23 ديسمبر، 2024 11:55 ص

انتحار قاضيان مصريان والهند افضل دولة في العالم !  

انتحار قاضيان مصريان والهند افضل دولة في العالم !  

تداولت مجموعة واسعة من المثقفين العرب ضمن شبكة الانترنيت للتواصل الاجتماعي  قبل ايام معدودة موضوعا تحت عنوان ( انتحار قاضيان مصريان )  انباء مسربة عن حدوث موجة انتحارات جماعية لعدد من القضاة في عدة دول عربية واسلامية خلال شهر نيسان عام 2016 .فقد تداول المثقفون انباءا غامضة عن انتحار قاضيان مصريان بعد قيام كل منهما على حدة خلال الاشهر الماضية باصدار احكام بسجن عدد من المفكرين والكتّاب المصريين بتهمة قيامهم بالافصاح عن ارائهم في القضايا التي تخص الدين او السياسة ، واوضحت تلك الانباء بان اقدام كل من القاضيين المصريين باعدام نفسيهما بفارق ساعات معدودة جاء بسبب تأنيب ضميرهما واحساسهما بمدى الجرم الذي اقترفاه بحق الضحايا من المثقفين المصريين لاسيما بعد موجة الانتقاد الواسعة التي وجهت للقاضيين من قبل شريحة واسعة من المثقفين الاجانب والعرب باعتبار ان حرية الافصاح السلمي والحضاري عن الفكر اوالرأي أوالمعتقد في كل المجالات  هو حق اساسي من حقوق الانسان وان مجابهة او مخالفة اي فكر او رأي او معتقد لا يكون بمعاقبة او سجن صاحب الفكر وانما محاججته سلميا وحضاريا .وبينما لم تُجمع احاديث مشتركي شبكات التواصل الاجتماعي على اسمي القاضيين  المنتحرين ، فان الكثيربن اعتقدوا بان احدهما هو القاضي الذي اصدر في العام الماضي حكما بسجن المفكر والاعلامي المصري  ( اسلام بحيري )، في حين تضاربت التوقعات في تحديد القاضي المنتحر الثاني رغم ان البعض توقعه ان يكون هو القاضي الذي اصدر قبل اسابيع محدودة حكما بسجن الكاتبة والشاعرة المصرية المسلمة الديانة ( فاطمة ناعوت )  لمجرد جملة كتبتها في صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك ) انتقدت فيها اسلوب تنفيذ احدى طقوس عيد الاضحى مما أعتبره  القاضي اساءة للدين الاسلامي !ومعروف ان المفكر والاعلامي المصري ( اسلام بحيري ) يرقد حاليا سجينا في مصر بعد ان انتقد في اكثر من برنامج تلفزيوني تدريس كتب السيرة النبوية في المدارس المصرية باعتبار ان تلك الكتب تسيء للاسلام ولرسول الاسلام ، فهي غيرمنطقية المحتوى وتتعارض كليا مع مفهوم حقوق الانسان ناهيك عن انها تحث ضمنيا على تقديس الارهاب وفق مقاييس العصر الحالي حسب اعتقاده ، مذكرا بان معظم كتب السيرة النبوية ( كمؤلفات البخاري وغيره ) كتبت  بعد مرور اكثر من قرن ونصف من وفاة الرسول اعتمادا على ما تم تناقله بين الاجيال وفقا للظروف والمصالح والثقافة السائدة انذاك  .    مشتركون آخرون توقعوا ان يكون القاضي الثاني المنتحر هو قاضي سعودي قام بجلد وسجن مفكر سعودي لانتقاده بعض احكام الدين ، بينما شكك مشتركون كثر اخرون في صحة انباء انتحار القضاة متساءلين عن سر هكذا وعي مفاجيء لدى اولئك القضاة العرب .احد اقطاب مشتركي شبكة التواصل الاجتماعي وهو القانوني الموريتاني ( احمد نجم الدين ) كتب في صفحته الشخصية قائلا 🙁 الى متى تبقى حرية وفكرالانسان في البلدان العربية والاسلامية سجينة بين قضبان احكام رجال الدين ومن يمثلهم من السياسيين ..نطالب بالغاء كافة القوانين التي تعاقب الانسان بسبب ارائه المعلنة في الدين باعتبارذلك حرية شخصية ليس لاحد حق التدخل فيها ..هناك المئات من الاديان والمذاهب في مختلف دول العالم فلماذا لا نسمع عن سجن اناس تُعارض او تنتقد تلك الاديان والمذاهب عدا ما يحصل يوميا في البلدان العربية والاسلامية ، أو ليس  من الغباء ان نقتنع بان الله والانبياء والاولياء بحاجة الى جيش من المؤمنين ليدافعوا عنهم ! ).