الشعب العراقي ضحية العقل الفاشي
تيار الفاشست في العراق الان«أنتم ضحية عقلية فاشية»من يستخدمون كلمة «فاشية» يقصدون بها غالبًا اتهام الأنظمة الحاكمة بالديكتاتورية والتسلُّط والقمع، وغيرها من مرادفات كبت الحريات، إلا أنك إن تعمقت أكثر في معاني الفاشية ستجد أنها أسلوب حياة أكثر منها حركة سياسية.
لقد كانت خلاصة الفكر الفاشي هي في أن القوة وحدها هي وسيلة فرض القانون وترسيخ أركان نظام الحكم، وليست إرادة الشعب الحرة.
لكن المفهوم الحقيقي للفاشية كحركة ومذهب سياسي اكبر من هذا فهو يتسع ليشمل النظام الاقتصادي كذلك؛ وهو ما يتماشى مع مبدأ الدولة الشمولية، أي ذات الحزب الواحد. لكنها قد توجد في نظام تعددي كما هو الحال في العراق.
أن الفاشية رغم كونها نظامًا ديكتاتوريًّا الا انها ليست دائما في نظام الحزب الواحد الدكتاتوري بل قد تظهر في الانظمة الديمقراطية الغربية لذا لا تصلح لفكرة الدولة الشمولية ذات الحزب الواحد مطلقا لانها نظام مجتمع قبل ان تكون نظام دولة، ويستدل على ذلك بأن الفاشية كانت دائما بلا فلسفة واضحة ولا مشروع دولة ، بل هي أيديولوجية ضعيفة لا ترقى لمستوى الدولة الشمولية، وكل ما نجحت فيه أن يكون لها نمط خاص بها من مظاهر استعراض القوة.
أن مصطلح الفاشية الذي أصبح مستخدَمًا كصفة لكل الحركات الشمولية على اختلافها،هو في واقعه أكثر غموضًا من ذلك، إذ يتكون من شبكة معقدة من الفلسفات والأفكار السياسية التي قد تكون متناقضة فيما بينها.
في واقعنا العراقي المعاصر الان نجد كثيرًا من المعارضين او من هم في السلطة ينعتون تيار معينا او شخصا معينا بالفاشية دون معرفة حقيقية بسمات هذا الفكر السياسي.
«الا ان هناك ، 14 صفة تميِّز الحركة الفاشية، قد لا تصلح للاجتماع في نظام واحد لأن بعضها يناقض بعضًا، لكن وجود واحدة من تلك الصفات يكفي أساسًا لتكوين مجتمع عراقي فاشي كما هو في تيار صنمي عراقي ، وهذه الصفات هي:
1. إعلاء التقاليد
يمكن لأي مُطَّلع على منهج الحركات الفاشية أن يلفت نظره اهتمام كبار مفكريها بالتقاليد التراثية من تبعية عمياء ومجموعة منظومة معرفية وقيم جامدة في قوالب ثابتة تردد ويعاد انتاجها واجترار مفاهيمها بل ومصطلحاتها، وتشترك النازية مع الفاشية معها في هذه السمة وهي عبودية القائد الصنم وقداسة سلوكه وعصمة ارائه ؛ إذ تقوم روحها على تقديس التقاليد المتوَافق عليها بين المؤمنين بها دوما فالقائد الصنم الاله فوق المبادى واعلى من اي قيم وطنية اودينية او انسانية او اخلاقية.
2. رفض الوعي الاجتماعي
تنظر الأنظمة الفاشية إلى التوعية والتثقيف الاجتماعي وعصر إعمال العقلنة والنقد على أنه بداية عصر الفساد والانحلال والخيانةواللاعقلانية والتمرد والعمالة وترفض الحوار مع الاخر المخالف او تقبل وجوده او التعايش معه في بعض القيم المشتركة .
3. تقديس الأفعال والاقوال للزعيم المطلق
يُفضل الفاشيون الفِعل على الفِكر بصورة مطلقة. الفعل دائمًا جميل، ويكمُن جماله عندهم في انبعاثه التلقائي العفوي القائم على ردود الفعل العشوائية الالتقاطية والانتقائية دون اي عمق معرفي او تخطيط علمي مسبق من دون «تفكير» يسبقه؛ لأن التفكير شكل من أشكال الضعف عندهم لذا الجمود ورفض النقد هو السمة الغالبة لديهم بل وابادة الاخر.
4. الخلاف خيانة
تؤمن الفاشية بأن النقد لا يبني؛ بل يتسبَّب في التفرقة وهو خيانة وانحراف وانشقاق ووقاحة وانحطاط اخلاقي ، بعكس المجتمع الحديث الذي يشيد بالاختلاف والتنوع والتعدد في السلم الاجتماعي باعتباره وسيلة لتطوير الوعي.
