23 ديسمبر، 2024 3:45 ص

انتخابات مفصلية

انتخابات مفصلية

بات الوضع السياسي أكثر وضوحا من قبل بالنسبة للناخب العراقي ، بعد انحسار الصراع الطائفي ، وهزيمة دولة الغرافة وخسارة الانفصاليين الاكراد ، وصدور قانون الاحزاب ، فقد أتضحت الصورة أمامه ، وبات يعرف من هو الخائن والفاسد واللص والطائفي والوطني والنزيه والانفصالي وووالخ . فتجربة النظام السياسي الجديد بعد سقوط نظام صدام ، كانت كافية لنضج الناخب العراقي وتحرره من الطائفية والقومية والعرقية والاثنية ، وبعد أنجلاء غبار حرب الارهاب الدامية ، والتي قدم فيها الغالي والنفيس من أجل دحره ، لذا فالوضع العراقي لايحتمل مزيد من الصراعات والحروب .
فالشعب يتطلع الى وضع اكثر أمان وازدهار ورفاهية وتعايش بين مكوناته ، أسوة بالدول المتحضرة بعد أن أدرك ان تجار الطائفية والقومية والعرقية جعلوا منه ومن ثرواته وقودا لمعاركهم التي تخدم مصالحهم ومصالح الاعداء فقط ، وأصبح الشعب يرفع صوته بقوة مطلبا بالاصلاح الحقيقي ونبذ الطائفية والقومية والعرقية، والتصدي للفساد المالي والاداري والسياسي ، بعد أن دفع أثمان غالية من خيرة أبنائه وثرواته الوطنية ونسيجه الاجتماعي وتعايشه السلمي المعروف عبر عشرات السنين ، وهو تواق لحياة جديدة تليق به وبتاريخه الانساني المّشرف. حياة سوية لادخل فيها لاأي دولة بخياراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ووو الخ سواء كانت جارة أم بعيدة ، مع أقامة علاقات حسن الجوار وتبادل المصالح بين العراق والدول الاخرى بما ينسجم مع حاجة البلد للامن والازدهار الاقتصادي والسلم الاهلي ، مع المحافظة على سيادة البلد ومصالحه العليا وعدم التفريط بها مطلقا ، لان الشعب من دفع ثمن هذه الصراعات والتدخلات الاجنبية بشؤونه الداخلية ، والاحزاب والحركات السياسية التي جاءت بعد سقوط نظام صدام من قبض الثمن على حساب دماء وممتلكات العراقيين وثروتهم الوطنية ومستقبلهم وتاريخهم الحافل بالانجازات الانسانية العظيمة .
ولاابالغ اذا قلت أن أغلب احزاب وحركات الاسلام السياسي والمدنية المشاركة بالسلطة باتت تشكل عبء على الوطن والشعب ، لانها مشكلة وليس حل ، بعد ان عاثت بالارض فسادا وقتلا وتشريدا لهذا الشعب مع ألاسف ، بدلا من المساهمة ببناء وطن أمن مزدهر ديمقراطي تعددي ، يكون بديل عن الحكم الدكتاتوري الدموي البغيض الذي كان يحكم العراق بالحديد والنار .
ورغم صعوبة التغيير المنشود بأزاحة هذه الاحزاب والحركات السياسية عن سدة الحكم ، لكونها تعتمد ماليا ومعنويا ولوجستيا على بعض الدول الاجنبية والتي لاترغب بتعافي العراق وازدهاره لانه يشكل خطر كبير عليها في حالة نهوضه كما ينبغي ، فلا بد للشعب من دعم واسناد الاحزاب والحركات السياسية الوطنية والمدنية ومرشحيها ، والتي تشكل بعضها حديثا لتكون بديل مقنع للشعب لادارة البلد ادارة وطنية نزيهة وكفوءة بعيدا عن التأثيرات الاجنبية والدينية والطائفية والانتهازية ، الا أن الحذر واجب بعد أن تبين قيام بعض الاحزاب والحركات السياسية الحاكمة بأستسهال تأسيس أحزاب وحركات سياسية بأسماء وعناوين وبرامج وطنية ومدنية لاايهام الناخب العراقي بأنها احزاب وحركات جديدة لاتمت لااحزاب وحركات السلطة بصلة ، والتصدي الحقيقي لمحاولات هذه الاحزاب والحركات السياسية التي عاثت بالارض فسادا وقتلا وتشريدا لهذا الشعب الصابر .
وان تصحيح العملية السياسية في البلاد تبدأ بتعديل الدستور ، او الغائه ، فقد اثبتت التجربة العملية لاادارة الدولة العراقية أن هذا الدستور ملغم بمواد دستورية خطيرة على وحدة وتماسك البلد والشعب ، ومحل جدل واثارة بين مكوناته ، لانه ينظر لشعب العراق كمكونات ، وهذا أخطر مافيه ، وعلاوة على تجربة النظام الفيدرالي ، والذي مارسه الاكراد في منطقتهم ، وتجاوزهم فيه على الدولة العراقية لدرجة أصبحوا يشكلون دولة داخلها ، مما ادى الى صراع مستمر بين الحكومة المركزية والاقليم ، وشكل مثال غير محبب لدى الشعب ، لدرجة باتت الآغلبية تعتبر النظام الفيدرالي مقدمة لتجزئة العراق .
وفي كل الاحوال ، فأن تعديل اي دستور في العالم يأتي وفق تجربة هذا الشعب أو ذاك ، ليكون مرجع جامع لكل ابناءه ومرجع قانوني لكل النزاعات والصراعات ، وضامن لوحدة البلد والشعب وحقوقه . ولايفوتني اخيرا أن ادعوا الى المشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات التشريعية القادمة ، لانها السبيل الوحيد لاازاحة من لايرغب الشعب ببقائهم على سدة الحكم وعودة الامل بالمستقبل ، وأن دعوات الامتناع عن التصويت تصب في خانة الفاسدين ومستغلي السلطة والتابعين لهذه الدولة أو تلك ، وضربة موجعة لمسار الاصلاح في البلد ، ومساواة بين المسؤولين الوطنيين والنزيهين مع المسؤولين الفاسدين ومستغلي السلطة .