على خلاف الانتخابات السابقة التي شهدها العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 تصاعدت وتيرة مخاوف الأحزاب السياسية من وجود الإشراف الأممي على الانتخابات القادمة,وهذا مؤشر واضح لقلق الاحزاب من وجود اشراف ورقابة دولية تساهم في تقليل وتخفيض نسبة التزوير والتلاعب بالنتائج, كما كان يحدث في الدورات السابقة,فإن العديد من القوى والاحزاب السياسية اعلنت رفضها الاشراف الأممي من بوابة انتهاك السيادة, بينما الأمر فيما يرى مراقبون أن السبب هو خشية العديد من هذه القوى من غلق باب التزوير الذي كان يجري على نطاق واسع خلال الانتخابات الماضية التي جرت منذ عام 2005 حتى عام 2018.
في محاولة لتجاوز سيناريو الانتخابات السابقة عام 2018 والخروقات التي رافقتها وغلق منافذ الفساد , دعت الحكومة العراقية المنظمات الدولية والعربية للإشراف والرقابة واستخدام البطاقة البيومترية بدلامن الالكترونية التي كانت توفر أجواء مناسبة لعمليات التزوير وشراء الأصوات.
الا ان مصادر نيابية اكدت بان قانون الانتخابات الذي صوت عليه البرلمان, لم يلزم اعتماد البطاقة البيومترية في الانتخابات بل جعلها مفتوحة باستخدام البطاقة الالكترونية السابقة ,مما يتيح عملية سياسية مزورة مقدما ,في ظل فقدان اربعة ملايين من البطاقات الالكترونية السابقة الخاصة بالناخبين من مقر مفوضية الانتخابات, وكشف رئيس كتلة بيارق الخير عن جهات سياسية لم يسمها تستعد لتزوير الانتخابات البرلمانية القادمة وذلك من خلال استحواذها على البطاقة الالكترونية الخاصة بالناخبين, خاصة أن هناك جهات سياسية مدعومة بفصائل مسلحة تحاول السيطرة على الانتخابات من خلال عمليات التزوير والتلاعب في ارادة الناخب سواء بالقوة او من خلال الاستحواذ وشراء البطاقات الالكترونية, وشدد على ضرورة تعديل قانون الانتخابات واعتماد البطاقة البيومترية لتفادي التزوير والتلاعب.
كما وان الجو العام لا يختلف في الفترة الحالية عن أجواء الانتخابات السابقة حيث تشير التقارير بأن بعض الأحزاب السياسية التي تمتلك لجان اقتصادية بدأت بالفعل محاولات تمويل حملاتها الانتخابية المقبلة من مؤسسات الدولة, ويلفت المراقبون أن إحدى الإشكالات الرئيسية ترتبط بدائرة الأحزاب السياسية التابعة للمفوضية العليا للانتخابات والمعنية بمراقبة عمل الأحزاب واجازاتها انها اضعف من مواجهة الخروقات الحزبية في ما يتعلق بالمال السياسي وتحقيق السجلات المالية ومتابعة تمويل الأحزاب من الخارج.
كما وأن ملامح الدعاية الانتخابية المبكرة وتحديدا للأحزاب والتيارات المسلحة باتت واضحا في الفترة الاخيرة, خصوصا مع تنامي عملية الاغتيال واستهداف ناشطين رئيسين في الانتفاضة, تعطي انطباعا أن الاستهدافات الجارية تهدف الى كبح تحركات قوى الانتفاضة ومنعها الدخول للانتخابات القادمة خوفا من ان تزاحم قوى الانتفاضة القوى التقليدية في السلطة, حيث باتت تشعربخطر المنافسة مما يدفعها الى التصعيد بشكل ملحوظ ضد ناشطي الانتفاضة الأمر الذي كان واضحا في احداث الناصرية والبصرة والنجف,أن خشية القوى السياسية هو تخوفها من دخول قادمين جدد وهم ممثلو تظاهرات تشرين , وخوفها من عدم تمكنها من جمع الاصوات الكافية بسبب الية احتساب الاصوات في قانون الانتخابات الجديد.
لذلك فإن عدد غير قليل من قيادات الحركة التشرينية قد لمح إلى مقاطعة الانتخابات فيما لو تمت بدون إشراف أممي , وان اكثر ما تخشاه الحركة في الانتخابات القادمة هو التصفية الجسدية ومنع الأشراف الدولي, لهذا كانت أبرز مطالب الانتفاضة ليست الانتخابات بل تأمينها وتوفير أجواء التنافس والعدالة والشفافية فيها والتي لا تبدو بوادرها متحققة حتى الآن,وان الجهات التي ترفض الإشراف الاممي تستعد لتزوير الانتخابات مستعينة بقوتها على الأرض المتمثلة بالجماعات المسلحة والسيطرة على مراكز الاقتراع بالقوة واستخدام المال السياسي الذي مصدره على الاغلب الفساد او تمويل جهات خارجية مشبوهة المقاصد,مما يشكل تهديدا خطيرا للديمقراطية والعملية الانتخابية النزيهة.
من المؤكد بأن الرقابة الاممية والاشراف الحقيقي سيمثل تحديا للقوى السياسية التقليدية خاصة إذا تزامنت مع ارادة دولية لإحداث تغيير حقيقي في العراق سيساهم في اعادة ثقة المواطن العراقي بالعملية الانتخابية بعد ما فقدوا ثقتهم بها سابقا.