26 مايو، 2024 10:42 م
Search
Close this search box.

انا والمدرسة والاستاذ علوكي

Facebook
Twitter
LinkedIn

الايام الاولى من شهر ايلول عام 1968كانت لها صدى كبير وبهجة كبرى ونقوش حفرت بقوة في ذاكرتي فقد دخلت المدرسة الابتدائية بعد طول انتظار وترقب ووعود كثيرة من المرحوم والدي. فقد سبقنى اقراني بعاميين دراسيين نتيجة لفقر الحال وعدم تيسر نصف دينار تاخذة المدرسة كاجور دارسية قبل ان يكون التعليم مجانيا, فقد اخرني والدي. رغم الحاحي المتواصل وذهب الجميع. من رفاق طفولتى. وتحولوا الى مراحل اخرى فقد كان لدي ثلاثة اشقاء في المدرسة. وكانوا يثقلون الحمل على والدي. واحدة في المتوسطة تحتاج الى شراء الكتب والدفاتر والقرطاسية الاخرى وكلها كانت تباع .والكبير في الصف السادس واخرى في الرابع الابتدائى. سجلنى والدي. و اشترى لي قماشا ليكون دشداشة.(ثوب) فقد كان يسمح لنا بأرتدى الدشاديش. ولم تستطع الخياطة ان تكملها وبدا العام الدراسي وانا بلا ثوبي الجديد. مما حدى بوالدتى ان تستعير دشداشة ابن جيراننا_ رحم الله سعدون عبد الباقي فقد كان يمتلك دشداشتين جديدتين. لانه كان الولد الوحيد لاهلة وكان مدلال والدية_ قتل بحادث مؤسف نتيجة تهور شاب كان يرمي الاطلاقات في احد الاعراس واخذت البندقية في يدة ولم يستطع السيطرة عليها_ فكان الضحية صديقى العزيز سعدون. ذهبت بدشداشتى الى المدرسة, وكان يوم فرح وسرور وبهجة لم اشعر بمثلها ابدا. مدرستي القريبة هي المجر الكبير الابتدائية من اقدم المدارس في محافظة ميسان. تاسست عام 1919 بنيت من الطابوق. وسقفها من اعمدة خشبية وبواري قصب فوقها تراب, وطين,بقيت كما هي حتى العام2012 وهي من معالم المجر الكبير الاثرية ولكن امتدت لها اليد لتهدمها, بلا واعز او اعتزاز,كانت تحتوي على اثنا عشر صفا ومخزن كان بنفس الوقت حانوتا وادارة وغرفة للمعلمين. اضيف لها ملحقا, غرفتين اصبحت الادارةوغرفة للمعلمين لاحقا. وواحدة من الغرف الفائضة اصبحت مكتبة والثانية غرفة للرياضةكانت على شكل مربع ناقص ضلع متساوي, يبتدا من الاول شعبة ا حتى السادس ب بواقع شعبتين لكل مرحلةكل مرحلة تقف امام صفها وكل شعبة ايضا. كان نصيبي الصف الاول أ ومعلمى الفاضل المرحوم الاستاذ عبد الرزاق مجو, مربيا. وابا. حنونا, وحينما طرق الجرس وقفنا في الاصطفاف الصباحى وانا بين الخوف والرهبة من المجهول, وبين تحقيق امنيتى الكبيرة ان ادخل المدرسة. كان اخى الكبير جواد يهدىء من روعي ويشجعني.لازلت اذكر هذا اليوم بكامل تفاصيلة ولم يغادرني ابدا, حتى وجوة المعلمين والتلاميذ من كل المراحل, كانه فلم سينمائي _استحضر لاعادته من جديد,انتهى الدوام, وقرع الجرس للخروج وكان الدوام اربعة دروس صباحا. ودرسين بعد الساعة الثانية ظهرا, وحينما رجعت قبلتنى والدتي, واشعر بعيون والدي تكاد تبكي فقد فرح لفرحي ونشوتي رغم عسر الحال.وابتدات رحلة( الدار دور قدري قاد بقرنا_ الى متى يبقى البعير على التل, وقدري قزاز, ونشيد احنا صف الاول احسن الصفوف والما يصدك بينا خل يجي ويشوف_. وانا جندي عربي. بندقيتى بيدي. احمي فيها وطني, من شرور المعتدي. تي تي تي هههههه) ومرت الايام زاهية جميلة واصبح لي زملاء واصدقاء جدد من محلات اخرى وليس من دربونتي فقط,
