عادت الانتخابات و عادت معها دوامة البحث عن الافضل او البحث عن غير المجرب على اساس ان “المجرب لا يجرب” و الامر سيان بين حيرة المواطن العراقي اليائس الذي يحاول منح صوته لمن يستحق و كذلك حيرة الاحزاب في ترغيب المواطن بمرشحيها و بشتى الوسائل و الامكانيات و طبعا ابرزها الاعتماد على الدعم الخارجي و كذلك كثرة الانشقاقات و تغيير العناوين التي جاءت نظرا لفشل التحالفات و المسميات القديمة في تقديم ما يستحق معه الحصول على ثقة الناخب.
المشكلة الحقيقية ليست في صوت المواطن فسواء انتخب الصالح او اعاد انتخاب ذات الوجوه لن يتغير شيء و هذه النظرة ليست من قبيل التشاؤم او الاحباط بل هو الواقع فليس خفيا حجم التدخل الاقليمي في العراق و دوره في اختيار كبار رجال الحكومة و على رأسهم المرشح لرئاسة مجلس الوزراء فالمحاصصة التي على اساسها سيتم رسم ملامح الحكومة القادمة اصبحت لها صفة الالزام اكثر من التي تتمتع بها مواد الدستور نفسه و هي ذاتها ابرز وسائل التدخل الاقليمي و بقائها يحافظ على نفوذ دول المنطقة في العراق.
كذلك تصدع اركان الاحزاب القوية هو بداية الصراع السياسي القادم بعد الانتخابات و دخول الحزب الحاكم نفسه بتحالفين احدها لرئيس الوزراء السابق و الاخر للرئيس الحالي يكفي كدليل لمعرفة حجم الصراع الذي وصلت اليه الاحزاب في سبيل الكسب الانتخابي اولا ثم الكسب السياسي او عدد المناصب التي يجب تحصل عليها (الاحزاب) و التي لا ترتبط بالضرورة بعدد الاصوات فقط بل بحجم الدعم الذي ستحصل عليه من الدول الاقليمية.
كل ما سبق يذكرنا بأزمة انتخابات 2010 التي شهدت تحولا خطيرا في مسار العملية السياسية الهشة في حينها فعلى الرغم من عدم اهمية من تغلب على من الا ان تكرار السيناريو نفسه هذه المرة و ربما بين مكونات التحالف الوطني او غيره من التحالفات من خلال تفضيل او دعم اقليمي لأحد احزابه ( رغم خسارته ) سيكون له انعكاسا سلبيا لا يتعلق فقط بفقدان المواطن لثقته البسيطة اصلا في استقلالية العملية السياسية بل في فقدان العراق نفسه كدولة على استقلالية قراره السياسي.