كنت في سن الثامنة استمع الى؛ حكايات جدي الجميلة المشوقة ففي؛ احد الايام قال لي جدي: ستكبر يا ولدي و ستصبح ذا شأن في البلاد؛ فقلت له: وما سأصبح يا جدي قال لي: ستعين الضعيف على القوي؛ ستنصر المظلوم على الظالم؛ سترد الحق الى صاحبه.
قلت له: يا جدي من أنا لكي افعل ذلك؛ قال أنت الطاقة و المستقبل؛ أنت الحياة و الوجود، و استرسل جدي بكلامه.
ستحقق أحلام الفقراء؛ ستبني البلاد و تنصر العباد؛ ستكون يا ولدي مدافع في زمن يسود؛ فيه الظلم و الطغيان و الفساد؛ و الحق باطل و الباطل حق، ستكون يا ولدي وحيداً في قول؛ الحق بوجه الظالم، و صمت جدي وعم الهدوء في المكان؛ لا صوت فيه سوى نهدة جدي وتساقط دموعه.
قلت له: لما تبكي يا جدي؟ أكمل حكايتك فقال لي: سيعم الخراب و الدمار ستهدم كل الاثار؛ سيدخل هولاكو من جديد؛ سينتفض شباب بوجهه يدافعون عن أرضنا؛ و يحمون عرضنا يضحون بالغالي و النفيس؛ لا يهابون الموت و يتحدون العالم بأسره؛ من أجل الخلاص من هولاكو العصر، قاطعت جدي قائلاً متى سيدخل هولاكو؟ أزداد حزن جدي وبدت تعابير وجهه بالبؤس؛ و الإحباط و الانكسار و هو يقول: يا ولدي سيدخل هولاكو في زمنً؛ يحكم فيه أَناس مدعين الدين؛ ينتقمون من البلاد يقدمون مصالحهم؛ الشخصية و الحزبية على مصلحة الوطن.
فقلت له: ولماذا يفعلون ذلك أخبرني و هو مطأطئ رأسه؛ يستغلون الدين للسرقة والقتل و هو براء منهم؛ يبنون أمجادهم الشخصية والحزبية؛ و لا يبنون الوطن, و أسترسل جدي قائلاً: سيبيعون الارض و يحلون العرض بأبخس الأثمان؛ سيبيعون الكلام الذي لا يجيدون غيره؛ أكمل كلامه بحسرة و هو يعتصر القلب؛ سيخون قادة الجيش أرضهم و يولون؛ هاربين, خائفين؛ على أموالهم التي سرقوها و على أرواحهم.
سيذبح الشباب بألاف و الاف بيوم واحد؛ سيغدر يا ولدي من يدعون الغيرة و الشهامة؛ هنا بكى جدي بحرقة و أهات و بكيت؛ لم أستوعب كلامه لكن دموعه أبكتني، و رحل جدي الى مثواه و كلامه في رأسي.
نعم يا جدي قلت لي س و س و س ؛ كما توقعت يا جدي أصبحت ذا شأن بقلمي؛ أدافع و أقول الحق و أعين الفقراء و المظلومين، نعم يا جدي ففي قلمي يخاف الفاسد, الظالم و السارق.
هل تعلم يا جدي أن الفاسدين حطموا احلامنا؛ وقتلوا شبابنا، نعم يا جدي أن كل الذي؛ قصصته عليه منذ الصغر حصل و هب الشباب للدفاع عن الوطن؛ و أخرج هولاكو و من خان البلاد؛ أوعدك يا جدي بأن الشباب سينتفض؛ و يقول كلمته و يثبت وجوده في البلاد؛ ضد الفاسدين و السارقين و الخونة, رحمك الله يا جدي.