في احد الايام قامت ادارة المدرسة بتوزيع كسوة ا على التلاميذ اعتقد ان وزارة التربية والتعليم هي من تقوم بها. عبارة عن قماش (البازة) وكان مخططا, واحذية جلدية. وقد شكلت لجنة لادراح ابناء الفقراء. فمنهم كان يعطى له قطعة قماش , او حذاء كل حسب احتياجة, وحينما بدا التوزيع لم يدرجوا اسمي, معهم. لان هناك من هو يستحق اكثر مني
وحينما استلموا زملائي في الصف خرجت باكيا من المدرسة الى والدي في سوق السراي, فقد كان يعمل خياطا للعباءة الرجالية. ومن اشهر خياطيها. ولكن من كان يستطيع شراءها ليخيطها الا من رزقة الله,او كان غنيا وتاجرا,
وصلت والدي,ودموعي بانهمار لا تتوقف,صار وجه والدي مصفرا كثيرا وهو يقول مالك يا ولدي. وحينما افهمته بعد ان تجمع الجميع حولي من اصدقاءه وجيرانة من اصحاب المحلات من قماشين وخياطين, بانهم. لم يعطوني قطعة قماش او حذاء, واذا , بالاستاذ علي الحاج حسين علوان الزبيدي. (علوكي )ياتى ويسلم على ابي فقد كان,صديقه. قائلا له ابو جواد ماباله يبكي هذا, وحينما عرف السبب ان المدرسة وادارتها, تبسم ضاحكا وكان وقتها شابا وسيما يمتلك جسما منسقً, حلو الطلعة بشاربين كبيرين,
وكان مهابا, معروفا على مستوى اهل ميسان كلها فقد كان قويا وشقيا,وهنا شقيا ليس ظالما او يتعدى على حقوق الاخرين فقد كان من عائلة غنية. معروفة ومشهورة, فبيت والده ملاذ الفقراء, تقام عندهم المجالس الحسينية والدينية, ولا تزال, ولكنه كان ياتي بالحق لاهلة, من الاقوياء للمستضعفين
جرنى من يدي الى اقرب قماش وكان قبالة والدي المرحوم منصور جبر الشاوي.بزازا, طالبا منه قطعتين, ووقف على راس المرحوم الخياط عاشور لويم رحمة الله وكان, صاحب ابتسامة وفكاهة جميلة وبداوا يتمازحون
مصرا ان يخيط الدشداشتين الان. وقد اكمل واحدة فوضعها بيدي وقبلني
وقال ستاتيك الثانية,
لا اعرف اوصف مدى سعادتى وفرحي, وسروري. ومحبتى لهذا الرجل
الكريم. علوكي’
الذي اصبح معلمي في الصف الثاني في مادة التربية الاسلامية, فقد كانت التلاميذ تحسب له الف حسب, فالجميع ,يخشى منه على انه علوكي الرجل القوي؟ ولكنة بقلب حنون جدا
وتمر الاعوام والايام. وكبرنا
ويصبح المرحوم الاستاذ علوكي صديقى
وهوصديق لكل اهل المدينة
شبابا وشيبا كلنا نحب علوكي ونجله فقد كان انسانيا , محبا للخير يبحث عنه,
رحمك الله ورحم والديك
وسيبقى علوكي في ذاكرة المدينة الجميلة , منقوشا, بحروف واضحة
وتبقى دشداشتيك . ترافقني ما حييتت
فلم انساك يوما في دعاء او زيارة
ولروحك الطاهرة اديت عمرتيين في الانابة
لك الله ايها الطيب فهو يحب الطيبين الكرام
سلام على روحك( يا علوكي)

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب