المعذبون والفقراء في العراق هم الذين كلما فرغوا من التهام طعامهم راحوا يحمدون الله حمدا مشوبا بمرارة وألم, تكاد تنطق بها قلوبهم ووجوههم أمام الخالق بما يبدو عليها من إرهاق وكآبة وحرمان, حيث أن كثيرون من المعدمين في العراق من الفقراء وهم الأحياء المعدومون بسياط الحياة ومواجعها ممن ينسحبون من الحياة التي هي ليست بحياة ,وبما أن العراق مصنف حسب تقارير منظمة الشفافية العالمية بأنه ثاني افسد دولة عربية ورابعها في العالم فبعد الغزو والاحتلال الأمريكي عام 2003 استولى سياسيون عراقيون وبمساندة الدولة المحتلة أمريكا والحاكم المدني سيء الصيت ( برايمر ) على ممتلكات فردية وجماعية وممتلكات مؤسسات ومصانع الدولة وسرقوا وفرهدوا ونهبوا ثم حرقوا مؤسسات ودوائر الدولة(بيتهم الكبير العراق ) ,وانتشرت وتفشت ظاهرة (الحواسم ) بين بعض النفوس المريضة من الشعب العراقي, وبين ليلة وضحاها تملكوا الشقق والفلل الفارهة في العواصم الغربية والعربية ولم يحاسبوا أو ينالوا عقابهم الصارم بسبب احتماؤهم من طوائفهم التي تحكم وتدير البلاد بسبب المحاصصة الطائفية وعلى مبدأ (أنت أش واني أش) –ونحن في الهوى سوى- بعد أن ماتت بعض الضمائر المستترة وغياب مخافة الله عنهم وغياب القانون والمحاسبة لأنه من امن العقاب ساء الأدب, فان الخراب والفساد بكل أنواعه: الفساد الأخلاقي والمالي والإداري والعسكري جعل العراق عراقا هش البنيان لانهيار البنى التحتية وقلة الاستثمار وسوء الموازنات المالية والخطط الخمسية أو العشرية, لان الفساد هو جانب خطير من الإرهاب الاقتصادي .
وعندما جلس جحا بين أصحابه يوما فقال :لقد أصبحت من أصحاب الكرامات: قال أصحابه وما هي كرامتك الجديدة ؟قال إنني اعرف ما في قلوبكم, ذهل الحضور وقالوا: وماذا في قلوبنا ؟كلكم يعرف أني كذاب, وعندما نتأمل الأوضاع السياسية وأنواع الفساد الذي ينخر جسم الدولة نصاب بالدهشة وأحيانا نضحك وشر البلية ما يضحك ولكن فهل ما يحدث لا يتم بالضحك أو البكاء, واضحكوا قليلا وابكوا كثيرا على العراق وعلى المليارات والتريلونات الضائعة بجيوب بعض الفاسدين.
وان فكرة انتحار أو استقالة المسئول الفاسد لم تصلنا بعد على اعتبار إننا طلاب للديمقراطية لا غير وللانتحار إبعاد اجتماعية وثقافية واقتصادية ودينية ونفسية (وهو قرار يتخذهه شخص لإنهاء حياته) نتيجة فشل ما أو فضيحة مالية أو جنسية أو خسارة معركة أو حرب أو فقر وعوز وما أكثرها عندنا…الخ , ورغم هذا لا يمكن إنكار أن جميع الأديان حاولت الحد من هذه الظاهرة بطريقتها الخاصة ورغم قدم هذه الظاهرة نفسها إلا أنها ما تزال تثير قدرا كبيرا من الحيرة والتساؤل كون الضحية والجلاد شخصين يحملان نفس الجسد ,بحيث أن جذور تلك الثقافة وأصول ذلك المنتحر موجودة في الأعماق مع تنزيه النفس والنظر إليها بعين الكمال.
