمل السياسي من وزارة الداخلية في الاقليم عام 2005 وبهذا الصدد يقول رئيس الحزب كنا ننهق ونرفس زمن حكم البعث واما الان فنحن اليوم احرار ونعبر عن رأينا بحرية وللحزب تشكيل إداري وهيكلي مثل المكتب السياسي الذي يسمى “الخان” وهو مكان نوم الحمير وفق اللغة الكردية بينما تسمى المكاتب الفرعية بـ”الإسطبل” كما تتوزع درجات ومراتب أعضاء الحزب وفق درجات معينة منها “حمار وأتان وجحش”. ويتبادل أعضاء الحزب كلمة (أنت حمار) التي يعتبرونها دليلا على الاحترام .
صحيح ان جمعيات كثيرة دافعت عن حقوق الحمير وحظيت بدعم ومساندة من لدن منظمات وحكومات بدافع الاشفاق ولكن ان يكون للحمار حزب سياسي يخوض غمار الانتخابات جنبا الى جنب مع احزاب سياسية عريقة للحصول على مقاعد فيها فهذا لم يحدث ابدا ….
ننتظر ونرى ما ستسفر عنه الايام القادمة من مفاجآت ــ وايام العراقيين كلها مفاجآت ــ قد تكون مبشرة بالخير ونهاية للازمات الكثيرة التي تعاني منها البلاد على يد الزعيم عمر كلول
ونحن في ازمتنا السياسية المزمنه الفت نظر السادة السياسين العراقيين عموما الى هذه الناحيه وارى ان لهم في الحمير اسوة حسنة لما تمتاز به من وفاء و صبر وطول نفس يفتقده الأعم الأغلب من سياسينا وليتخذوا من زهد وعفة هذا الحيوان الودود في الدنيا وما فيها مثلا ويجعلوه قدوة لهم في العفاف وأن يراعو الله في اموال البلاد والعباد ولكي يقتصر مجلس النواب القادم على المخلصين والمضحين في خدمة الناس وأبعاد الطامعين والانتهازيين من تجار الحروب وأشباههم وأصحاب الفرهود وأشياعهم حيث اصبح العراقيون يطلقون على هذا المجلس مجلس النهاب .
لهذا فأني اقترح تبديل تسميته مجلسنا نوابنا الموقر وجعلها تسمية تعكس الجلد والعفه والأخلاص والوفاء لتصبح التسمية الجديدة ( مجلس الحمير العراقي ) لأني ارى في هكذا تسمية ابعادا لكل الطامعين والمنافقين من أن يدخلوا الى هكذا مجلس عتيد لأن امثال هؤلاء سيبدون ترفعا وتأففا وربما خجلا لأن اغلبهم من التافهين وأصحاب المظاهر والتسميات البراقة التي لاتستطيع ولايمكن لها أن تقرن نفسها بالحمير ظنا منهم انهم أرفع قيمة منها وبأبعاد هولاء ستتاح الفرصة للمخلصين أن يثبتوا فعلا انهم حمير شغل وأني ارى ان لاداع للخجل من هذه التسمية فإن الأخوة الكورد قد سبقونا اليها كما ان جالب الديمقراطية لوادينا العزيز الأصدقاء الامريكان حيث جعل حزبهم الجمهوري من صورة الحمار شعارا له فنحن على طريق الأشقاء والأصدقاء سائرون .