لا اعلم لماذا نحن متفائلون كثيراً بأن هناك تغييراً كبيراً في هذه الانتخابات ماذا دعانا إلى كل هذا التفاؤل , لو نظرنا بواقعية إلى ما يدور حولنا سنرى إن من يتصدر قوائم المرشحين هم أنفسهم الحيتان الكبيرة التي تمتلك المال والسلطة … الذين وصلوا إلى الحكم في لحظة توقف فيها الزمن لبرهة , ظهروا فجأة وتكاثروا كما تتكاثر الطحالب في المياه الأسنة , نفسهم من تذوقوا طعم أموال السحت الحرام هم محور هذه الانتخابات والباقون يدورون حولهم زادوا قليلاً او نقصوا لا تأثير لذلك .! كل حوت منهم ترأس قائمتاً انتخابية حشر فيها حشراً بعض الصعاليك الذين يراهنون على توقف الزمن مرة أخرى عسى أن يصلوا إلى قبة البرلمان .!
نسمع كثيراً بالمنادين بمدنية الدولة … وان العلمانية هي الحل ..عن أي دولة مدنية يتحدثون عنها وماهو شكلها و لونها وطعمها , من هم قادتها , من الراعي ومن الرعية؟
أما الراعي… هو مثقف حالم يتحدث إلى قوم صم بكم عمي دون جدوى هو في واد والمجتمع في واداً أخر , جبال من العمائم تفصل بينه وبينهم .! لا يجيد مخاطبتهم يتحدث إليهم بما لا يفهمون ..لايُكلف نفسه أن يتسلق تلك الجبال ليوصل كلمته إليهم .. ومن يتهيب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر , وإذا افترضنا إن بعضهم وصل الى البرلمان ماذا يفعلون .؟
سيجدون أنفسهم وحيدون وسط حشد من الشياطين .. سيكتفون بالصراخ والشجب والتنديد بسياسات الحكومة وتدخل دول الجوار بالشأن العراقي وكأنهم ينفخون في قربة مثقوبة.. وبعدها يبدأ صوتهم بالفتور قليلاً … قليلاً الى أن يخفت ولهم العذر في ذلك .!!
أما الرعية … فالسواد الأعظم منها مساكين فقراء متخلفين تطرب أسماعهم لأحاديث الغيبيات .. تروق لهم الخرافة .. يسوقونهم رجال دين متأسلمين أما بألسنتهم او بسياطهم … فكيف سيقتنع هؤلاء بانتخاب هؤلاء .؟
إن من يمسكون بالسلطة حالياً قد تمكنوا من كل شيء المال والجيش والقضاء واحكموا سيطرتهم على كل مفاصل الدولة ولن يسمحوا لأحد أن يشاركهم في غنائمهم .. سيحاولون شراء اي صوت يخالفهم الرأي ليسكتوه وإن لم يسكت فسيجدون طريقة لإسكاته , والاهم من ذلك كله إن ولاة الأمر راضون عنهم كل الرضا ولن يسمحوا لأحد إن يأخذ الكعكة من فمهم .!!
ونحن كل انتخابات نتوعد تلك الأحزاب الإسلامية الحاكمة بأننا سنلقنهم درساً ونغير الوجوه الكالحة التي عاثت في الأرض فساداً و سرقتاً وقتلاً وطائفية مقيتة , لكنهم يعودون جميعهم ولا تغيير سوى في مناصبهم .!! انها معادلة الرقم واحد إن ضربته او قسمته فالنتيجة واحد .!
فأما أن نبحث مجدداً عن دولة عظمى تزيح هذه الغمة عن هذه الأمة وهذا ضرب من الخيال , وأما أن يشعر هذا الشعب بسياط جلاديه انها قد أدمت ظهورهم وأن الأوان أن يوقفوهم عند حدهم ولا اعتقد ان ذلك سيتحقق .. ارجوا أن لا تقلقوا أكيد هناك حلاً لكن المؤكد انه ليس بيدنا .