مشترك آخر ( سلام بو حميدة ) من الجزائر كتب في صفحته الشخصية قائلا 🙁 ستبقى بلداننا العربية والاسلامية متخلفة عن حضارة العالم طالما نحن لا نؤمن بحق اساسي من حقوق الانسان الا وهو حرية الفكر وحرية التعبير . ان تفاعل الافكار والاراء المتناقضة هو الذي يقود الى مسارات جديدة تخدم الجميع .لا حدود للفكر ولا حدود للاراء طالما انها تُعلن بشكل سلمي ..الفكر يقابل بالفكر والرأي بالرأي . ان من يقابل الفكر بالسجن هو انسان متخلف وضعيف يحاول ان يعرقل مسيرة الانسانية نحو الافضل ).مشترك آخر من السودان ( آدم محمد بشير ) وهو استاذ جامعي كتب قائلا :السياسي الذي يدعي الحرص على بلده وشعبه ليقوم بسجن من يعارضه هو كرجل الدين الذي يدعي الحرص على الدين والمجتمع ليقوم بتكميم افواه منتقدي دينه او مذهبه ، فكلاهما يسرق حق الانسان في الفكر والتعبير ، ولكليهما مصالح مادية وسلطوية مخفية وغير مشروعة تُغلف امام الناس بثوب الحرص على الله والوطن والشعب  . لقد ولى الزمن الذي تستطيع به القوة ان تفرض السلطة اوالفكر او المعتقد على الانسان ).القاضي ( مدحت محمد ) من احدى الدول العربية كتب في صفحته الشخصية 🙁 درست القانون في فرنسا ، واستقلت من وظيفتي كقاضي في بلدي بعد قضية واجهتني واحسست بها باني ووفقا للقانون سأحكم  بما سيخالف مباديء مهنتي المبنية على اساس الفهم الحديث لحقوق الانسان الاساسية في حرية الفكر والتعبير السلمي ، حيث كنت في وضع يحتم عليّ اصدار حكم بسجن  انسان بسبب افكاره المعارضة لاحكام الدين واصوله  وذلك وفقا لقانون بلدي الذي يستند على اساس الشريعة الاسلامية كما يُظَن ، لكني وجدت نفسي في موقف سأظلم فيه انسانا لم يقم بأي جرم ، انسانا مارس حقه الاساسي في الفكر والتعبير ، فاضطررت لاعلان استقالتي كموقف مني في اضعف الايمان .القضاء مهمة انسانية سامية توجب على القاضي ان يكون انسانا قبل ان يكون تابعا لاي دين او مذهب او حزب عدا دين واخلاق الانسان المتحضر ، واهم ركن في دين واخلاق الانسان المتحضر هو الايمان بحق كل انسان في التفكير والتعبير كحق اساسي لا مساومة ولا التفاف عليه .انني ادعو المثقفين والسياسين الى المطالبة بدستور وقانون يستند الى التجربة والعقل الانساني الذي منحه الله لنا لندير به انفسنا بعيدا عن تحديد الشريعة الدينية التي يستند عليها الدستور او القانون لان مجرد ذكر اسم شريعة دين معين سيعنى شل الدستور وقوانينه او على الاقل ادخالها في متاهة لا تنتهي حتى بعد موت المتهم قبل الحكم عليه ، حيث ستستمر المناقشة  لمعرفة حكم  اية آية دون اخرى او اي تفسير دون آخر او اي حديث دون آخر  في هذا المذهب او ذاك ، والى ما لا نهاية ، حتى انك لتجد ان القاضي قد يحكم باعدام متهما ما في نفس القضية التي كان سيحكم بها قاض آخر ببراءة ذلك المتهم ، رغم عدم وجود اي التباس لدى القاضيين بشكل ونوع وتفاصيل قضية المتهم . ان ما يضع كل من القاضيين على سكتي طريق متضادتين  هو الاستناد الى شريعة تحتاج الى ما لا نهاية من الوقت لمناقشة اي من الايات او الاحكام او احاديث السيرة التي يجب الاستناد على تفاسير احكامها ، وكل ذلك في ظل تضاد التفاسير والاجتهادات حتى ضمن المذهب الواحد وليس ضمن الدين الواحد حسب ، ويبقى الانسان المسلم هو الضحية الاولى والاخيرة تحت طائلة هكذا دستور وقانون ، وكان الله في عون من هو غير مسلم وسط هذه المعمعة !!