تمثل الانتخابات بشكلها المعاصر إحدى القضايا التي تفرز إشكاليات فقهية عديدة بدءاً من شرعية الانتخابات ، مروراً بالاختلافات الفقهية حولها ، وفقاً لمناهج الفقهاء المعاصرين والنظر إليها على أنها وسيلة مشروعة ، فنجد مواجهتها بالرفض من قبل البعض كونها صنيعة غير المسلمين كما يصفونها لعدم وجود مثيل لها في العصور الأولى لصدر الإسلام فاعتبرت (بدعة منكرة ) أو وصفها من قبل بعض التيارات الإسلامية بقولهم (السياسة ترك السياسة) كما أن هناك علاقة ترابطية بين الانتخابات وقول الحق وهي الشهادة و (حكم الإدلاء بالصوت ولمن يكون) ومن ضمن المسائل المطروحة على مائدة الانتخابات وخاصة في مجالس المحافظات شراء الأصوات والذمم لضمان النجاح والفوز في الانتخابات ، وماذا يفعل المرشح النزيه إن وجد خصماً يلجأ إلى تلك الحيلة؟ وهل يحق له أن يفعل مثله حتى يدرأ المفسدة عن الشعب ، وما علاقة ذلك بفقه الرشوة المحرم ؟ و تغليب العصبية الحزبية والقبلية والمناطقية للقريب على المصلحة العامة وهذا ما ذهب اتفق عليه اغلب المراجع وإصدارهم فتاوى بحق من الأصلح للترشح في الانتخابات وفقاً للمعاير الشرعية التي وضعها ، وفيما يتعلق بالمرأة والمشاركة في الانتخابات ، كيف يرى الشرع الحنيف موقف المرأة من الانتخابات وهل يجوز لها الإدلاء بصوتها أو ترشحها ؟ وماذا لو رفض الأهل أو الزوج أن يخرجها أو على الأقل ظهورها في الصور والدعاية الانتخابية من على شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام كمرشحة عن دائرتها الانتخابية ؟؟ وفي انتخابات مجالس المحافظات الحالية برز استغلال الدين في مجال الدعاية الانتخابية كأحد العوامل التي تسهم في كسب الرأي العام بحكم المكانة الدينية في نفوس العراقيين ، وهذا ما كان في المشهد الانتخابي العراقي ، خاصة انتخابات مجالس المحافظات2009 ومجلس النواب2010 ومجالس المحافظات 2013 حيث ذهبت بعض الأحزاب والائتلافات السياسية إلى الاستشهاد بالآيات القرآنية من المصحف الشريف ليتوافق مع رمز وشعار المرشح فإذا كان رمزه (النجمة) استشهد بقوله تعالى (وبالنجم هم يهتدون) أو أذا أرادت الكتلة أو الحزب رفع شعار( الإصلاح ) يستشهدون بقوله عز وجل ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ) أو كان رمزه ( النخلة) فيستشهدون بقوله تعالى( والنخل باسقات لها طلع نضيد ) وإذا كان الرمز العصا يستشهدون بقوله تعالى (أن اضرب بعصاك ) وليس في الدعاية الانتخابية فحسب بل يتخذ الدين تكأة حتى يضمن المرشح أصوات الناخبين ، ويُِـكـثر المرشح من الاستشهاد بالآيات القرآنية في بداية حديثه وتقديمه لنفسه على انه هو من يمثل الجمهور ويبدأ بقراءة القران الكريم أو يصلي في المسجد والناس من حوله ينظرون إليه وهذا ما نشاهده في قناة صلاح الدين الفضائية ، وفي خضم تلك الإعلانات باهظة الثمن تأتي أموال الدعاية الانتخابية وقد يكون بعضها من باب التبرعات أو الهبات أو المقاولات أو التمويل الخارجي ، فما هو حكمها شرعاً وأخلاقاً ؟ وهل أن محافظات العراق متمسكة بالثوابت الشرعية والتقاليد الاجتماعية المحافظة وملتزمون بالأعراف القبلية والدينية وهل يركن إلى المراجع الدينية والى الشرع الحنيف ،،، وفي تحديد للموقف العام للمشاركة في الانتخابات اعتبرت الانتخابات (شهادة) والشهادة لا يجوز كتمانها ولا التخلف عن أدائها كما قال الله تعالى ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) فأن الذي ينتخب شخص غير مؤهل لتوليه منصب سيادي أو ينتخب شخصاً غير مؤهل لسبب القربة أو المصلحة وهناك من هو أولى منه قوة وأمانة وحفظاً وعلماً، ولم يقم بحق ( الشهادة ) التي أتمن عليها، بل ( شهد زوراُ ) وشهادة الزور من أكبر الكبائر حتى قرنها الله تعالى في القرآن الكريم بعبادة الأوثان ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزور ) كما أن هناك نسبة غير قليلة من الناخبين لا يذهبون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات أما من باب عدم الاقتناع بالمرشحين أو رافض العملية الانتخابية كون الانتخابات تجري في ظروف عدم استقرار أو توصف بأنها غير شرعية أو لاعتقادهم بأن الحكومات المحلية (عاجزة) ولا تلبي احتياجات المواطن ، أن الاستخدام العالمي للانتخابات كوسيلة لاختيار ممثلين في الديمقراطيات الحديثة هي على النقيض من الممارسة الديمقراطية في النموذج الأصلي الإصلاحي الانتخابي والذي يوصف عملية إدخال النظم الانتخابية النزيهة أو تحسين فعالية النظم القائمة أو نزاهتها وميول الإنسان إلى الشرع الحنيف ووجوده
(ليست العصبية أن تحب قومك ولكن العصبية أن تجعل شرارهم خيراً من خيار غيرهم )