23 ديسمبر، 2024 3:33 م

انا وصديقي الملحد‎

انا وصديقي الملحد‎

(إن شاء الله)…دعك من تلك الخزعبلات (أذا شاءت الظروف)…(ومن قال لك بأن الظروف ليست هي الله)…(لأنه ببساطة لايوجد اله), وهنا أمسكت يده لأجلسه بقربي ,وهمست في أذنه (ومن أوهمك بعدم وجود الاله؟)، فأجاب متماسكاً (من أوهمك أنت بوجوده؟)…(ياصديقي السائد أنه موجود والحادث أنك تنكر وجوده، فعندي موجود بوجودي أنا ومن حولي)، وهنا أخذ صديقي بسرد تلك الحكايا البالية عن خلق الطبيعة ونظريات التطور المادي وعرج كثيرا على الاسلام واحكامه وقوانينه،فأجبته سريعاً بما لدي من حجج سمعتها أذناي وأنا في سن لم أبلغ به حد الثامنة عشرة آنذاك،ثم أوقفته متسائلاً:(اذاً أنت تقول بأن الطبيعة وراء الخلق الأول وهي أيضاً وراء التطور الهائل الذ حصل في العقل البشري متكاملاً ،فأن كانت الطبيعة هي المسؤولة عن ذلك ومنذ الآف السنين والانسان جزء من هذا العالم وأمه الطبيعة،فلماذا هذا الفرق الشاسع بين الانسان الاول والحالي ولا يوجد مثل هذا التطور لأي كائن آخر ولا أي مخلوق بل حتى جيولوجياً لم نلمس أن جبلاً بركانياً طور نفسه ليكون وادياً زراعياً خصباً مثلاً؟)،…(أنتم أيها المسلمون تقبعون تحت أنقاض تأريخكم وتشلون عقولكم ليفكر أصحاب العمائم عنكم………)،فتيقنت وهو يتكلم، بما كان راجحاً في فكري من تصور حول طبيعة مايفكرون به،(أشرب شايك أغاتي قبل لايبرد)وأخذت دوري في الكلام بعد أن أرخت رشفات الشاي أعصاب صديقي المتحمس،(أن من أهم الأشكاليات التي يقع فيها الباحثون عن الوجود هو خلطهم بين الدين و وخالقه أي بين الدين والاله”وتحديداً أقصد مجتمعاتنا الأسلامية الصبغة”، ففكرة وجود الدين في حياتهم تشكل لهم عائقاً في التصرف والحركة ويعتبرون التشريعات الدينية هي بمثابة قيود فأرادوا ضرب الدين لا لعدم الأيمان به ولكن لكسر القيود والركون الى فكرة الألحاد، وفي الحقيقة هم ليسوا بملحدين إنما لا دينيين، فلم يمسك الاله عصاً يوماً ليعاقب مذنباً أو يؤدب مخطئاً،ولا أجد أي مشكلة قد يتسبب بها أيمان أي فرد بوجود الاله فأين التقاطع بين كونك مخلوق بخالق وكونك مخلوق بالصدفة، مع أن منطق العقل يركن الى الترتيب والتسبيب في كل القضايا مهما كانت صغيرة فمابالك بأس حياتك ومدار وجودك، ثم أنكم ياصديقي يجب أن تكونوا أكثر هدوأً وأندماجاً مع الأفكار والمتبنيات الأخرى كونكم شئتم أم أبيتم قد ولدتم في مجتمع ديني، ففهمكم لنظرية الدين والاله غير فهم الغربيين الذين أتحفوكم بكتبهم فهم يرون الأمور من منظارهم ولم يستشعروا يوماً أنعكاسات مجتمعكم وتعايشكم معه “وبما أن الطبيعة قد أوجدتكم” في تلك الرقعة الجغرافية “بلا سبب” فعليكم أحترام ذلك الوجود لتكوين فكر مستقل ورفع تلك الضبابية والخلط بين أنكار الدين وأنكار الخالق والأتجاه أيضاً الى قرآءة البحوث العلمية فالتلازم الخلقي والترابط الجيني المستمر على مدى الآف السنين يدل على أن الخالق له القدرة على الأنتاج والتكوين غير نافذة ولا متناقصة وتلك الطاقة بالنتيجة لاتفنى وبما أنها لاتفنى فهي بالضرورة لا تخلق من العدم,فالحراك العلمي والفكري لا النظري الأنشائي ينتشل الأدمغة من أوهام الكتابات الجامحة والأفكار الشاذة، فاليوم علينا أن نتجه الى أنسنة المجتمع وخياطة نسيجه وجذبه الى المدنية المتحضرة وأشاعة روح العاطفة لا سلب ضؤ الرحمة ووسادة الأمان التي يمثلها الأيمان بالله سبحانه وتعالى)….وضع أستكان الشاي في مكانه (الشاي وخلص أشكرك ,اترخص أني)..(العفو أني أخاف أزعجتك بكلامي فأرجوا المعذرة,ونلتقي أذا شاءت الطبيعة)..مبتسماً (أن شاء الله ،ماكو مشكلة).