انا كرجل قانون درست القانون في فرنسا وهي دولة قانون متطورة في معظم نواحي الحياة ، ولكني ادرك باني انسان ايضا وانا معرض للخطأ في اية لحظة ، لكني يصراحة ، ورغم كوني مسلما ، فاني اتمنى ان احاكم في اية دولة لا ينص دستورها على احتكامه على الشريعة الاسلامية  ، فحين ذلك سأكون مطمئنا الى نسبة كبيرة من صحة الحكم الذي سأناله ، لاني سأحاكم على اسس قانون متحضر يتفهم حقوق الانسان وفقا للعقل الذي منحه له الله وليس وفق اصول واسس ذات ما لا نهاية من الاحكام والتأويلات والتفسيرات المكتوبة قبل مئات السنين ).( رضا حسن ) ايراني يحمل شهادة الماجستير في الفيزياء الذرية ، يتقن اللغتين العربية والفارسية شارك هو الآخر في موضوع انتحار القضاة ، قائلا 🙁 حكم علي بالسجن لمدة عشرين عاما عام 2006 في ايران بسبب مقالة صحفية كتبتها في احدى الصحف الاسبوعية ، وعبرت فيها عن رأيَ بعدم صحة الجمع بين ( الجمهورية ) و ( الاسلامية ) فالكلمة الاولى ارى فيها انها تعبر عن حكم الجمهور وما يختاره ، بينما ارى في الكلمة الثانية انها تعبر عن حكم اناس محددين من الله سلفا وفي ذلك تناقض واضح بين مدلولي الكلمتين ، وعلى كل حال فذاك كان مجرد فكرة او رأي لا يوجب سجني عشرين عاما بل كان بالامكان الرد عليَ بمقال مضاد قد اقتنع به او لا اقتنع .. هربت من السجن بعد معاناة ثمان سنوات وانا الان لاجيء في احدى الدول الاوربية ، سأحزن جدا على القاضي الذي ظلمني لو عرفتُ بان ضميره استفاق ليجبره على الانتحار ، لاني كأنسان اولا وكمسلم ثانيا  اشفق على من ظلمني رغم كل ما اصابني من عذاب وسجن وغربة ) .(محمد طاهر سلمان ) طبيب عراقي ، قال على صفحته الاجتماعية في الانترنيت 🙁 كنت قبل ايام موفدا بدورة تدريب صحية في احدى الدول الاوربية ، وشاءت الصدف ان التقي بطبيب هندي شاركني الدورة ، وفي احدى احاديثنا  قال لي وقد بدا مرتاحا لافكاري وطريقة تعاملي الانساني معه طيلة ايام الدورة  :دكتور محمد ، انا معجب جدا بافكارك وخلقك ، هل كل المسلمين في بلدك مثلك  ؟فاجبته بابتسامة : نعم اعتقد ذلك .. لماذا تسأل ؟فاجاب :  اننا في الهند لدينا عشرات من الاديان والمذاهب الرئيسية  ، ونحن ورغم اختلافاتنا في امور العبادة فنحن متعايشون كهنود لا نفرق بين احدنا الآخر، لكننا جميعا لدينا مشكلة كبيرة مع ابناء جلدتنا من المسلمين ، فرغم اني هندوسي لا اميز بين انسان وآخر في بلدي الا اني اعاني من هذا التمييزمن قبل المسلمين علينا ، ويكفي ان اذكر لك مثلا باني احببت فتاة هندية وهي احبتني جدا واتفقنا على الزواج الا ان اهلها منعونا من الزواج  لكوني لست مسلما فكان ان انتحرت وخسرت نفسها مثلما خسرناها ، وانا حين اذكر لك هذا فقط لتتصور حجم المشاكل التي تواجهها بلدنا في اقرار القوانين والنظم في ظل معارضة اسلامية لا تستند الى ما يتطلبه العصر من قوانين وانظمة وانما فقط على ما يتمسكون به من اصول واحكام لا تناسب العقل والمنطق في هذا العصر.تأكد دكتور محمد ، ان الهند بتاريخها وامكاناتها وطاقاتها البشرية المتنوعة كانت لتكون افضل دولة في العالم حاليا لو ان ابناءنا الهنود من المسلمين يحاولون التخلي عن الاصرار يومياعلى اعادتنا يوميا خمسة عشر قرنا الى الوراء  ..).قائمة واحاديث المشتركين في شبكة التواصل الاجتماعي كثيرة ، وكل يعبر عن ما يحمله من افكار وآراء مختلفة ، قديمة كانت ام جديدة ، صحيحة ام خاطئة ، تتنافس في ملعب رياضي  من اجل اهداف سامية لصالح كل البشر ، ترى كم هو عدد الاسماء الحقيقية لاولئك المشاركين ؟ اظن ان الكثير منهم قد يكون خائفا من ان يرتبط اسمه بقائمة القضاة الذين قد ينتحرون بسببه مستقبلا !