وهناك في دول مثل اليابان تصدر الحكومة تقريرها السنوي ويدعى (سجل الانتحار الوطني ) وهو سجل يرصد مؤشر الانتحار وأكثرهم من الذكور الطلاب الفقراء والمفسدين بالروح الوطنية المقدسة لديهم فوزير الزراعة الياباني مثلا – توشيكاتسو-أقدم على الانتحار قبل أن يستدعيه البرلمان بسبب صفقة مشبوهة في وزارته, أما بالنسبة للفيلسوف- شوبنهاور –فقد يفسر الانتحار بمثابت خلاص من شقاء الحياة وشرورها وخلاص أيضا من تشويه للسمعة والموقف المحرج أمام الشعب أو خيانة الوطن, كما يقول فرويد (الانتحار هو عدوان تجاه الذات لإحساسها بالخطأ المتعمد وهو تفكير شجاع لمواجهة أزمة أو فضيحة) وهناك الشاب التونسي – محمد البو عزيزي – عندما حرق نفسه احتجاجا للتعبير عن وسيلة من وسائل الجهاد ضد الحاكم الظالم ,وتزداد ثقافة الانتحار لدى الزعماء العظماء حيث تعددت الأشكال والأسباب والألوان وظل الانتحار يحمل صبغة واحدة هي الموت وهناك أمثلة لا تعد ولا تحصى سنذكر منها القليل لكي يرعوي بعض السياسيين العراقيين من الفاسدين والمفسدين ,ومن اضعف الإيمان يريدهم الشعب أن يستقيلوا ويقدموا اعتذارهم للشعب ولا يريد بهم الانتحار, وهناك الكثير من السياسيين والزعماء والملوك ينتحرون في لحظة حسم ,انكشاف سر أو فضائح شرف أو انكسار في معركة أو صفقات فساد أو غيرها……… واليكم بعض الحالات.
– استقالة وزير الصحة الكويتي عند حادثة احتراق قاعة لمناسبة زفاف كويتي وازدياد عدد الجرحى ولم تستوعب وتسعف المستشفيات بعض الجرحى.
– انتحار حارس مرمى منتخب ألمانيا- روبرت انكة – بسبب انكشاف تعاطيه مخدرات.
– انتحار –هانيبال- رفضا للأهانه عند وقوعه في اسر الرومان.
– انتحر وزير الخزانة الأمريكي عندما اخرج مسدسه الشخصي أثناء مثوله للاستجواب أمام لجنة برلمانية.
– استقالة وزير النقل المصري اثر اصطدام قطاريين في مصر وجرح أكثر من ثمانيين مسافر.
– مارك انطونيو- عشيق كليوباترا تناول السم منتحرا عند سماعه كذبا موت كليو باترا.
– أما – نيرون –إمبراطور الرومان فانتحر أيضا مسموما بعد إحراق روما.
– -أدولف هتلر –السياسي الألماني النازي الرجل الكاريزمي في انتحار هو وزوجته عندما تمكنت جيوش الحلفاء اجتياح ألمانيا من جميع جوانبها.
– وحينما طالب الشعب الفرنسي عند تولي رئيسهم الجديد بإرجاع قلادة زوجة رئيسهم المنتهية ولايته لأنها ملك الشعب وملك زوجة الجديد.
إن الثوب الذي يرتديه بعض الساسة من الفاسدين لا يزال مهلهلا بشذوذ السراق وروائح الفساد وان هذا الشذوذ بأمس الحاجة إلى الاستقالة والى إحالة الفاسدين إلى القضاء والمناداة بالإصلاح ولا يمكن أن يتم الإصلاح وأعمار البلد إلا بالقضاء على الفاسدين والمفسدين والمتلاعبين بقوت الشعب لأنهم أبشع واخطر من الإرهاب وهي حالة تستوجب بها تطبيق المادة 4 إرهاب بحقهم حالهم حال تنظيم القاعدة الإرهابي وبعض المليشيات المجرمة ….!!