5. الخوف من الاختلاف
المطلب الأول لأي حركة فاشية هو اضطهاد المختلفين بل وابادتهم، وبذلك يمكن اعتبار الفاشيين عنصريين إلى حدٍّ كبير.
6. مخاطبة الطبقة المسحوقة الجاهلة بخطاب عفوي عاطفي
أحد أهم سمات الفاشية مخاطبتها الطبقة الكادحة، التي تتأثر بالأزمات الاقتصادية بشدة وتعاني القمع السياسي والتهميش الاجتماعي بخطاب ساذج في وعود زائفة لتبريرالتسلط على الكادحين بذريعة ان الغير وحدهم سبب كل المأساة وان الفاشست هم الامل المنشود للانقاذ.
7. نظرية المؤامرة
الخوف من المؤامرات هاجس دائم لدى أتباع الفاشية، ولعلاجه يلجأون إلى الدعوة لكراهية الغير .
8. العدو قوي وضعيف في الوقت نفسه
من التناقضات الواضحة التي أظهرتها التحولات في الخطاب الفاشي، اعتبار أن العدو ذاته يمكن تارةً أن يكون غايةً في القوة، وفي منتهى الضعف تارةً أخرى بحسب ضرورات المرحلة فهو قوي لانه خطر وضعيف لامكان انتصار الفاشست عليه.
9. لا تَصالُح مع العدو
يرى الفاشيون أن التصالح مع العدو صفقة مشبوهة وخيانة عظمى ولان الغاية تبرير الوسيلة فان عدو عدوي هو حليفي ذائما وان كان في حقيقة امره عدوا لي ايضا او منافسا ، وأن القتال ضد العدو فكرة دائمة الحضور، فهم لا يقاتلون من اجل التغييرومن أجل الحياة الكريمة ، بل يقاتلون لأجل القتال لذا لانجد جدية في القضاء على الاعداء لان الفاشست القائم في فكره على نظرية المؤامرة تعيش على ازمة وجود العدو والخوف من العدو لذا قد يكتفي باستعراض القوة من اجل الابتزاز السياسي .
10. احتقار الضعفاء
تفضيل نُخبة معينة من القادة او القائد الاوحد والنظر إلى عائلة معينة او شريحة اجتماعية معينةعلى أنهم أعلى واسمى من غيرهم سمة مميزة لكل الأيدولوجيات الرجعية، والفاشية على رأسها وتحقير الاتباع ووتوبيخهم دوما والعمل على اخضاعهم بل واذلالهم واتهامهم مهما فعلوا وقدموا من طقوس ولاء او طاعة .
11. كلهم أبطال
يُؤهَّل كل شخص في عائلة القائد الفاشست ليكون بطلًا في اعلام الفاشية ، فالبطولة في الفاشية هي القاعدة العامة للزعماء وليست الاستثناء، ويتفق تقديس البطولة مع عشقهم للعنف في ازالة الاخر والاصطدام به.
12. الرعونة
يقتضي ازداء اي فعل عقلاني او اي سلوك للتهدئة او رغبة في التخطيط او التفاوض مع الاخر او ثبوت الموقف والقرار ان يكون القرار القيادي قرارا ارعنا مزاجيا نابع من جهل تام بالامكانيات المتاحة وقوة الاخر بل ونابع عن جهل تام بالمراد فالهم الوحيد هو الظهور الاعلامي دائما لذا المواقف الصبيانية المتقلبة سمة هامة من سمات السلوك الفاشي للقائد.
13. الشعبوية الانتقائية
تعني أن يعتمد القادة على الخطب الحماسية العاطفية التي تؤجج المشاعر دون إعطاء معلومات وبيانات واضحة دقيقة دون شفافية مع القاعدة تخاطب العقول؛ بهدف توجيه قوى الشعب وكسب تأييدها، كما يمكن استخدام وسائل الإعلام الحديثة والإنترنت في عصرنا للغرض ذاته.
14. اللغة الخيالية
يستخدم الخطاب الفاشي اللغة الخيالية أو ما يُعرف بـ(Newspeak) في الكتب المدرسية؛ أداةً لتحجيم حرية الفكر والقضاء على روح التفكير الناقد، الذي يخالف فكر الفاشية بطبيعة الحال.
يمكن من السمات الأربعة عشرة الوصول إلى أن روح الجمود والتعصب تهيمن على الفاشية العراقية ؛ إذ تدور معظم الصفات عن رفض الآخَر، سواءً كان آخر مختلفًا في الفِكر او الانتماء، بالإضافة إلى تقديس القوة ورفض أي مظهر ضعف، وكذلك رفض أي فرصة لإحلال السلام مع العدو.
هذه كلها صفات لا تصلح لإقامة دولة متقدمة، تقوم على التسامح والعدل والمساواة وتقبل الآخَر، وتسعى للتطور المستمر واحتضان الحداثة، بل ان خطورتها تكمن في نشوء مافيا سلطة منظمة تعمل على تحطيم الوطن الدولة والشعب وتمزيقه.